العدد 1505 /23-3-2022

فجأة تبدلت الأجواء المحتدمة والمكفهرة التي سادت العلاقات اللبنانية - الخليجية التي التهبت في أعقاب أزمة وزير الإعلام السابق جورج قرادحي . فأجرى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إتصالا مطولا مع وزير الخارجية الكويتي الذي كان قد حمل مطالب سعودية - خليجية الى بيروت قبل بضعة أسابيع . ومن ثم أصدر ميقاتي بيانا أكد فيه الحرص على العلاقة مع دول الخليج وحكوماتها مع إعطائه تطمينات ضمنية حيال كل ما ورد لائحة المطالب الذي كان قد حملها وزير الخارية الكويتي في زيارته المشار اليها . عندها أصدرت وزارة الخارجية السعودية بيانا رحب بالبيان الصادر عن الرئيس ميقاتي وقد حمل البيان السعودي كل الأمنيات الجميلة للشعب اللبناني. وقد سرت في أعقاب بيان وزارة الخارجية السعودية معلومات عن عودة السفير السعودي وليد البخاري الى العاصمة اللبنانية في إشارة واضحة الى تنفيس الإحتقان الذي كان سائدا في العلاقات اللبنانية - السعودية . فما هي المعطيات التي دفعت بهذا الإتجاه ؟

ثمة عوامل أربعة يمكن لها أن تكون قد ساهمت في حصول هذا التطور :

- المساعي الفرنسية الحثيثة من أجل تهدئة الموقف السعودي ، في ظل رغبة موجودة لدى باريس بإقامة شراكة فرنسية - سعودية تظلل الساحة اللبنانية وتحول دون انجرافها نحو خيارات لا ترضى عنها فرنسا والسعودية . وقد سجل في الأسبوعين الأخيرين حركة ديبلوماسية فرنسية ناشطة بإتجاه الرياض .

- وكما يحلو للذين يربطون بين الوضع اللبناني والمحادثات الجارية في فييينا بين إيران والعواصم الغربية ، فإن الحديث عن إنفراج حتمي في مسار العودة الى إتفاق عام ٢٠١٥ النووي سيقود المحللين اللبنانيين الى القول بعلاقة ما تقوم ما بين العلاقات اللبنانية الخليجية والعلاقات الغربية ( الأوروبية والأميريكية وإيران ) ومفاوضات فيينا المشهودة .

- لا يلوح في أفق العلاقات السعودية - الإيرانية إلا الرغبة الثنائية الواضحة بوقف التصعيد والمترجمة من خلال على إعلان القادة السعوديين حرصهم على دور

إيران كجارة في المنطقة والمشفوعة بالبحث المشترك بمصير موسم الحج المقبل ومشاركة الحجيج الإيراني بهذا الموسم . وذلك على رغم التصعيد الميداني على الجبهة السعودية - اليمنية .

- إن مستجدات الوضع اللبناني وعشية الإنتخابات النيابية باتت نافية لإحتمال فقدان "حزب الله" وحلفائه للأكثرية النيابية ، خصوصا بعد إنكفاء الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل عن الميدان الإنتخابي ما زاد في بعد ذلك الإحتمال عن الواقع . وهذا ما دفع عواصم غربية وخليجية الى السعي لإعادة تقويم الموقف السابق للمملكة العربية السعودية الذي اتسم بالحدة خلال ما سمي بأزمة الوزير قرداحي .

إن ماتم تأكيده في الأيام الأخيرة من أن الكرسي البابوي يحث البطريركية المارونية في لبنان على الحوار مع "حزب الله" لا يمكن إلا أن يترجم إيجابا أو تهدئة في الموقف الأوروبي من "حزب الله" ومن التحالف الحكومي الحالي في لبنان . ويصب في هذا الإتجاه تبادل الزيارات في بيروت وباريس بين وزيري الأشغال والنقل اللبناني والفرنسي والتباحث في شؤون تقنية وغير تقنية بين الجانبين . علما ان ممثل الجانب اللبناني ( الوزير علي حمية ) يمثل "حزب الله" ...

إننا نقرأ سياسيا في عودة " الوصال " بين لبنان والعواصم الخليجية ليس إلا . فهل يتم ذلك ... أم أن الإنتكاسات الإفتراضية تفعل فعلها الدامي ؟

أيمن حجازي