العدد 1549 /8-2-2023
أيمن حجازي

إتكأ الداخل اللبناني على المسعى الخارجي الذي اتخذ باريس محطة له يوم الإثنين الماضي ، وذلك في سبيل كسر الجمود المحيط بالإنتخابات الرئاسية اللبنانية الضائعة منذ شهر تشرين الأول الماضي ونهايةأيام ولاية الرئيس السابق ميشال عون . ولكن الزلزال التركي - السورى خطف الأضواء من أمام اللقاء الباريسي واستفاد الساسة اللبنانيون الذين تكال عليهم الشتائم صباحا ومساء ، من هذه الكارثة الطبيعية التي باتت محط اهتمام الجميع لما نتج عنها من مآس إنسانية متعددة وخوف بشري شامل .

كان لقاء باريس مهذبا ولطيفا على ما يبدو ، حيث تجنب الهجوم السياسي على حزب الله ومحمور الممانعة ، هو ما كان يطمح اليه الفريق المنبثق من معسكر الرابع عشر من أذار . وبالتالي فإن هذا اللقاء لم يعتبر نفسه مكلفا بتحديد وتعيين الجهة السياسية التي تتحمل مسؤولية الشغور الرئاسي القاىم منذ الحادي والثلاثين من تشرين الأول الماضي . وذلك ارتكازا الى حقيقة سياسية قائمة تفيد بأن الموقف الفرنسي يأبى الإنجرار خلف رغبات لبنانية وغير لبنانية بشن هجمات سياسية على حزب الله وتأجيج الوضع الداخلي اللبناني ، وحيث يدعو هذا الموقف الى التحاور والتوافق بين الأطراف اللبنانية كافة . وهو موقف يتناغم أكثر ما يتناغم مع الموقف القطري الذي ما زال يفتح قنوات الحوار مع حزب الله وإيران والتي كان آخر ترجماتها في زيارة وزير الخارجية القطري الى طهران .أما الموقف السعودي الذي كان مشهورا بمواقفه الحادة من حزب الله وإيران فإنه كان مشدودا في حدته الى الصراع اليمني- السعودي . حيث يتهم حزب الله بالتدخل في ذلك الصراع ما ادى الى توترات متنوعة تأثرت بها الساحة اللبنانية وتجسدت بما سمي بحملة الوزير السبهان ، حين تم استدعاء الرئيس سعد الحريري الى الرياض وأرغم على الإستقالة من رئاسة الحكومة التي كانت تضم في صفوفها وزراء من حزب الله . ولكن توقف التصعيد العسكري في الحرب اليمنية - السعودية واللقاءات الديبلوماسية السعودية - الإيرانية يمكن أن يكون قد ساهما في تراجع حدة الموقف السعودي من حزب الله .وبطبيعة الحال فإن الموقف المصري (المشارك في لقاء باريس ) أقل حدة من الموقف السعودي من حزب الله وايران . وكان من الطبيعي للولايات المتحدة الأميريكية أن لا تعاكس الأجواء العامة للقاء باريس وألا تلجأ الى التصعيد المنفرد وأن تمرر الأمور بما يحفظ رغبتها ومصلحتها بتأمين تدفق مصادر الطاقة المكتشفة من شرق البحر الأبيض المتوسط الى الدول الغربية وطما يتطلب استقرارا سياسيا وأمنيا في هذه المنطقة . وتلك مصلحة أميريكة واضحة ينبغي الإعتراف بها بكل وضوح.

لقاء باريس الخماسي لم يتمكن من " شيل الزير من البير " ولكنه فتح الباب واسعا أمام ولادة تسوية رئاسية جديدة في قابل الأيام أو الأسابيع أو الشهور . في زمن يرغب فيه بعض من في الداخل اللبناني بتوظيف أزمة الشغور الرئاسي لفرض مشاريع تجزئةشتى أدناها اللامركزية المالية وأقصاها الفيدرالية التقسيمية الواضحة التي تحقق أحلاما كيانية متناغمة مع المشروع الصهيوني الذي يشرعن إقامة الدويلات المنغلقة والمتناحرة في هذه المنطقة الحيوية من العالم . لطفاء كانوا الحاضرين في باريس ... لم يستجيبوا لمساعي بعض مجانين الداخل اللبناني القبيح . قبحهم الله .

أيمن حجازي