أيمن حجازي

ماذا يفعل وليد جنبلاط في مملكته أو إمارته المسماة دائرة الشوف - عاليه؟ سؤال كبير وصاخب يطرحه الجميع عن مجريات اﻷمور في أكبر دائرة انتخابية أوجدها القانون اﻻنتخابي الجديد لطمأنة الطائفة الدرزية الكريمة وإبعاد وزنها اﻻنتخابي عن المصادرة أمام اللون الطائفي الطاغي في محافظة جبل لبنان وهو اللون المسيحي الماروني.
ففي هذه الدائرة التي تضم قضاءَي الشوف وعاليه، أربعة مقاعد درزية ومقعدان سنيان وخمسة مقاعد مارونية ومقعد واحد كاثوليكي ومقعد واحد أرثوذكسي. يحتل هذه المقاعد في الطليعة حالياً الحزب التقدمي اﻻشتراكي وأصدقاؤه المسيحيون ونائب تيار المستقبل محمد الحجار، ونائب حزب «القوات اللبنانية» جورج عدوان، ونائب حزب الكتائب فادي الهبر، ونائب حزب الوطنيين اﻷحرار رئيس الحزب دوري شمعون، ونائب للحزب الديموقراطي اللبناني يعود إلى الأمير طلال ارسلان. وﻻ ينال النائب وليد جنبلاط في المقابل اﻻ المقعد النيابي الدرزي في بيروت الذي يشغله حالياً النائب غازي العريضي.
تبرز القوة اﻻنتخابية الجنبلاطية في دائرة الشوف - عاليه من خلال 130 ألف ناخب درزي مقابل 123 ألف ناخب مسيحي. ويستند زعيم المختارة إلى تحالف تاريخي مع سُنّة اقليم الخروب الذين يملكون قاعدة انتخابية ترجيحية يبلغ مداها 59 ألف ناخب، باﻻضافة الى 8 آﻻف ناخب شيعي. وقد حرص النائب جنبلاط على هذه التشكيلة المتنوعة طائفياً وحزبياً وسياسياً في انتخابات عام 2009 من ضمن تموضعه في معسكر الرابع عشر من آذار، ولكنه اليوم ينحو في اتجاه التمسك بهذا التنوع ﻷسباب سياسية ووطنية عدة، ومراعاة منه ومواكبة للنظام النسبي وللصوت التفضيلي الذي يربك الجميع، ولكنه في المقابل قد يعيد إلى جنبلاط المقعد الدرزي في بعبدا ويحرره من استئثار العونيين و«حزب الله» بذلك المقعد الممنوح لطلال ارسلان من خلال النائب فادي الهبر. ويلاحظ هنا أن رئيس الحزب التقدمي اﻻشتراكي يعمل على ضم مرشح عن التيار الوطني الحر الى ﻻئحته توسيعاً للقاعدة السياسية واﻻنتخابية لتلك اللائحة. وقد علم أن جنبلاط أعلن وجود ناجي البستاني في ﻻئحته المفترضة. ولم يبق خارج الطيف السياسي فيﻻئحة جنبلاط في دائرة الشوف - عاليه اﻻ الجماعة الإسلامية في الشوف والحزب الشيوعي اللبناني في عاليه، حيث يتكل أبو تيمور على تفاهم ما بين الجماعة الإسلامية وتيار المستقبل على أحد المقعدين السنيّين في اقليم الخروب، فيما يتعذر التخلي عن المقعد السنّي اﻵخر في حسابات جنبلاط الذي أقر بقوة الجماعة اﻻنتخابية في أكثر من مناسبة. 
 في ضوء كل ذلك، يبدو أن التنوع الذي ينشده النائب وليد جنبلاط في ﻻئحته قد يسلبه ما يقارب نصف مقاعد هذه الدائرة، فيما يصعب التعويض من خلال محاوﻻت الحصول على مقاعد درزية خارج الشوف - عاليه اﻻ بقدر يسير. ولكن القوة السياسية التي يمتلكها جنبلاط من خلال القدرة اﻻنتخابية على منح مقاعد نيابية لهذه القوة السياسية أو تلك تبقي الحزب التقدمي اﻻشتراكي على أولويته في ساحة التمثيل الدرزي وتجعله مستمراً في لعب دوره الترجيحي المميز عل الساحة اللبنانية. 
 في قراءة أولية للواقع السياسي واﻻنتخابي، يقال إن مفتاح مملكة الشوف - عاليه سيبقى في قصر المختارة الذي سيبقى سيده ذا غصة بالغة من أن حليفه التاريخي الرئيس نبيه بري يضنّ عليه بالمقعد الدرزي في حاصبيا - مرجعيون - النبطية دون أن يفسد ذلك للود قضية بين حليفي السادس من شباط 1984، لمن يقرأ التاريخ اللبناني الحديث.