العدد 1528 /14-9-2022

مما لا شك فيه ، أن التطور السياسي المحلي الأبرز الذي حصل في الأسابيع القليلة الماضية كان تحلل رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط من إلتزاماته الإيجابية حيال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع . والأخير هو الذي زعم إثر الإنتخابات النيابية الأخيرة أن الأكثرية النيابية باتت في عهدة فريقه السياسي المتحالف ضمن إطار ما بقي من أشلاء معسكر الرابع عشر من أذار . وهذا ما أعتبر خطوة اصطفافية جديدة أقدم عليها سيد قصر المختارة بكل "قناعة وحماسة وإندفاع ودون أي تردد " حسب تعبير أحد المراقبين السياسيين الراصدين لحركة جنبلاط السياسية .

ع دخول الإستحقاق الرئاسي مهلة الستين يوما ، بات التصعيد السياسي هو سيد الموقف خصوصا على الساحة المسيحية . فالقوات اللبنانية أوصلت التهم الموجهة الى العهد العوني الى ذروتها وأكدت أنها ترفض رفضا باتا تكرار تجربة السنوات الست الماضية . وقد استجمع سمير جعجع كل ما لديه من طروحات سياسية للتأكيد على فشل ذلك العهد المتهم أيضا بالخضوع لإرادة حزب الله وإيران وبإساءة العلاقة مع الدول الخليجية وفي مقدمها المملكة العربية السعودية . وفي المقابل صعد النائب جبران باسيل حملته السياسية باتجاهين :

- الإتجاه الأول ممثلا بحزب القوات اللبنانية ورئيسه سمير جعجع الذين " فرطوا بمصالح المسيحيين وفعلوا الأفاعيل مع التيار الوطني الحر وتواطؤ مع عرابي اتفاق الطائف وتآمروا على الصلاحيات الرئاسية "...

- الإتجاه الثاني كان يضرب باتجاه الرئيس نبيه بري والرئيس نجيب ميقاتي والنائب وليد جنبلاط . وباسيل لا يدافع عن حقه بالترشح للرئاسة الأولى وحسب ، بل انه يسعى جاهدا لنزع شرعية الحكومة المستقيلة برئاسة نجيب ميقاتي في ملء الشغور الرئاسي . وقد خرق باسيل من خلال هذا الموقف مسلمة دستورية ثابتة تقول بواجب تولي الحكومة ( أية حكومة مستقيلة كانت أو غير مستقيلة ) مهام الرئاسة الأولى في حال حصل الشغور الرئاسي . وهذا ما أكده الأكاديمي الدستوري انطوان مسرة خلال مقابلة تلفزيونية ...

يبدو المشهد السياسي اللبناني على إنقسام قديم جديد تختلط فيه الأوراق وتزدحم فيه المواقف ويطير فيه الإستحقاق الرئاسي وتضمحل فيه الحلول والتسويات ، وتزداد فيه آلام البشر والناس ممن يقطنون في هذه البقعة الجغرافية من الكوكب الأرضي . أما الأجواء الإقليمية والدولية المتداخلة فانها لا تساعد على عقلنة المواقف المحلية المتهورة التي يطورها أمراء الحرب اللبنانية والذين يستعدون ( في ما هو ظاهر ) الى العودة لخياراتهم الأمنية والعسكرية الرديئة ... حيث تتوافر بعض المعلومات عن فتح معسكرات تدريب ميليشياوية لإستيعاب مزيدا من الأنصار والمحازبين وحراس الممالك غير المعلنة والولايات غير الشرعية .

ولم يبق للبنانيين إلا التلظي في هذا الصيف الحارق على منابر الأمراء وحكام الولايات الجدد . لقد سبق لي أن أشرت الى أمر شكلي مشهدي بروتوكولي متعلق بنشر عشرة أعلام لبنانية خلف رئيس الجمهورية في احدى قاعات القصر الجمهوري التي تنعقد فيها جلسات مجلس الوزراء ، بدلا من علم لبناني واحد أعتاد اللبنانيون أن يرونه خلف رئيس الجمهورية !!!!! فهل لهذا الأمر الشكلي المشهدي أبعاد معينة تهدد وحدة الكيان اللبناني البطل ؟

أيمن حجازي