العدد 1471 /28-7-2021

مع نجيب ميقاتي اختفلت المعضلة السياسية الحكومية في بعض تفاصيلها ولكنها بقيت محافظة على جوهرها الذي يأخذ بعدين إثنين أحدهما محلي داخلي وثانيهما استراتيجي خارجي . فبعد أن مرت الشهور التسع دون أن تولد الحكومة العتيدة ، اعتذر الرئيس سعد الحريري عن عدم تشكيل تلك الحكومة، وأفسح في المجال أمام الرئيس نجيب ميقاتي كي يعود الى سدة الرئاسة الثالثة مرة ثالثة .

على الصعيد المحلي ما زال الصراع يدور حول تعديل موازين القوى الطائفي ، بين فريق مسيحي يحاول أن يسترد بعض ما خسره من إمتيازات رئاسية بعد الطائف . وهو فريق يعمل جاهدا في هذه الآونة السياسية على إستيلاد أعراف دستورية تعزز هذا الإتجاه من مثل المماطلة في إجراء الإستشارات النيابية الملزمة . في حين أن العرف كان يقضي في صدور مواعيد الإستشارات النيابية الملزمة إثر قبول إستقالة رئيس الحكومة مباشرة . والمعروف أن هذه المماطلة في إجراء المشاورات النيابية الملزمة تهدف الى الضغط على الرئيس المكلف كي يقبل بشروط الرئاسة الأولى . وهذا ما يمكن أن يكون إيجاد لعرف دستوري يقضي بالتوصل الى التأليف قبل التكليف ما يفضي الى إضعاف الرئاسة الثالثة وتعزيز موقع الرئاسة الأولى .

في المقابل يسعى الفرقاء الآخرون بالتضامن والتكافل مع الرئيس نبيه بري الذي يخوض إشتباكا سياسيا مزودا بكاتم للصوت مع التيار الوطني الحر منذ سنوات حول العديد من القضايا التي كانت مثار خلاف وتنازع .

والتي يمكن تصنيفها تحت خانة التصدي السني الشيعي لمحاولات العودة المارونية - العونية تحديدا الى نظام الإمتيازات الطائفية الذي كان حاكما قبل الحرب الأهلية اللبنانية او ما قبل الطائف . ويبرز على هامش هذه " الاستراتيجية " حسابات رديفة متعلقة بالإستحقاق الرئاسي القادم في خريف العام المقبل أو في حال خلو الرئاسة الأولى لسبب ما ، حيث يخشى العونيون من وجود حكومة معادية تمسك بالسلطة التنفيذية وفق الدستور اللبناني ، أو حكومة لا يملكون فيها الثلث المعطل بشكل منفرد .

ستبقى أمام الرئيس نجيب ميقاتي نفس المعطيات مع تعديل نسبي في حذاقة يمتلكها الرجل ويفتقدها سعد الحريري ، مضافا الى أن الطرف العوني بات محرجا أكثر حيال النكبات التي تحل باللبنانيين في كافة أمور حياتهم الصحية والغذائية والتمويلية والخدماتية المختلفة . ولكنه إحراج لا يمنع جبران باسيل من التجرؤ بالمطالبة بتعديل دستوري يطال فرض مهلة محددة على الرئيس المكلف كي يشكل حكومته على الطريقة الإسرائيلية ( أجلكم الله ) وإلا فإن التكليف يخرج من بين يديه .

وهذا يعني أن مهمة الرجل فإنها وإن كانت صعبة ولكنها ليست مستيحلة .هذا في البعد الداخلي المحلي ، أما في البعد الإستراتيجي الخارجي فإنه على صلة مباشرة بالمسعى الإسرائيلي - الأمريكي لضبط الساحة اللبنانية وتقليم أظافر المقاومة اللبنانية إن لم يكن السعي الى التخلص الكامل من هذه المقاومة من خلال إيقاد فتن وإنشغالات داخلية ترهقها في لبنان ودول المنطقة . وهذا ما دفع بوزير الدفاع الصهيوني غانتس الى الإعلان أنه سيبحث مع المسؤولين الفرنسيين موضوع تشكيل الحكومة اللبنانية وذلك بعد يومين على تكليف الرئيس ميقاتي مهمة تشكيل الحكومة اللبنانية .

أيمن حجازي