العدد 1654 /5-3-2025

نايف زيداني

نشر جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، مساء الثلاثاء، النتائج الرئيسية للتحقيق الداخلي الذي أجراه حول أدائه في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يوم تنفيذ حركة حماس عملية طوفان الأقصى، والسنوات التي سبقتها، معرباً عن تحمّله مسؤولية الإخفاق الاستخباراتي، ومحملاً بالمقابل المستوى السياسي والجيش مسؤولية ما حدث. من ناحيتهم، هاجم مقرّبون من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو رئيس الشاباك رونين بار، معتبرين أنه فشل في مهامه.

ويدّعي "الشاباك" أنه أوصى المستوى السياسي بالعمل الاستباقي ضد حركة حماس وتجنب الانجرار إلى جولات القتال. ومع ذلك، يعترف "الشاباك" بأنه فشل على مدار سنوات في التعرّف إلى خطة حماس للهجوم، رغم امتلاكه لها. وأدى هذا الفشل المستمر إلى الإضرار بجمع المعلومات الاستخباراتية والقدرة على اتخاذ قرارات في الليلة التي سبقت الهجوم.

ويركّز التحقيق على عملية اتخاذ القرارات داخل الجهاز، في الساعات التي سبقت هجوم حماس. وبحسبه، فإنه "على الرغم من أنه في الليلة الواقعة بين السادس والسابع من أكتوبر كان بحوزة الجيش الإسرائيلي مؤشران لنشاط غير عادي، إلا أنه لم يبلغ الشاباك بهما. وبعد بضع ساعات من ذلك، نتيجةً لتفعيل بطاقات الهاتف (شرائح سيم) من قبل عدة ألوية في حماس، أصدر الشاباك تحذيراً للأجهزة الأمنية".

تحقيقات إسرائيلية: الضيف كان على وشك إلغاء "طوفان الأقصى"

وعلى الرغم من تحفّظ "الشاباك" إزاء هذا التحذير، فقد كُتب فيه أنه "يشير إلى أحداث استثنائية، ومع وجود مؤشرات إضافية، قد تدل على نشاط هجومي لحماس"، ونُقل "في غضون وقت كافٍ لرفع مستوى التأهب وإعادة ترتيب الجهوزية في المنطقة"، رغم أنه لم يكشف عن حجم الهجوم وموعده.

وذكر بيان "الشاباك" حول التحقيق أن الجزء الأكبر من التحقيق يحتوي على مواد استخباراتية وأدوات وأساليب عمل سرية، وبالتالي هناك قيود على نشره بشكل كامل. ويشير التحقيق إلى أنه بعد ساعة ونصف من تشغيل شرائح الهواتف، عند الساعة 4:30 صباحاً، عقد رئيس "الشاباك" رونين بار اجتماعاً مع رؤساء المناطق في المنظمة، حيث تقرر إرسال فريق من المقاتلين إلى الجنوب استجابةً لاحتمال وقوع عملية اختطاف. ومع ذلك، لم يكن هذا الإجراء متناسباً مع حجم الأحداث على الأرض في صباح الهجوم. ووفقاً للتحقيق، يعكس هذا القرار "نقصاً في المعلومات المتوفّرة في ذلك الوقت، سواء بسبب عدم وجود خطة الهجوم على طاولة اتخاذ القرارات، أو بسبب قلة أجهزة الاستشعار والثغرات في التغطية".

واعتبر "الشاباك" أن تقييد حرية نشاطه في قطاع غزة، الذي "تصرف كمنطقة مغلقة"، وفقاً للتحقيق، أضرّ بجمع المعلومات الاستخباراتية خلال السنوات التي سبقت الهجوم، وأثّر على تجنيد العملاء هناك". بالإضافة إلى ذلك، ذكر التحقيق أن توزيع المسؤوليات بين الشاباك والجيش الإسرائيلي لم يتناسب مع الوضع على الأرض. وأوضح أنه كان من المناسب أن يتحمل الجيش مسؤولية التحذيرات المتعلقة بالحرب، بينما يتولى الشاباك التحذيرات المتعلقة بالعمليات. إلى جانب ذلك، يعتقد مسؤولو الشاباك أن قسم الأبحاث في المنظمة "حذّر بوضوح من العجز التحذيري، الذي سيؤدي إلى جرأة متزايدة لدى مختلف الخصوم، بما في ذلك حماس".

ووجّه الشاباك في تحقيقه انتقادات إلى المستوى السياسي، إذ ادّعى أن "سياسة الهدوء" تُعتبر من الأسباب الرئيسية لبناء قوة حماس، بطريقة مكّنتها من تنفيذ الهجوم. بالإضافة إلى ذلك، يشير التحقيق إلى أن "الانتهاكات (الإسرائيلية) في الحرم القدسي (المسجد الأقصى)، وطريقة معاملة الأسرى (الفلسطينيين)، والتصوّر بأن المجتمع الإسرائيلي قد ضعف نتيجة تآكل التماسك الاجتماعي"، أي بسبب خطة تقويض القضاء التي تقودها الحكومة والاحتجاجات والانقسامات الداخلية، عوامل ساعدت في بناء قوة حماس.

وادّعى الشاباك أنه على مدار السنوات، لم يعتبر أن حماس كانت مرتدعة، ووفقاً للتحقيق، في أكتوبر 2021، مع تولي رونين بار منصب رئيس الشاباك، جرى إرسال عمل استراتيجي إلى المستوى السياسي، حيث كُتب أنه "لا يمكن الموافقة على وجود كيان إسلامي (على نهج الإخوان المسلمين) ذي قدرات عسكرية وعلاقة بمحور الشيعة" في قطاع غزة، وأنه يجب توجيه ضربة لحماس من خلال "الدمج بين ضربة عسكرية، والحد من التهريب، وآلية مصرية تمنع التسلّح العسكري".

بالإضافة إلى ذلك، أوصى المسؤولون في المنظمة بـ"سياسة استباقية وتجنّب الانجرار إلى جولات قتال"، وأشاروا إلى أنه في سبتمبر/ أيلول 2023 حذّروا من "أننا ندخل فترة غير مستقرة"، وأوصوا باغتيال قادة كبار في فصائل المقاومة في قطاع غزة.

ونقلت وسائل إعلام عبرية بياناً صادراً عن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، على لسان مقرّبين منه، يدّعي أن "استنتاجات تحقيق الشاباك لا تتناسب مع حجم الفشل والإهمال الكبير للمنظمة وقائدها". وبحسب المقرّبين من نتنياهو، "فشل رئيس الشاباك تماماً في تعامله بكل ما يتعلق بمنظمة حماس بشكل عام، وفي السابع من أكتوبر بشكل خاص". وأضاف البيان أن بار أخطأ في قراءة صورة الاستخبارات في الأيام التي سبقت هجوم حماس وأن ذلك ظهر في "تقييم الوضع في الأول من أكتوبر، حيث أوصى بمنح حماس امتيازات مدنية مقابل الهدوء، وفي تقييم الاستخبارات الذي قُدم لرئيس الوزراء في 3 أكتوبر، حيث أكد بشكل قاطع أن حماس تسعى لتجنب مواجهة مع إسرائيل". وزعمت مصادر مقربة من نتنياهو أن بار امتنع عن إيقاظ نتنياهو ليلة الهجوم، وهو "القرار الأساسي والبديهي الذي يجب أن يحدث".