استحقاق انتخاب الرئيس .. هل ينجح القطريون حيث أخفق الفرنسيون؟
كلمة الأمان العدد 1581 /27-9-2023

اثنتا عشرة جلسة كان آخرها في 14 حزيران الماضي عقدها المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية ولم ينجح بذلك لأنّ بعض النوّاب أو بعض الكتل النيابية كانوا يتسرّبون من القاعة العامة إلى خارجها لإفقاد الجلسة نصابها القانوني والدستوري، وبالتالي تعطيل انتخاب الرئيس. والعديد من الجولات والوساطات التي قادها مبعوثون فرنسيون لم تنجح أيضاً في تدوير الزوايا وفي إقناع الكتل النيابية والقوى السياسية بضرورة انتخاب رئيس يكون محل قبول وثقة وقناعة كلّ اللبنانيين أو أغلبهم على أقلّ تقدير. ربما يعود السبب في ذلك إلى عدم ثقة واطمئنان بالطرح الفرنسي الذي ظهر كما لو أنّه يعمل من أجل تأمين مصالح فرنسا على حساب انتخاب رئيس للجمهورية، أو لنقل إنّه أراد تقديم المصلحة الفرنسية وصفقاتها مع القوى المحلية والإقليمية على حساب المصلحة اللبنانية التي تتطلّب انتخاب رئيس يعمل على حلّ الأزمات ويعيد الاعتبار للعلاقات اللبنانية مع العمق العربي بشكل أساسي، ويؤمّن نوعاً من التوازن الداخلي بين القوى السياسية والمكوّنات اللبنانية، وليس رئيساً يكون محسوباً على طرف داخلي أو محور خارجي، أو على أقلّ تقدير لا يظهر بهذا المظهر. عبثاً حاول الفرنسيون بعد فقدان الثقة بهم، وهم إلى الآن ما زالوا يتحرّكون على خطوط الوساطات حتى يظلّوا شركاء بصناعة الحلّ انطلاقاً من حرصهم على مصالحهم في ضوء الضربات التي يتلقونها في غرب أفريقيا. ولكن الآن تقّدم وسيط آخر هو الوسيط القطري الذي وصل مبعوثه إلى بيروت وشرع في لقاءات مع الفاعلين في القرار الانتخابي، وهو يجسّ النبض اللبناني في مسألة الأسماء، وربما يحمل مقترحات في هذا السياق، ويستمع إلى اقترحات القوى والكتل اللبنانية، فهل ينجح القطري حيث فشل الفرنسي؟ وهل تولد التسوية على يديه وفي أي وقت؟ للتذكير فإنّ القطري قاد وساطات في أكثر من مكان وملف ونجح فيها نجاحاً واضحاً حتى بين قوى ودول كانت على طرفي نقيض كما في المسألة الأفغانية على سبيل المثال عندما استضافت الدوحة مفاوضات بين الولايات المتحدة الأمريكية وحركة طالبان. كما نجح عندنا في لبنان باستضافة حوار في العام 2008 أنتج في حين تسوية الدوحة التي أتت بالرئيس ميشال سليمان رئيساً للجمهيورية. وقبل أسابيع قليلة نجحت الدوحة في وساطة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران في ملف إنساني له بعد سياسي عندما تبادل الطرفان إطلاق مسجونين لدى كلّ منهما بالإضافة إلى الإفراج عن أموال إيرانية كانت محتجزة في كوريا الجنوبية. إذاً هي نجاحات مشهودة للوسيط القطري في ملفات حسّاسة ودقيقة ومعقّدة ومتشعّبة، ولعلّ من أسباب نجاح الوساطات القطرية أنّ المساعي الحميدة تكون مجردّة عن أيّة مصالح خاصة، وأنّ الثقة من الأطراف المتخاصمة أو المتواجهة ثقة تامة بالوسيط القطري الذي يتعامل من دون قفّازات، وبالتالي فإنّ هذه الأسباب كفيلة بنجاح المسعى القطري. غير أنّ هذه الأسباب ليست وحدها المؤثّرة باستحقاق الرئاسة اللبنانية والكفيلة بإقناع القوى المعطّلة التي تتقاذف المسؤولية بالتعطيل، بل هناك عوامل أخرى من بينها مصالح القوى الخارجية المؤثّرة، وهي بالمناسبة قوى تتعامل مع لبنان باعتباره ساحة لها. وهناك القوى الداخلية التي لها حسابات خاصة محكومة بتوازنات داخلية. وهناك المنافسة أو الصراع في المنطقة وتداخل ذلك مع ما يجري في لبنان. كلّ هذه العوامل تحتاج إلى معالجة قبل أن تصل الأمور إلى خواتيمها السعيدة، وهي ستصل يوماً لكنّه قد لا يكون قريباً. د. وائل نجم

ويبقى مخيم عين الحلوة في دائرة الخطر
كلمة الأمان العدد 1580 /20-9-2023

توقّفت الاشتباكات حالياً في مخيم "عين الحلوة" للاجئين الفلسطينيين بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار بعد جهود جبارة بذلها أكثر من طرف فلسطيني ولبناني وكان أبرزها دخول رئيس المجلس النيابي نبيه برّي على خط الوساطة، غير أنّه وكما يبدو فالنار ما تزال تحت الرماد ليس لأنّ الحلّ غير منصف أو الوساطة غير مكتملة العناصر، ولكنّ وكما يبدو لأنّ من يقف خلف تجدّد الاشتباكات لديه أجندة خاصة تهدّد المخيم بالزوال وتهدّد اللاجئين بالتهجير أو التوطين، وتهدّد القضية الفلسطينية بالتصفية. لقد ظهر من خلال تجدّد الاشتباكات كلّ مرّة أنّ وراء الأكمة ما وراءها ويأتي في طليعة ذلك محاولات تهجير اللاجئين من المخيم وإسكانهم في أماكن أخرى كمقدمة لتهجيرهم أو توطينهم وهذا يعني تصفية حقّ اللجوء والقضية الفلسطينية، وقد لاحظنا محاولة لإقامة مخيّم جديد عند مدخل صيدا الشمالي غير أنّ تدخّل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسّام مولوي حال دون إقامة المخيّم. إذاً لقد كانت محاولة هدفت إلى إسكان النازحين خارج المخيم وهو ما يعني عملياً بداية تفريغ مخيم "عين الحلوة" من اللاجئين، وهو المُسمّى بعاصمة الشتات الفلسطيني، وهو ما يعني أيضاً مخاطر تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان على اعتبار أنّ وجود مخيم "عين الحلوة" ما يزال يشكّل الضامن الأساسي لحقّ العودة ولحقّ اللاجئين. بمعنى آخر هناك قلق من أن تكون هذه العمليات مقدّمة لتصفية حقّ العودة إلى فلسطين. وهو ما يصبّ في خدمة المشروع الإسرائيلي وتدمير وتصفية القضية الفلسطينية، والسؤال البارز: من المستفيد من ذلك؟ ومن يقف خلفه؟ لقد تبادل طرفا الصراع المسؤولية عن اندلاع الاشتباكات وتوسّعها، وألقى كلّ منهما باللائمة على الآخر والحقيقة المُرّة أنّ أطراف المواجهة الحالية حوّلوا المخيم إلى ساحة بيد أطراف خارج المخيم أو خارجية تستخدمه في حساباتها أو في رسائلها أو في كلا الأمرين معاً بينما يدفع اللاجيء الفلسطيني الثمن من أمنه واستقراره واستمرار قضيته، والأنكى أنّ هذه الأطراف الخارجية ربما يعمل كلّ من موقعه لتصفية مخيم "عين الحلوة" واجتثاثه تماماً كما حصل مع مخيم "نهر البارد" في شمال لبنان كمقدمة لاجتثاث القضية الفلسطينية والإجهاز على حق العودة الذي ما يزال يشكّل ويعطي شرعية للسلاح الفلسطيني المقاوم؛ أو حتى لاجتثاث أو تقليص الوجود الفلسطيني في لبنان وهو ما يشغل تفكير بعض المجموعات اللبنانية التي ما تزال تفكّر بعقلية ضيّقة ومحدودة تعيش حالة الخوف والقلق على الدوام. الحقيقة المّرّة الثانية أنّ مخيم "عين الحلوة" ومعه اللجوء الفلسطيني في لبنان في خطر حقيقي إذ أنّ نوايا بعض الأطراف الداخلية والخارجية باتت واضحة لناحية استخدام الفلسطينيين حتى آخر لحظة ومن ثمّ تصفية قضيتهم كمقدمة لنشوء واقع جديد يسمح بمرور بعض التسويات والصفقات. د. وائل نجم

عن أحداث مخيم عين الحلوة وخطورتها
كلمة الأمان العدد 1579 /13-9-2023

انفجر الوضع الأمني من جديد في مخيم عين الحلوة بعد قرابة شهر من الهدوء الحذر الذي ساد المخيم في أعقاب الاشتباكات والمواجهات التي اندلعت مطلع الأول من آب الماضي بين عناصر من حركة فتح وآخرين من تنظيم جند الشام على ما تقول روايات أهل المخيم وفصائله. وقد أدّت موجة الاشتباكات الجديدة إلى موجة نزوح جديدة من المخيم إلى خارجه، وإلى تدمير أجزاء أخرى من المخيم لم تتدمّر في الجولة الأولى، وإلأهم من ذلك إلى بداية انقلاب في المزاج اللبناني عموماً والصيداوي خصوصاً من المخيم وحتى من اللاجئين الفلسطينيين وقضيتهم. المحيّر في اشتباكات عين الحلوة أنّ كلّ الفصائل تصرّح وتتفق على وقف إطلاق النار وسحب المسلحين وإعادة الأمور والأجواء إلى طبيعتها، وربما يحصل هذا الاتفاق كل يوم أو يومين أو ربما حتى مرّتين في اليوم الواحد، أمّا على الأرض فتجد أنّ الاشتباكات وأعمال القنص وإطلاق الرصاص تتواصل من دون أدنى اعتبار للقيادات التي تتفق في الصالونات والمكاتب، ومن أدنى اعتبار لمصير أهل المخيم، ومن أدنى اعتبار لما يمكن أن يلحق المخيم أو حتى القضية الفلسطينية من أضرار فادحة وجسيمة تصبّ بشكل أساسي في صالح العدو الإسرائيلي، وتشكّل جزءاً أو مرحلة من مراحل تصفية القضية الفلسطينية وفي مقدمها حقّ العودة. إنّ ما يجري في مخيم عين الحلوة يطرح أسئلة كبيرة عن الخلفيات والقوى الفلسطينية أو اللبنانية أو ربما الخارجية التي تقف خلف زمرة من الموتورين أو ربما من المأجورين والمرتزقة الذين لا يعون ما يقومون به بحقّ أهلهم في المخيم أو بحقّ القضية الفلسطينية، وهو ما يمكن أن يقود إلى تدمير المخيم بشكل تدريجي وممنهم وصولاً إلى التخلّص منه وهو المعروف بـ "عاصمة الشتات الفلسطينين" فماذا يبقى من هذا الشتات إذا تدمّرت عاصمته؟! وماذا سيكون مصير المخيمات الأخرى الأقلّ إمكانية وقدرة وتأثيراً في القرار الفلسطيني؟! وماذا سيكون مصير اللاجئين الفلسطينيين في لبنان؟! الترحيل ؟ أم التوطين؟ أم المزيد من العزلة والمعاناة والحصار؟! ربما يكون لدى البعض مشاريع معيّنة تهدف إلى تصفية التواجد الفلسطيني في لبنان كمقدمة لشطب حق العودة وصولاً إلى إرساء تسوية أو "سلام" معيّن مع كيان الاحتلال الإسرائيلي على الرغم من مشاهد الانتفاضة والمقاومة المتصاعدة في الضفة الغربية. وربما يكون لدى البعض الآخر مشاريع ونوايا لتصفية التواجد الفلسطيني في لبنان كجزء من التخلّص من هذه "الفوبيا" التي صنعها هذا البعض لنفسه وبات يعيش أسيراً لها معتبراً أنّ التواجد الفلسطيني في لبنان يخلّ بالتوازنات الداخلية اللبنانية وبالتالي لا بدّ من التخلّص منه أو إضعافه أو جعله يفقد أيّة قدرة على التأثير. وربما يكون الفريق الأول قد تقاطع على مصلحة واحدة مع الفريق الثاني فشرعا معاً بتنفيذ خارجة طريق غير معلنة ولكنّ هدفها المضمر هو التخلّص من اللاجئين ومن المخيمات ومن القدرة الفلسطينية على التأثير على صناعة قرارات المنطقة. لكلّ ذلك فإنّ ما يجري في مخيم عين الحلوة خطير وخطير جدّاً، وهو قد يصيب أيضاً بشظاياه مدينة صيدا فتدفع ثمناً كبيراً، ولأجل ذلك يجب أن تتحلّى القيادات الفلسطينية على اختلافها وتنوّعها بالمسؤولية تجاه قضيتهم وتجاه مستقبلها ومستقبل شركائهم اللبنانيين، واتخاذ ما يلزم بشكل جدّي حقيقي لوضع حدّ لهذه الأحداث التي تبدو بسيطة ولكنّها تخفي خلفها مشروعاً خطيراً يستهدف عمق القضية الفلسطينية ويؤسّس لشكل جديد في المنطقة قد يمتدّ لمئة عام قادمة. د. وائل نجم

عن الدعوة إلى الحوار لإنجاز الاستحقاق الرئاسي
كلمة الأمان العدد 1578 /6-9-2023

العنوان الأساسي والرئيسي الذي استحوذ على اهتمام الوسط السياسي الأسبوع الماضي هو دعوة رئيس مجلس النوّاب، نبيه برّي، الكتل النيابية وممثّليها إلى حوار داخل أروقة المجلس النيابي لمدة سبعة أيام كحدّ أقصى، ومن ثم عقد جلسات متتالية للمجلس النيابي حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً، بمعنى آخر ربما، حتى الوصول إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية. في المبدأ، وفي الأصل أنّ أغلب إن لم نقل كلّ الكتل النيابية والقوى السياسية أعلنت مراراً وتكراراً أنّها ليست ضد الحوار، ولكنّ كلّ واحدة منها كانت تراه من منظورها الخاص، ووفق شروطها الخاصة، ولذلك سارع بعضها إلى رفض الدعوة وإعلان عدم المشاركة، بل حتى التشكيك بخلفياتها. في المبدأ، وفي الأصل أيضاً أنّ العنوان الذي من المفترض أن ينعقد الحوار عليه هو انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وفي الأصل أنّ هذا العنوان لا يحتاج إلى حوار طالما أنّ الدستور أوضح الآليات الدستورية لإنجاز عملية الانتخاب، فما الداعي وما الحاجة إلى حوار في مثل هذا الوضع إلاّ إذا خرج البعض وخالف ما أعلنه الدستور وأوضحه لهذه الناحية!

حول وصول سفينة التنقيب عن النفط إلى لبنان
كلمة الأمان العدد 1576 /23-8-2023

مشهد قيام بعض المسؤولين اللبنانيين بزيارة سريعة وخاطفة إلى سفينة التنقيب عن النفط التابعة لشركة "توتال" الفرنسية في المياه الإقليمية اللبنانية، والتي من المفترض أن تبدأ رحلة البحث والاستكشاف عن النفط والغاز في الحقل رقم "9" الذي كان محل نزاع بين لبنان وكيان الاحتلال الإسرائيلي، قُدّم إلى اللبنانيين كما لو أنّهم حقّقوا به نصراً مبيناً! مع الاعتراف أنّ المهمّة الموكلة بها هذه السفينة هي فقط الاستكشاف لمعرفة إذا ما كان هذا الحقل يحوي كميات مهمّة من النفط والغاز كما كان يجري التداول في أوقات سابقة. بمعنى آخر أنّ النتائج غير مضمونة إن لناحية الكميّات المتوفّرة من النفط والغاز في هذا الحقل، وإن لناحية الاستخراج إذا كان الحقل يحوي على كميّات مغريّة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنّ مسألة بدء التنقيب والاستخراج يحتاج، للأسف، إلى موافقة كيان الاحتلال الإسرائيلي لأنّ اتفاق ترسيم الحدود البحرية الموقّع العام الماضي تضمّن هذا البند حيث اشترط اتفاقاً بين الشركة التي ستعمل على التنقيب والاستخراج، وهي "توتال" وبين حكومة الاحتلال على نسبة معيّنة من الكميّات المستخرجة تعود إلى دولة الاحتلال، وبالتالي فإنْ اختلفت الشركة وحكومة الاحتلال على هذه النسبة ولم يتفقا عليها فإنّ الحفر والتنقيب والاستخرج في مهب الريح، وعليه فإنّ رحلة سفينة الاستكشاف طويلة ومن بعدها حتى الحفر والاستخراج، فلماذا كلّ هذا الحفل وهذا الصخب اللبناني والفرنسي (شركة توتال فرنسية) على خطوة متواضعة لا تُعدّ شيئاً مهمّاً؟! في الجانب اللبناني يعني المسؤولين إبراز مثل هذه الخطوات وتضخيمها في ظلّ الانهيار المالي والاقتصادي على اعتبار أنّها تشكّل مدخلاً ومقدمة للحلول والأزمات اللبنانية المالية والاقتصادية بحيث يحوّل لبنان مع اكتشاف كميّات الغاز والنفط المدفونة في الحقل رقم "9" إلى دولة نفطية وغازية، ومن ثمّ يمكنه أن يستدرج عروضاً بعد ذلك لأخذ قروض مالية مقابل رهن هذه الثروة المدفونة في عمق البحر لشركات أو لدول أو لصناديق وبنوك دولية، وذلك استكمالاً للسياسات المالية التي اتُبعت منذ بداية تسعينات القرن العشرين مع حكومات الرئيس الشهيد رفيق الحريري التي راهنت في حينه على السلام والتسوية بين العرب وكيان الاحتلال، وبالتالي اتبعت سياسة الاستدانة على اعتبار أنّ التسوية ستكون كفيلة بشطب ديون لبنان المالية. اليوم في ظلّ الأزمة، وفي حال استكشاف النفط والغاز ستتجدّد السياسات المالية ذاتها لناحية الرهان على الاستدانة من الخارج مقابل رهن النفط والغاز، والمفارقة أنّ أغلب القوى السياسية التي كانت تنتقد السياسات المالية السابقة ستعود وتلتزم بها من جديد وتقدّمها إلى اللبنانيين كما لو أنّها انتصار وإنجاز عظيم. إلى ذلك وجد المعنيون أن وصول السفينة فرصة لإلهاء الشعب اللبناني عن أزماته اليومية في ظل غياب الحلول، و"إبرة" تخدير جديدة على أعتبار أنّ السفينة تحمل الترياق لهم! ولكنّ الحقيقة غير ذلك إذ أنّ هؤلاء أنفسهم سيختلفون غداً على الثروة انطلاقاً من مبدأ المحاصصة المعمول به، وسيجعلونها تذهب أدراج الرياح، بمعنى آخر لن يجد منها المواطن اللبناني سوى الفتات.

حادثة الكحّالة .. القادم قد يكون الأخطر
كلمة الأمان العدد 1575 /16-8-2023

حادثة بلدة الكحّالة الأخيرة في قضاء عالية أظهرت أظهرت بما يدع مجالاً للشكّ أنّ البلد يعيش على فوّهة بركان أو على شفير المجهول. فانقلاب شاحنة كانت تحمل، وفق الرواية الرسمية، أسحلة تعود إلى حزب الله، كادت أن تقلب البلد رأساً على عقب وتدخله في مجهول ربما الحرب الأهلية المشؤومة في سبعينات وثمانينات القرن العشرين بالنسبة له لا تشكّل شيئاً. وكشفت أنّ كلّ الحديث عن تحالفات أو تفاهمات أو تعايش يمكن أن يذهب في لحظة انفعال أدراج الرياح. فالشاحنة التي انقلبت بشكل طبيعي جراء سبب ما على ذاك "الكوع" (المنعطف) ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، وقد اندفع أهالي البلدة إلى إغاثة الشاحنة أولاً، وعندما اكتشفوا أنّها تحمل أسحلة لحزب الله تحوّل الموقف إلى رفض مرورها في البلدة، ومن ثمّ رفض رفعها بل ومحاولة وضع اليد على حمولتها، وتطوّر المشهد إلى إطلاق نار متبادل بين أهالي البلدة وعناصر كانت مولجة حماية الشاحنة أدّى إلى سقوط قتيلين من الطرفين، وكاد المشهد يشعل فتنة بين حزب الله والبيئة المسيحية لولا تدارك الموقف وتدخّل الجيش وإنقاذ الوضع عبر استلام الشاحنة وسوقها من قبل عناصر الجيش إلى مركز عسكري. تزامنت هذه الحادثة مع انسداد أفق الحلول السياسية لأزمة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ومع جمود على مسارات المنطقة المختلفة بما يوحي بأنّ أيّة تسوية أو صفقة قريبة بين الأطراف الفاعلة في المشهد الإقليمي لن تكون قريبة، وهذا وحده كفيل برفع منسوب القلق في لبنان لناحية استخدامه ساحة لتنفيس الاحتقان الإقليمي والدولي، أو وسيلة من وسائل الضغط المتبادلة بين الأطراف المعنية. صحيح أنّ حادثة الكحالة جاءت عرضية من دون تخطيط أو تصميم من أي طرف، ولكنّ الصحيح أيضاً أنّها كادت تحوّل البلد إلى مسار آخر، وربما جرى استغلال ذلك من قبل أطراف داخلية أو خارجية لتكون الحادثة محاولة لتعميم الفوضى المنظّمة والمحدودة في لبنان بهدف شغْل بعض القوى اللبنانية عن الاهتمامات الخارجية واستنزافها في الرمال اللبنانية، وهو ما يمكن أن يجعلها تراجع حساباتها وتتخلّى عن بعض مواقفها الداخلية لصالح إنتاج تسوية معيّنة ولو كانت ظرفية أو مؤقّتة.

عن بيان اللقاء الخماسي في الدوحة حول لبنان
كلمة الأمان العدد 1572 /26-7-2023

منذ بضعة أيام عقدت الدول التي تصنّف نفسها صديقة للبنان ويعنيها أمره وتحاول العمل على تقريب وجهات النظر اللبنانية من بعضها بهدف الوصول إلى حلول تمكّن من إجراء الاستحقاق الرئاسي على اعتباره مفتاحاً لكافة الأزمات الأخرى، عقدت هذه الدول وهي الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية ومصر وفرنسا وقطر لقاءً على مستوى مندوبي هذه الدول ناقشت خلاله الوضع اللبناني حصراً، ورأت بحسب بيان أصدرته أنّ مفتاح الأزمة هو بانتخاب رئيس جديد، ودعت القيادات اللبنانية إلى الإسراع بانتخاب رئيس وفق الأطر الدستورية المعمول بها، والشروع في إصلاحات اقتصادية وسياسية وصولاً إلى استقرار البلد وفتح الطريق أمام الحصول على المساعدات المالية التي يحتاجها لبنان، سيّما من صندوق النقد الدولي، وفي مقابل ذلك لوّحت الدول الخمس بحسب بيانها باضطرارها إلى اتخاذ إجراءات عقابية بحق معرقلي الانتخاب، غير أنّها لم تسمّ أولئك المعرقلون حتى أنّها لم تشر إليهم مجرد إشارة، واكتفت بعد ذلك بالبيان. السؤال الآن : هل سيدفع هذا البيان وهذا الموقف التحذيري المعرقلين، وبالمناسبة كل فريق يتهم الفريق المقابل بعرقلة الانتخاب، إلى تسهيل الانتخاب وتالياً وضع البلد على سكّة الحلّ؟ من الواضح حتى الآن أنّ كل طرف من الأطراف ما زال يتمسّك بموقفه من الاستحقاق الرئاسي، وقد كان آخر المواقف الواضحة والبارزة موقف رئيس المجلس النيابي نبيه برّي الذي حذّر من مصيبة كبرى بحق البلد إذا لم يصار إلى انتخاب رئيس قبل نهاية العام، وفي موازاة ذلك ظلّ متمسّكاً بمرشحه للرئاسة سليمان فرنجية. وكذلك فعل حزب الله في كل مواقفه التي أطلقها على لسان قادته ومسؤوليه في الاحتفالات التي ينظّمها لمناسبة عاشوراء مشدّداً ورافضاً بشكل جازم أي تدخّل خارجي بالاستحقاق الرئاسي في إشارة واضحة إلى عدم رضاه عن بيان الدوحة الأخير. في مقابل هذه المواقف ظلّ الفريق الآخر الذي تقاطع على ترشيح وانتخاب الوزير السابق جهاد أزعور على مواقفه أيضاً، ورفض فكرة الرئيس المنتمي إلى محور من المحاور معتبرين أنّ سليمان فرنجية ينتمي إلى محور وليس وسطياً بخلاف جهاد أزعور الذي يمثّل خطّاً وسطياً في البلد. وأمام هذه المواقف بات المرء حائراً من الذي يعطّل الاستحقاق الرئاسي؟! وبالتالي على من ستفرض الإجراءات العقابية التي ستأخذها الدول الخمسة أو بعضها؟! قبل نهاية الشهر الجاري من المفترض أن يكون قد وصل إلى لبنان مبعوث الرئيس الفرنسي، جان إيف لودريان، حاملاً معه مقترحات معيّنة لحلّ الأزمة، خاصة وأنّه كان قد أتى في وقت سابق واستمع بحسب إفادته إلى وجهات نظر ومواقف القوى اللبنانية. وقد تردّد في بيروت أنّ المبعوث الفرنسي الذي كانت بلاده تسوّق للمرشح سليمان فرنجية تراجع خطوة إلى الوراء أمام الإصرار الأمريكي والسعودي بحسب ما أفادت الكثير من المصادر التي تابعت اللقاء الخماسي، ومن المعروف أنّ فرنسا لا تملك قوة تأثير في لبنان كما تملك كلّ من الولايات المتحدة والسعودية، وبالتالي فقد اضطرت باريس إلى التراجع عن تبنّي خيار انتخاب فرنجية لصالح مرشح ثالث لم يبرز اسمه بعد، فهل يأتي لودريان باسم المرشح الثالث أم يأتي بقائمة عقوبات تطال معرقلي الانتخاب؟ من الواضح أنّ القوى المؤثّرة بالاستحقاق الرئاسي، وبغض النظر عن كل ما يُقال، هي قوى إقليمية دولية أكثر مما هي قوى محلية، وأنّ إنجاز الاستحقاق لن يأتي إذا لم يتم أخذ مصالح كافة القوى المؤثّرة بغض النظر قبل ذلك الداخل أو الخارج أم لم يقبل، وهنا نتحدث عن إيران التي لها مصالح ولديها ملفات وتبحث عن رعاة لمفاوضاتها حول الملف النووي وغيره من الملفات، وأغلب الظنّ أنّ انجاز الاستحقاق الرئاسي سينظر حتى إيجاد حلول لكل هذه الملفات، وأمّا الحديث عن عقوبات فهي لا تطال إلاّ المواطنين الفقراء والبسطاء، ويجب أن يدرك ذلك من يريد أن يتخذها حتى لا يلحق بهم المزيد من الأذى تحت عنوان مساعدتهم للخروج من أزمتهم.

اللقاء الخماسي واستحقاق انتخاب الرئيس
كلمة الأمان العدد 1571 /19-7-2023

قبل بضعة أيام انعقد في الدوحة اللقاء الخماسي الذي ضمّ مجموعة دول هي إضافة إلى قطر : الولايات المتحدة الأمريكية، المملكة العربية السعودية، مصر، وفرنسا وتركّز البحث خلاله على مساعدة لبنان على تخطّي أزمة انتخاب رئيس جديد بعد مرور قرابة تسعة أشهر على الشغور والفراغ في سدّة الرئاسة الأولى، وقد شدّد البيان الختامي الذي صدر عن اللقاء على ضرورة إنهاء حالة الفراغ، وانتخاب رئيس بمواصفات تساعد على حلّ الأزمة الاقتصادية والأزمات الأخرى التي يعاني منها لبنان وفي مقدمها أزمة العلاقات مع دول العمق العربي، فضلاً عن ضرورة إجراء إصلاحات إدارية واقتصادية وسياسية تضمن الاستقرار، وشدّد اللقاء أيضاً على الالتزام بالدستور والقانون في مسألة انتخاب رئيس جديد دون الذهاب إلى حوارات ضيّقة أو واسعة قد تفضي إلى تعميق الأزمة أكثر مما يمكن أن تفضي إلى الحلّ، وأشار اللقاء الخماسي إلى إجراءات عقابية يمكن أن يتخذها المشاركون فيه فضلاً عن دول أخرى بحق المعرقلين لانتخاب الرئيس. والحقيقة أنّها المرّة الأولى التي يتحدث فيها مندوبو هذه الدول بهذه الطريقة والوضوح، ولكنّ السؤال في المقابل، ما هو الضامن أو الشيء الذي يمكن أن يدفع المعرقلين، الذين ظلّوا مجهولين في بيان اللقاء الخماسي، إلى تسهيل عملية الانتخاب وفق الآليات الدستورية؟ وهل أنّ الإجراءات العقابية التي جرى الحديث عنها يمكن أن تحدّ من عرقلتهم؟! أو بالأحرى يمكن أن تدفعهم إلى التراجع؟! ثمّ ألا يمكن أن تصيب أيّة إجراءات عقابية الشعب اللبناني قبل أن تصيب المعرقلين؟! تماماً كما يجري في بعض العقوبات التي صدرت وتصدر من بعض أعضاء هذا اللقاء؟! للإجابة على هذه الأسئلة لا بدّ من الإشارة إلى أنّ المعرقلين الذين أشار إليهم بيان اللقاء الخماسي هم وفقاً لما أوحى إليه البيان حزب الله والفريق الذي يقف معه، وهنا تحديداً لا بدّ أن نتذكر أنّ الفريق الذي يقف مع الحزب بشكل أساسي اليوم هو رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وأمّا الحليف الآخر للحزب وأقصد التيار الوطني الحر فقد بات في المقلب الآخر يوم "تقاطع" مع الأطراف الآخرى على تسمية ودعم وانتخاب الوزير السابق جهاد أزعور؛ وأمّا النوّاب المنفردين في تحالف الحزب فهم متردّدين في تحالفهم ولهم قنواتهم الخاصة التي تقيهم شرّ الإجراءات العقابية التي يمكن أن تُتخذ من أعضاء اللقاء الخماسي، وعلى هذا الاساس يبقى المستهدف المحتمل في هذه الإجراءات حزب الله وحركة أمل. بالنسبة لحزب الله فإنّ العقوبات التي صدرت بحقّه من الولايات المتحدة الأمريكية ومن غيرها في وقت سابق لم تؤثّر عليه ولم تدفعه إلى تغيير مواقفه من الكثير من المسائل، ولا أحسب أنّ دول أعضاء اللقاء الخماسي كلّها متفقة أو يمكنها أن تتخذ الإجراءات العقابية ذاتها بحقّ الحزب، وعليه فمن غير المؤمّل أن تغيّر هذه الإجراءات من مواقفه. وأمّا بالنسبة لحركة أمل ولرئيسها فإنّ الجميع يدرك أنّ أيّة إجراءات عقابية يمكن أن تؤثّر بشكل كبير عليها، ولكنّ ذلك سيجعل جمهورها ينقلب إلى تأييد مواقف الحزب بشكل واسع وهو ما لا يمكنها في ظلّه أن تغيّر موقفها من مسألة الانتخاب، وبالتالي فإنّ الإجراءات بحقّها ستعطي نتائج عكسية. هذا إذا اعتبرنا أنّ المعرقل في نيّة اللقاء الخماسي هو هذا الطرف. وأمّا إذا كان يعتبر أنّ الأطراف الأخرى في المقلب الآخر هي التي تعرقل الانتخاب، فإنّ أيّة إجراءات عقابية بحقّها بكلّ تأكيد ستكون مؤلمة، ولكنّنا عندها سنكون على يقين أنّ لبنان دخل مرحلة تسوية لحساب طرف على حساب أطراف أخرى، ولا أحسب أنّ ذلك قائم حالياً. الواضح حتى هذه اللحظة أنّ المراوحة هي سيّدة الموقف، والأزمة ستكون متسمرة، والواقع قد يزداد تعقيداً وصعوبة بانتظار إنجاز تسوية أو صفقة تشمل المنطقة كلّها لأنّه بات من الصعوبة معالجة أزمة في قطر من الأقطار بمعزل عن معالجة بقية الأزمات في الأقطار الأخرى.

عن أزمة حاكمية مصرف لبنان وصلاحية الحكومة
كلمة الأمان 1570/12-7-2023

الشغل الشاغل الذي يشغل الوسط السياسي المحلي في هذه الأيام هو قضية انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، آخر شهر تموز الجاري من دون التوصّل إلى كيفية ملء هذا الشغور في هذا الموقع الإداري المالي المهمّ في ضوء رفض نوّاب الحاكم استلام مهمّته في حال الشغور وقد أصدروا بياناً قبل أيام لوّحوا فيه بالاستقالة الجماعية. وفي ضوء رفض قوى سياسية تعيين حاكم جديد للمصرف في ظل الشغور الرئاسي وعدم وجود رئيس جمهورية أصيل، على اعتبار ذلك ضرباً للدور المسيحي في النظام، وإمعاناً في الشغور الرئاسي. وفي ضوء رفض قوى أخرى التمديد للحاكم سلامة في موقعه ريثما تنجلي الأمور في معركة رئاسة الجمهورية ويتضح الخيط الأبيض من الخيط الأسود فيها. من الواضح إذاً إنّنا على أبواب أزمة جديدة لا تقلّ شأناً وأهمية عن باقي الأزمات، بل ربما تكون أخطرها خاصة إذا ما شغر المنصب ولم نجد في الأول من آب من يتحمّل المسؤولية ويتخذ القرار المناسب في المسائل والقضايا المالية محل صلاحية المصرف المركزي. وعلى هذا الأساس فإنّ المطلوب في الأيام المتبقيّة من شهر تموز إيجاد حلّ مناسب ولو طارىء لهذه الأزمة، ولو كان مرحلياً أو ظرفياً بحيث يكون لفترة زمنية محدّدة كما حصل في مسألة المجالس البلدية التي تمّ التمديد لها عاماً كاملاً كحدّ أقصى، وفي حال توفّرت الظروف لإجرائها قبل نهاية العام فيصار إلى إجرائها فوراً. هكذا يمكن أن تأخذ الحكومة قراراً إمّا بالتمديد لسلامة لفترة محدّدة ترتبط أساساً بانتخاب رئيس جمهورية أو بتغيير في الواقع يسمح بالتعيين. أو أن تأخذ قراراً بتعيين غيره في هذا المنصب لفترة محدّدة أيضاً ثم تنتهي عندما يكون هناك فرصة لتعيين أصيل. أو أن تكلّف النائب الأول أو الثاني أو أي من نوّاب الحاكم المهمّة لفترة محدّدة أيضاً. المهمّ أن يكون هناك حلّ ولو لمدة معيّنة يكون أفضل من حالة الشغور والفراغ في هذا المنصب لما يترتّب على ذلك من أخطار. وبما أنّ الحكومة مسؤولة بشكل أساسي عن الموضوع فواجبها أن تبادر ولتتحمّل القوى السياسية والكتل النيابية بعد ذلك مسؤوليتها عن إيجاد الحلّ. وأمّا فيما خصّ صلاحية الحكومة، وهذا الشق الثاني من الموضوع، فإنّ الدستور كان واضحاً لناحية تصريف الأعمال، خاصة في الأمور والظروف الطارئة والمُلحّة، وهل هناك أكثر إلحاحاً وأهمية من تنظيم وضبط القضايا التي تساعد على ضبط الواقع المالي في ظلّ الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلد؟! وعلى هذا الأساس فإنّ قيام الحكومة باتخاذ قرار يخصّ هذه المسألة من القضايا الاضطرارية التي أباح الجميع انعقاد الحكومة لأجلها (جلسات الضرورة). وأمّا فيما خصّ الشغور الرئاسي فإنّ ذلك ليس له علاقة بهذا الجانب من موضوع الحاكم المركزي، فصلاحيات رئيس الجمهورية تنتقل إلى الحكومة مجتمعة وليس إلى رئيسها، وبالتالي فإنّ الحكومة التي تتمثّل فيها كل المكوّنات هي صاحبة القرار أو الحق باتخاذ ما يلزم في ظلّ شغور موقع الرئاسة الأولى، وعليه فإنّ الحكومة صاحبة حقّ وصلاحية في هذا الموضوع، وعليها أن تبادر إلى ممارسة حقّها ودورها لإيجاد حلّ لهذه الأزمة الإضافية فاللبناني يكفيه ما يعانيه، ولتضع بعد ذلك الأطراف والقوى السياسية والكتل النيابية أمام مسؤوليتها حيال هذا الواقع. أمّا أن تبقى الأمور متروكة من دون محاولات أو اقتراح حلول فإنّ المسؤولية ستقع عند ذلك ابتدءاً على الحكومة، ومن ثمّ بعد ذلك على القوى السياسية، ومن يتحمّل نتائجها هو الشعب اللبناني بشكل أساسي. إنّ الحكومة اليوم صاحبة صلاحية وعليها أن تبادر لدراسة الموضوع واتخاذ ما يلزم من قرار لأنّ أيّة نتيجة ستصدر بعد ذلك ستكون بكلّ تأكيد أقلّ كلفة من شغور المنصب والدخول في متاهات جديدة لا نعرف حجم تأثيرها ولا إلى أين يمكن أن تقود البلد!. د. وائل نجم

من يساعدنا إذا لم نساعد أنفسنا؟!
كلمة الأمان العدد 1568 /21-6-2023

الأسبوع الماضي في الرابع عشر من حزيران انعقدت جلسة مجلس النوّاب الثانية عشرة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، ثمّ طار النصاب، وطار معه انتخاب الرئيس، وطارت معه فرص الولوج إلى الحلّ، وعادت الأمور إلى المربّع الأول، مربّع الانتظار والمراوحة والحديث الممجوج عن الحوار والتفاهم والاتفاق في وقت يتمسّك كلّ فريق وطرف بمواقفه دون أن يتزحزح عنها قيد أنملة. فكيف يمكن أن يتولّد الحلّ؟! جلسة الرابع عشر من حزيران أثبتت عملياً ما كان وما يزال يقوله الجميع من أنّ أيّ فريق من القوى السياسية التي تشغل مقاعد المجلس النيابي لا يمكنه انتخاب رئيس لأنّه ببساطة لا يملك الأغلبية لتأمين انعقاد الجلسة أو لتأمين الأغلبية لمرشحه، فماذا يعني الانتظار إذاً؟؟ الانتظار يعني بصراحة المكابرة والمزيد من المتاجرة بمستقبل وحياة ومعاناة اللبنانيين لحساب مصالح خاصة ضيّقة وحزبية أو ربما طائفية مذهبية، إذا لم نقل لحساب قوى خارجية تستخدم لبنان في مفاوضاتها أو في صراعاتها الإقليمية والدولية. وماذا يفيد اللبنانيين هذا الانتظار؟ سوى أنّهم يدفعون الأثمان من أموالهم واستقرارهم وحياتهم ومستقبل أبنائهم!!

1234567