العدد 1526 /31-8-2022
أيمن حجازي

لقد قاتل التيار الوطني الحر طوال العقدين السابقين من أجل تثبيت مقولة ان تؤول الرئاسة الأولى في لبنان الى صاحب القوة المسيحية الأولى او الى مرشحها . ولتعزيز تلك المقولة دعا ذلك التيار الى تطبيق هذا الأمر في موضوع الرئاستين الثانية والثالثة . وباتت هذه المقولة تفرض وصول الأقوى مارونيا الى قصر بعبدا ، والأقوى شيعيا الى عين التينة والأقوى سنيا الى السراي الكبير .

وهذا ما استولد اندفاعا مميزا نحو اعتماد لغة القوة ... القوة الشعبية المترجمة نيابيا بكتلة وازنة تقف خلف الرئيس وتدافع عنه وتنافح من أجل الحفاظ على قوة الطائفة الموكول اليها شؤون هذه الرئاسة أو تلك0

كيف تعامل التيار الوطني الحر مع مسألة استمراره بالإمساك بالرئاسة الأولى ؟

كان من المفترض ان يعمل التيار على تحسين علاقاته مع مختلف الجهات الطائفية والسياسية من أجل إقناع الجميع أو الأغلبية بجدارته بتولي الرئاسة الأولى ، مع احترام مصالح الجميع ( طوائف ومذاهب وأحزاب وقوى ) ومراعاة الهواجس والمخاوف والطموحات . ولكن الواقع كان غير ذلك حيث اتسمت علاقات التيار بمعظم الجهات بالإستفزاز والعنجهية والتعجرف . وكان الإستفزاز الأبرز للطائفة السنية وللرئيس سعد الحريري الذي تم اقتياده الى قانون إنتخابي حرمه من نصف كتلته الإنتخابية . وبات جبران باسيل رئيسا ثانيا للحكومة ... يعرقل معظم القضايا ويشترط أعقد الإشتراطات . وقد سعى التيار الوطني الحر الى استفزاز القوة الكبرى في الطائفة الدرزية من خلال الحزب التقدمي الإشتراكل الذي حسم نصف تمثيله الوزاري في حكومة العهد الثانية التي تلت إنتخابات عام ٢٠١٨ . وتم تضخيم٤ حجم التمثيل النيابي للأمير طلال ارسلان وتمت إعارته ثلاثة نواب عونيين بغية تشكيل كتلة نيابية برئاسته .

حتى العلاقة مع الطائفة الشيعية فإنها متفجرة حيال حركة أمل التي تم توجيه السهام القاسية نحو الرئيس نبيه بري مباشرة واتهم بالبلطجة وما الى ذلك من نعوت كادت ان تشعل الأرض بين حركة أمل والعونيين . وبقي حزب الله حريصا على لملمة الجراح بين الحليفين من أجل الحفاظ على الحفاظ على استراتيجية الحلف بين قوى معسكر الثامن من أذار . علما أن التذمر من سعي التيار الوطني الحر لإستعادة نظام الإمتيازات المارونية قد وصل الى حزب الله الذي يحتاج دوما الى غطاء مسيحي في عمل المقاومة .

جبران باسيل ما ترك للصلح مطرح حتى مع الحلفاء المقربين مثل سليمان فرنجية وايلي الفرزلي وآل المر وآخرين ... وبقي مصرا على أحقيته في الحصول على الرئاسة الأولى دون التفات الى التعدد والتنوع الذي يميز البنية اللبنانية المزركشة طائفيا ومذهبيا وسياسيا والذي يتطلب تواضعا علميا واضحا في كثير من محطات الحياة السياسية اللبنانية.

أيمن حجازي