لا تندهي ما في حدا !
كلمة الأمان العدد 1551 /22-2-2023

المستوى الذي بلغه الوضع في لبنان غير مسبوق على الإطلاق ولم يعد يُطاق. الوضع السياسي في ذروة التأزّم في ظلّ الانقسام العامودي والأفقي والمتعرّج حتى بلغ الأمر في الخلافات أنّها دبّت بين أغلب الحلفاء فتحوّلت أو كادت أن تتحوّل التحالفات إلى خصومات وعداوات، ويترافق هذا الانقسام مع فراغ في سدّة الرئاسة الأولى مع ما يعكسه ذلك من شلل وفراغ على باقي مؤسسات الدولة وأوّلها الحكومة، وهو ما يحتاج ويحتّم على الجميع من مسؤوليين العمل ليل نهار من أجل إنهاء هذا الوضع الشاذ للشروع في عمليات معالجة الأزمات والخروج منها. والوضع الاقتصادي ليس أفضل حالاً، فالانهيار المتواصل في سعر صرف الليرة الوطنية أمام العملات الأجنبية الأخرى يخلّف دماراً اقتصادياً واجتماعياً واسعاً. فدخل المواطن اللبناني الشهري بات في الحضيض، والغلاء كوى بأسعاره كلّ شيء، والمؤسسات الرسمية تعيش حالة من الإضراب والإقفال القسري، وهو ما ينعكس بدوره على أداء الموظفين والشركات والبلد بشكل عام. والمدارس والجامعات مقفلة أمام الطلاب بداعي الإضراب والحصول على الحقوق، والهجرة على قدم وساق، والكهرباء والماء والطبابة وغيرها من الخدمات الأساسية باتت غير متوفرة إلا ما ندر. وتتآكل قدرة اللبناني على الصمود والمواصلة يوماً بعد يوم. بخلاصة قصيرة: الوضع الاقتصادي كارثي يشبه الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا قبل أسبوعين. ومع كلّ هذه المعاناة لا يكاد المرء يسمع "حسّاً" أو يرى حراكاً لا من المسؤولين في السلطة، ولا من الذين يعيشون المعاناة اليومية على الطرقات أو في العمل أو في المنازل. هل تخدّر الجميع؟! هل من ساحر مرّ ذات يوم على نبع الوطن وسحر المياه التي نشربها حتى أُصبْنا جميعاً بداء الصمت والسكوت والتخدّر؟! هل "تمسحنا" (وعذراً على هذه الكلمة) حتى بتنا لن نشعر بأيّ شيء وتحوّلنا إلى دمى و"ريبوتات" تتحرك بواسطة "ريموت كونترول" أصحابها فتجرّدنا من أحاسيسنا ومشاعرنا ونخوتنا وانتفاضتنا لكرامتنا ومستقبل أبنائها؟!

مَن ينقذ لبنان من الزلزال الاقتصادي ؟!
كلمة الأمان العدد 1550 /15-2-2023

زلزال اقتصادي كبير وعنيف ومتواصل وهزّات ارتدادية لا تتوقّف تضرب لبنان كلّ يوم بل حتى كلّ ساعة من ساعات النهار، فالدولار الأمريكي يواصل صعوده أمام الليرة بشكل جنوني دون أن يتمكّن أحد أن يوقفه، ومعه ترتفع أسعار كلّ شيء، ومع ارتفاعها تزداد معاناة الإنسان اللبناني خاصة أولئك الذين ما زالوا يتقاضوا رواتبهم بالليرة اللبنانية المنهارة. خلال الساعات الماضية اقترب سعر صرف الدولار الأمريكي لأول مرّة من خمسة وسبعين ألف ليرة، ومعه ارتفع سعر المحروقات من بنزين ومازوت وغاز وهي مواد أساسية وأولية بالنسبة للناس، ومع ارتفاع أسعار المحروقات ارتفعت أسعار كلّ السلع: مود الغذاء، الخضار، الفاكهة، الزيوت، مواد التنظيف، الكهرباء، ما لا يُعدّ ولا يُحصى. كما ارتفعت أسعار الأدوية، وأقساط المدارس حتى أنّ المدارس خالفت قرار الوزارة وراحت تتقاضى الأقساط بالدولار. أمّا مؤسسات الدولة فهي في سبات عميق. الإدارة العامة تنفّذ إضراباً مفتوحاً لا يعرف أحد متى ينتهي. يمعنى آخر لا خدمات في أيّة دائرة من دوائر الدولة. الضمان الاجتماعي والصحي مقفل حتى إشعار آخر بانتظار الحلول. المدارس الرسمية مقفلة لأنّ الأساتذة ينفّذون إضراباً عن التعليم مطالبين بحقوقهم. كل شيء متوقف في هذا البلد سوى الدولار والأسعار يتحركان صعوداً نحو القمّة، والناس تنزلق نحو الهاوية. لبنان يعيش زلزالاً اقتصادياً لم يعشه يوماً في حياته حتى في أيام الحرب المشؤومة التي مرّت عليه في منتصف سبعينات القرن العشرين. وهو بحاجة إلى دعم وفرق إسعاف اقتصادي توقف هذا الانهيار المخيف، ولكنّ يبدو أنّ العالم اليوم منشغل بالزلزال الطبيعي الذي أصاب تركيا وسوريا، ويصبّ مساعداته على المتضرّرين من الزلزال هناك، وربما العالم محقّ بذلك، فأولئك يعيشون حالة صعبة وأليمة والصورة التي تصل العالم عنهم كفيلة بتحريك الضمائر والوجدان للمساعدة. أمّا هنا في لبنان حيث الزلزال الاقتصادي فما من أحد يسمع أو يتحرك بنخوة عربية أو عالمية، ربما لأنّ اللبناني ارتضى هذا الواقع فلم يعد يصدر صوتاً ولا يُخرج صورة تعبّر عن معاناته وألمه. يبدو أنّ اللبناني ارتضى التأقلم مع هذا الزلزال الاقتصادي فلم يعد يكترث لارتفاع سعر الدولار أو غلاء الأسعار أو غياب الخدمات والحلول. ارتضى أن يكون عبداً لهذه الطغمة السياسية الحاكمة التي لم تتحرك بعد بحسّ المسؤولية وتعمل على إنهاء هذه المأساة وهذا الانهيار الزلزالي! ولذلك فهي تعطّل كلّ شيء في لبنان. تعطّل انتخاب رئيس جديد للجمهورية حتى ينتظم عمل المؤسسات. عطّلت تشكيل حكومة جديدة من قبل تحت عنوان المحاصصة وتقاسم النفوذ والمواقع الطائفية. تعطّل أيّ توجّه للخروج من الأزمة تحت عنوان رهن البلد للخارج. والمأساة والانهيار ككرة ثلج تكبر كلّ يوم. والسؤال: مَن ينقذ لبنان؟

حول الزلازل الطبيعية التي أصابت بلدان المنطقة
كلمة الأمان العدد 1549 /8-2-2023

طغت أخبار الزلزال الذي أصاب جنوب شرق تركيا وشمال سوريا وخلّف دماراً هائلاً في المنطقتين على غيره من الأخبار، خاصة وأنّ سكان البلدان المحيطة في لبنان والعراق والمناطق المجاورة في كلّ من تركيا وسوريا قد شعروا به، وترافق أيضاً مع هزّات ارتدادية لم تهدأ على مدار أكثر من ست وثلاثين ساعة بعد الزلزال الأول الذي بلغت قوته وفق مراكز الرصد أكثر من سبع درجات. لم يستطع الإنسان أن يتنبّأ بحدوث الزلازل والهزّات الأرضية حتى اللحظة على الرغم من الجهود الكبيرة والكثيرة التي بذلها علمياً للوصول إلى هذه الحالة. ربما هذه من الأسرار المحفوظة عند الله، خاصة وأنّ الزلازل، كما يُقال، لها علاقة بنشاط داخلي في أعماق الأرض، والإنسان لم يصل بعد إلى معرفة أسرار هذه الأعماق، هو بالكاد عرف أسرار سطح الأرض، وليس كلّها، فكيف بباطق وأعماق الأرض، ولذلك فإنّها تأتي (الهزّات) بغتة وفي لحظات غير محسوبة لدى الناس، فتخلّف ما تخلّف من دمار أو ضحايا أو ما سوى ذلك. وحتى لا نغوص أكثر في أسباب هذه الزلازل والهزّات الأرضية، ولكل صاحب اختصاص تفسيره الخاص لأسبابها، فعلماء الجغرافيا والأرض لهم تفسيرهم الخاص المتصل بتركيبة الأرض وحركتها. وعلماء الطبيعة والمناخ لهم تفسيرهم المتصل ربما بالتغيّر المناخي وما له علاقة به. وعلماء الدين لهم تفسيرهم المتصل برضا الله أو غضبه على الأمم والشعوب بمقدار التزامهم طاعته أو معصيته. وهكذا لكل صاحب اختصاص أسبابه التي قد تكون محقّة ومكمّلة لغيرها. غير أنّه لا بدّ من الوقوف عند تعاطي الإنسان مع هذه الزلازل على مستوى الحكومات والمؤسسات والأفراد.

حراك دولي ينذر بتحوّلات إقليمية .. لبنان جزء منها
كلمة الأمان العدد 1548 /1-2-2023

شهدت الأيام والساعات الأخيرة سلسلة تحركات إقليمية ودولية دبلوماسية وعسكرية وأمنية كثيفة وسريعة بما أعطى انطباعاً أنّ تحوّلات معيّنة قد يشهدها المسرح الإقليمي والدولي وتنعكس على بعض الأقطار في المنطقة. فقد قام وزير الخارجية الأمريكي، طوني بلينكن، بزيارات سريعة إلى كلّ من مصر وفلسطين المحتلة وكيان الاحتلال الإسرائيلي عقب التوتر الذي شهدته الأراضي المحتلة في ضوء التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية، وعقب الهجمات التي استهدفت مصنع أسلحة في إيران في مدينة أصفهان وقيل أيضاً أنّها استهدفت أهدافاً أخرى في إيران لم يُكشف ويُعلن عنها. كما قام وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بزيارة إلى طهران التقى خلالها المسؤولين الإيرانيين وأشار إلى أنّه يقوم بوساطة لدى إيران من أجل إعادة استئناف المفاوضات النووية، وقيل إنّه حمل اقتراحاً أو رسالة أمريكية إلى الجانب الإيراني تتعلق بأكثر من المفاوضات النووية. وسبق هذا التحرك الدبلوماسي زيارة وزير خارجية إيران، حسين أمير عبدالله هيان، إلى بيروت ودمشق وأنقرة حيث جرى البحث في هذه العواصم في عدد من الملفات العالقة على المستوى الإقليمي.

هل الحلّ بالفدرلة؟!
كلمة الأمان العدد 1547 /25-1-2023

عادت نغمة الحديث عن الفدرالية في لبنان ترتفع من جديد في ظلّ انسداد أفق الحلول السياسية وتفاقم الأزمة الافتصادية وبلوغ الوضع العام والحياتي مبلغاً لم يكن معهوداً من قبل. وفي وقت جاهرت بعض الشخصيات والاتجاهات بطرح النظام الفدرالي في لبنان كحلّ للأزمة القائمة والمستعصية حالياً، لوّحت شخصيات واتجاهات بل قوى سياسية أخرى باللجوء إلى هذا الطرح فيما لو ظلّ الأفق السياسي مسدوداً أمام انتخاب رئيس جديد، وفيما لو تمّ فرض رئيس جديد بقوّة الأمر الواقع، وبرز في هذا السياق، للمرّة الأولى منذ انتهاء الحرب الأهلية المشؤومة، الموقف الذي لوّح به رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع تلميحاً وليس تصريحاً عندما تحدث عن خيارات مفتوحة لدى القوات، وفُهم من هذا الحديث إمكانية تبنّي طرح الفدرلة والذهاب به إلى الشركاء في الداخل وإلى المجتمع الدولي في الخارج. وكان قد سبق القوات إلى هذا الطرح منذ قرابة العام أو ربما أكثر التيار الوطني الحرّ عندما اقترح رئيسه جبران باسيل اعتماد اللامركزية الإدراية والمالية الموسّعة، وفُهم من ذلك في حينه أيضاً طرح مسألة الفدرالية في لبنان. والجدير ذكره أيضاً أنّه قيل إنّ الصرح البطريركي في بكركي استدعى مجموعة اقتراحات تركّز على كيفية الخروج من الأزمة في لبنان من بينها وفي أساسها طرح اعتماد النظام الفدرالي. ولكنّ السؤال البديهي الذي يطرح نفسه، هل الحلّ بالفدرلة أمام ما وصلت إليه الأوضاع السياسية والاقتصادية والعامة؟ أمّ أنّ تطبيق هذا النظام صعباً في لبنان، وبالتالي فهناك مخارج أخرى أقلّ كلفة وأفضل حالاً للبنانيين؟ الحقيقة أنّ الوضع الذي وصلت إليه الأوضاع من انسداد أفق العملية السياسية وصعوبة الأوضاع الاقتصادية والحياتية في لبنان تدفع إلى البحث عن أيّ مخرج ممكن من هذه الأزمة، وفي عالم السياسة ليس هناك من محرّمات غير قابلة للبحث والمسّ. ولكنّ الحقيقية الأخرى التي لا تقلّ شأناً وأهمية أنّ اقتراح الفدرلة في لبنان لا يشكّل حلّاً حقيقياً للأزمة، بل هو سيكون مدخلاً لأزمات أخرى هذا إذا نجح اللبنانيون أو دعاة النظام الفدرالي في الاتفاق على شكل هذا النظام لأنّ العالم زاخر بأشكال متعددة من هذا النظام، وربما يكون لبنان فريداً في تركيبته التي لا ينطبق عليها أيّ نموذج من نماذج الأنظمة الفدرالية القائمة في العالم.

جدل الدستورية يعمّق الأزمة الحياتية!
كلمة الأمان العدد 1546 /18-1-2023

تشتدّ الأزمة الاقتصادية على المواطنين مع الشغور في منصب الرئاسة الأولى، ومع عدم وجود حكومة أصيلة، ومع غياب أيّ جهد حقيقي لمعالجة الأزمة وإيجاد الحلول لها، وتضغط هذه الأزمة على الموطنين بما يحوّل حياتهم يوماً بعد يوم إلى جحيم لا يُطاق. غير أنّ الطبقة السياسية إذا صحّ تسميتها "طبقة" غارقة في همومها ومصالحها وتختلق المعارك الوهمية أمام الرأي العام وأمام مناصريها مُوهِمة هؤلاء وأولئك أنّها تعمل لصالحهم ولإنقاذ الطائفة أو المذهب أو الحزب أو الشريحة التي ينتمون إليها، وليس إنقاذ البلد بشكل عام وهو السقف الذي يستظلّ تحته الجميع فعندما ينهار – لا قدّر الله – ينهار على الجميع! آخر ما ابتدعته هذه الطبقة الفاجرة والفاسدة هو الجدل على دستورية انعقاد مجلس الوزراء، القائم بأعمال تصريف الأعمال، في ظلّ الشغور الرئاسي. البعض راح بالاتهام إلى حدود التخوين والتخويف بحيث رأى أنّ انعقاد جلسة مجلس الوزراء لمناقشة أزمة الكهرباء هو تجاوز للدستور ومخالفة له، وهذا يعرّض صاحبه لاحقاً للمخالفة. وآخر رأى أنّه لا مخالفة دستورية في انعقاد الجلسة طالما أنّها تقع ضمن مسؤولية تصريف الأعمال وتأمين مصالح الناس!

مبادرات لتعبيد الطريق لانتخاب رئيس جديد للجمهورية
كلمة الأمان العدد 1545 /11-1-2023

في ضوء انسداد أفق الحلول السياسية ولا سيّما لناحية انتخاب رئيس جديد للجمهورية على الرغم من انعقاد عشر جلسات للمجلس النيابي كانت مخصّصة لهذه الغاية، ومرور أكثر من شهرين على الفراغ، وفي ضوء المخاطر التي باتت تحدق بالكيان اللبناني بشكل عام، وبنظامه واستقراره العام، فضلاً عن الأزمة الاقتصادية الاجتماعية التي تعصف به، دارت في الصالونات السياسية، وتناولت وسائل إعلام عديدة الحديث عن مبادرات من أكثر من جهة واتجاه هدفها كسر الجليد في قضية الاستحقاق وتعبيد الطريق أمام انتخاب رئيس جديد للجمهورية يكون مفتاح الشروع في وضع الحلول لبقية أزمات البلد.

بعد الانسداد السياسي .. مَن يُـنقِـذ البلد؟
كلمة الأمان العدد 1544 /4-1-2023

مستوى الأزمة الذي بلغه لبنان لم يكن مسبوقاً من قبل على الرغم من الأحداث التي مرّت على اللبنانيين بما في ذلك خلال الحرب الأهلية المشؤومة والاجتياحات الإسرائيلية والعدوان أكثر من مرّة عليه. فالأزمة هذه المرّة صامتة لناحية صخب النار والرصاص ودوي المدافع والقنابل ولكنّها مميتة وقاتلة لناحية طريقة خنق اللبنانيين على البطيء بلقمة عيشهم وحبة دوائهم وتعليم أولادهم أو تأمين الطبابة لمرضاهم! إنسداد في أفق الحلول السياسية لأنّ منطق التعطيل هو السائد، ومنطق الاستتباع للخارج هو المسيطر على العقول التي تريد الاستقواء بالخارج على الشركاء في الوطن، ومنطق الاستئثار بالسلطة وبكل أو بأغلب مفاصلها هو الطاغي على النفوس المريضة المسكونة بحب "الأنا" أو "نحن" من دون اكتراث لبقة المواطنين أو الشركاء في الوطن، وكأنّنا في هذه الوطن ننقسم إلى مواطنين من فئة أولى ومواطنين من فئة ثانية وثالثة!

العام 2022 .. نهاية عام كئيب!
كلمة الأمان العدد 1543 /28-12-2022

أيام قليلة ويطوي العام 2022 آخر أيامه مخلّفاً الكثير من الكوارث على لبنان وطناً وشعباً ومؤسسات. لقد تفاقمت الأزمات في العام 2022 في لبنان بشكل مضطرد حتى بات حلّها يكاد يحتاج إلى معجزة حقيقية. إنسداد في أفق الحلول السياسية بعد الفشل في انتخاب رئيس جديد للجمهورية على الرغم من انعقاد جلسات متتالية للمجلس النيابي، والسبب في ذلك يعود إلى منطق المحاصصة والكيدية والاستئثار التي تكاد تطبع سلوك معظم القوى السياسية. وقد تلا الفشل في انتخاب رئيس جديد فشل الكتل النيابية والقوى السياسية في تشكيل حكومة جديدة بعد إجراء الانتخابات في منتصف شهر أيّار الماضي. تفاقم لأزمة الفقر والبطالة بشكل غير مسبوق حتى بلغ مستوى سعر صرف الليرة اللبنانية أمام العملات الأجنبية مستوى غير مسبوق ولامس عتبة الخمسين ألف ليرة لأول مرّة في تاريخ لبنان، وهذا بدوره فاقم من أزمة الفقر حتى بات قرابة 80% من اللبنانيين يعيشون حالة الفقر بحسب إحصاءات منظمات دولية. كما وأنّ البطالة بلغت مستويات متقدمة حيث لامست ألـ 40% أيضاً ما حدا بالكثيرين من أصحاب المهن الحرّة والشباب لمغادرة البلد وهجرته نحو المجهول. والحديث عن الأزمة الاقتصادية يطول ويطول ويطول مع غلاء الأسعاء والمحروقات والأدوية والطبابة والتعليم والنقل والكهرباء وغيرها، وكلّها أزمات يعاني منها اللبناني وتفاقمت بشكل غير مسبوق في العام 2022.

للرئيس السَّابق .. عن الانتظار أربع سنوات بعد كي نتنفّس!
كلمة الأمان العدد 1542 /21-12-2022

أطلّ رئيس الجمهورية السابق، ميشال عون، على اللبنانيين بنصيحة أو توصية ويا ليته لم يطلّ ولم يرهم وجهه أو يسمعهم صوته. فقد زار عون مقر التيار الوطني الحرّ والتقى قيادات التيار وتوجّه أمام ولهم وعبرهم إلى اللبنانيين بالاعتراف أولاً أنّ عهده خلّف 80% من اللبنانيين فقراء، بل تحت خط الفقر لا يجدون قوت يومهم ولا حبة دوائهم ولا مدارسهم لأولادهم والقائمة تطول وتطول. ثمّ أوصى محازبي التيار بالاستمرار على التوجّه والنهج ذاته الذي بدأه قبل ست سنوات كما لو أنّه يريد أن يجهز على البقية المتبقيّة من اللبنانيين، أي على ألـ 20% التي نفدت من الفقر! والأكثر إثارة للسخرية أنّه طالب اللبنانيين بالصبر والانتظار 3 إلى 4 سنوات من أجل أن يصلوا فيها إلى مرحلة يمكنهم فيها أن يتنفّسوا. ينتظروا أن نصل إلى وقت يمكن فيها للبنان استخراج الغاز من حقل "قانا"، غير أنّه نسي أو تناسى أنّ الاتفاق الذي وقّع عليه أعطى حقّ إطلاق صافرة البدء بالتنقيب عن الغاز في "قانا" إلى "إسرائيل". وعودوا إلى نص الاتفاق إذا شئتم واكتشفوا ذلك بأنفسكم. هذا إذا ما تجاهلنا أنّه وقّع على التخلّي عن حقوق لبنان في حقل "كاريش". فهل يضمن لنا فخامته أن نحصل على الغاز الذي سنتنفّسه، بحسب وعده، بعد 3 أو 4 سنوات؟! وهذا إذا تجاهلنا السؤال أساساً إذا بقيت لنا القدرة على الانتظار والصبر ثلاثة أو أربعة أشهر وليس سنوات!! هل أبقى فخامة الرئيس السابق للبنانيين قدرة على شيء؟! لقد استلم البلد والدولار بـ ألف وخمسمئة ليرة، وفي اليوم الذي ترك فيه السلطة كان الدولار يحلّق فوق الثلاثين ألف ليرة ومعه تحلّق الأسعار، ومعه تغيب الكهرباء التي وعدوا اللبنانيين بها، ومعه لم يعد بمقدور اللبناني أن يقف على باب المستشفى لا أن يدخلها!. هل يعلم فخامة الرئيس السابق أنّ اللبناني خسر 90% من قيمة راتبه ومن قدرته الشرائية وأصبح بلا حيل وحول ولا قوّة؟! وكلّ ذلك بسبب النهج والتوجّه الذي سلكه ودمّر به البلاد والعباد، ثم يأتي مرّة جديدة ليطلب منّ محازبيه الاستمرار على هذا النهج؟!

12345