العدد 1341 / 12-12-2018
ايمن حجازي

بعد ما يقارب السبعة أشهر على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل حكومة ما بعد انتخابات 2018 ، طرحت بقوة خلال الأسبوع الماضي فكرة توجيه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون رسالة الى المجلس النيابي تتعلق بانسداد آفاق الحلول من أمام هذا التشكيل الموعود للحكومة التي يطلق عليها أنصار الرئيس عون " حكومة العهد الأولى " , وهذا ما أثار بلبلة سياسية كبرى كادت توتر العلاقات بين الرئاستين الأولى والثالثة استنادا الى اعتبار الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل ونادي رؤساء الحكومة السابقين وغالبية الأجواء السياسية السنية اللبنانية أن توجيه مثل هذه الرسالة تمثل خروجا على دستور الطائف وابتداعا لأعراف دستورية تخل بالمعادلة السياسية الطائفية في البلد . وذلك في مقابل اعتبار أنصار الرئيس ميشال عون أن توجيه مثل هذه الرسالة حق طبيعي يتمتع به رئيس الجمهورية خصوصا في مثل ظروف حرجة ودقيقة كالظروف التي يمر بها لبنان حاليا .

وتعتبر الأجواء المحيطة بالرئيس سعد الحريري أن توجيه هذه الرسالة الرئاسية الى المجلس النيابي ينطوي على مواقف سلبية قد تصل الى حدود حث المجلس النيابي أو تحريضه على سحب التكليف من الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة ، وهو ما يعتبره الفريق الآخر مخالفا للدستور مخالفة صريحة ... وحيث يعتبر أن لا شيء يلغي التكليف الا اعتذار رئيس الحكومة المكلف نفسه عن التأليف .

صحيح أن لا أحدا من جانب قصر بعبدا تحدث صراحة عن الخطوة المطلوب اتخاذها من قبل المجلس النيابي انطلاقا من توجيه الرسالة المشار اليها ، إلا أن الأجواء المحيطة بتوجيه هذه الرسالة ليست ايجابية بالنسبة الى الرئيس الحريري وفريقه السياسي . وقد برز هنا موقف الرئيس نبيه بري الذي لا يحبذ إقدام الرئيس عون على مثل هذه الخطوة ، نظرا للأجواء الانقسامية التي ستثيرها على المستوى الطائفي ، ونظرا لافتقادها السند الدستوري والقانوني المتين . حتى أن بعض أوساط رئيس المجلس النيابي تحدثت عن امكانية إهمال هذه الرسالة وعدم دعوة المجلس النيابي لمناقشتها في حال أنعدمت ميثاقية الجلسة بفعل امتناع مفترض لأكثرية نيابية سنيّة ما عن الحضور , وهذا ما دفع بالرئيس ميشال عون الى مراجعة حساباته و التريث ، و استبدال فكرة توجيه رسالة الى المجلس النيابي بإجراء مشاورات سياسية ونيابية للبحث في ايجاد مخرج لأزمة تشكيل الحكومة .

ويجاهر الرئيس نبيه بري بأن حل أزمة الحالية يكمن في إقدام رئيس الجمهورية على توزير أحد نواب سنة الثامن من أذار من حصته ، وينضم البعض السياسي والإعلامي الى موقف رئيس المجلس النيابي من بوابة الوعد الذي أطلقه الرئيس عون من خلال مقولة " ام الصبي " التي أعلنها رئيس الجمهورية قبل بضعة أسابيع . وهي المرأة التي تضحي بابنها الى إمرأة أخرى من أجل ضمان سلامته ... وذلك في مماثلة التضحية المفترضة من حصة الرئيس عون الى النواب السنة الستة ، بغية الخروج من المأزق الحالي .

وثمة من يتساءل عن السبب في مثل هذا الدوران في الحلقة المفرغة بحثا عن أثمان زهيدة لتضحية وطنية تليق برئيس للجمهورية يرشح نفسه لعملية انقاذية مميزة . ويعيد الكثير من المراقبين أسباب هذا الدوران الأجوف حول عقدة وزارية استهلكت ، الى موقف رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية (جبران باسيل) الذي وأد مقولة ام الصبي في مهدها , وراح يجري مشاورات عبثية فتحت الباب واسعا أمام توجيه الإتهام له بتفضيل استمرار حكومة تصريف الأعمال على تشكيل حكومة لا يمتلك فيها الثلث المعطل ، وقد دأب عضو اللقاء التشاوري النائب جهاد الصمد في هذا السياق على

القول بأن رغبة الوزير باسيل بالحصول على الثلث المعطل منفردا ومن دون الحلفاء في حزب الله وحركة أمل ، هو الذي يؤخر حل عقدة تمثيل نواب اللقاء التشاوري .

لكنه هل تؤدي المشاورات الرئاسية الأخيرة الى الخروج من عنق الزجاجة الحكومية ؟ وهل تولد حكومتنا في عام 2018 ? أم أن تاريخ ميلادها سيؤجل الى عام 2019 ؟

ايمن حجازي