العدد 1508 /13-4-2022

عاد سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري بقوة الى العاصمة اللبنانية ، مكدسا العديد من دعوات الإفطار الرمضانية في دارته في اليرزة وحاشدا أكبر عدد من الرؤساء والوزراء الحاليين والسابقين بالإضافة الى الوجوه السياسية والديبلوماسية التي كان حشدها يهدف الى إظهار حجم الحضور السعودي على الساحة اللبنانية . وحده إميل لحود من بين رؤساء الجمهورية السابقين الذي لم يكن حاضرا على مائدة السفير السعودي في حين حضر الرئيسين أمين الجميل وميشال سليمان المنتمين الى نقابة رؤساء الجمهورية السابقين .

وكانت غلة رؤساء الحكومات وفيرة حيث حضر الرئيس نجيب ميقاتي والرئيس فؤاد السنيورة والرئيس تمام ٧سلام ، وتغيب الرئيس سعد الحريري بداعي السفر وبداعي حظر العمل السياسي المفروض عليه من قبل الجهة الداعية لمأدبة اليرزة الشهيرة . وقد حضر من رؤساء الأحزاب والطوائف ، سمير جعجع ووليد جنبلاط وسامي الجميل و... . ولم يرضى رئيس حركة أمل ورئيس المجلس النيابي نبيه بري التغيب عن مثل هكذا مناسبة ما دفعه الى إيفاد ممثل عنه هو وزير الزراعة عباس الحاج حسن . ما أدى الى كسر حدة المشهد المذهبي وأراح العلاقة الإسلامية - الإسلامية المشدودة من خلال إنضمام ممثل عن المرجعية السياسية الشيعية الأولى في البلد الى تلك المأدبة الإفتتاحية . وغني عن القول ان زيارة السفير السعودي وليد البخاري الى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب كانت قد ألقت بظلالها الإيجابية على تلك الأجواء .

... صحيح أن الكلام الإنتخابي لم يعلو ويطفو على السطح في مأدبة اليرزة ، ولكن هذه المأدبة أشارت الى المعنى الواضح بوجود رغبة سعودية لتأمين الدعم المطلوب لحلفاء المملكة الإنتخابيين الممثلين ب جعجع وجنبلاط والجميل الذين يشكلون من الناحية الأبجدية معسكرا لحرف الجيم . ولكن السؤال الكبير والثقيل يتمحور حول القيمة الفعلية لمثل هكذا معسكر في ظل غياب تيار المستقبل وسعد الحريري عن الملحمة الإنتخابية القادمة خصوصا بعد أن ثبت ان كل ما قيل عن قوة كامنة لبهاء الحريري وفؤاد السنيورة وأشرف ريفي ولكافة البدائل السنية الأخرى لا يرقى الى احتلال ولو ربع المساحة السياسية التي كان يحتلها تيار المستقبل . والسفير السعودي وليد البخاري يعلم تمام العلم أن حضور السفيرة الأميريكية في بيروت وزملائها الفرنسيين والاوروبيين لتلك المأدبة ، لا يغني ولا يسمن من جوع في الساحة الإنتخابية القادمة ولا يعني شيئا بالنسبة الى الطموح الشاائع بتبديل الأغلبية النيابية ونقلها من معسكر الثامن من أذار الى معسكر الرابع عشر منه .

لا يمكن للمراقب ان يتغافل عن تحركات ديبلوماسية عربية الى جانب الحراك السعوظي الفاعل ، فهناك التحرك الديبلوماسي المصري والتحرك الديبلوماسي القطري الى جانب التحركين الإماراتي والكويتي . فإذا التحركين الأخيرين على إنسجام وتوافق وتنسيق مع الحراك السعودي ، فإن التحركين المصري والقطري لهما حسابات خاصة . حيث يقال ان العاصمة المصرية المنسجمة مع السياسة السعودية في الإقليم لا تخفي طموحاتها بتأمين حضور سياسي " سني " على الساحة اللبنانية وقد ظهر هذا الأمر في السنوات الماضية من خلال أمرين اثنين :

- كان أولهما التدخل المصري الحاسم في إنتخابات مفتي الجمهورية اللبنانية التي أفضت الى وصول الشيخ عبد اللطيف دريان الى موقع مفتي الجمهورية اللبنانية .

- وكان ثانيهما إيحاءات صادرة عن السفارة المصرية في بيروت تضع فيتوات على قيام تحالفات إنتخابية مفترضة مع قوى سياسية " سنية " تحت ذريعة العلاقة مع حركات إسلامية كبرى في المنطقة .

أما بالنسبة الى التحرك القطري في بيروت ، فإنه من المؤكد لا يتآلف مع الموقف السعودي ولكنه لا يرغب بالإصطدام معه في الحيثيات السياسية اللبنانية لأنه ما زال يسعى الى الحفاظ على التطبيع في العلاقات السعودية - القطرية . وفي المقابل فإن القطريين ليسوا في صدد التعارض مع الموقف الإيراني في لبنان . وهذا ما ترجم من خلال الموقف القطري المحايد إبان أزمة وزير الإعلام السابق جورج قرداحي بين لبنان والسعودية .

وهكذا بقيت مأدبة اليرزة الشهيرة محطة لاعلان استناد المملكة في السياسة اللبنانية الى تشكلية واسعة من الجهات اللبناية يأتي في طليعتها معسكر " الجيم " في الأبجدية السياسية اللبنانية وهو معسكر يحتاج الى من يستند اليه ....

أيمن حجازي