أيمن حجازي

تبدو الحكومة المقبلة مثقلة بالطموحات والمطامع حيث تبرز مطالبات القوى السياسية بالمقاعد الوزارية التي تعتبر متلائمة مع اﻷحجام واﻷوزان التي ترتبت عن اﻻنتخابات النيابية التي جرت في السادس من أيار الماضي. وتنزع بعض القوى الى المبالغة في مطالبها التي يفترض أن تعرقل التأليف وتؤخره بعض الشيء أو  تعقد هذا التأليف إن تداخلت العوامل الاقليمية والمحلية السلبية.
ويبرز في طليعة المطالبات ما يسعى اليه «تكتل لبنان القوي» برئاسة جبران باسيل الذي يقول إنه حاز في البرلمان الجديد 29 مقعداً نيابياً، ما يخوله الحصول في الحكومة المقبلة على ستة مقاعد نيابية يضاف اليها خمسة مقاعد من حصة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ما يمكّن التيار الوطني الحر من الحصول على الثلث المعطل في أي حكومة ثلاثينية. أما حركة أمل، فإنها متمسكة بحصتها السابقة من ثلاثة وزراء شيعة من بينهم من يتولى وزارة المالية التي يعتبرها رئيس المجلس النيابي نبيه بري من الحصة الشيعية في حكومات ما بعد الطائف وفق عرف وارد في في مداوﻻت مؤتمر الطائف ومكرس في تفاهم قائم بين الرئيس بري نفسه والرئيس الراحل رفيق الحريري. هذا في الوقت الذي أقدم فيه الطرف اﻵخر في الثنائية الشيعية ممثلاً بحزب الله على المطالبة بمقعد وزاري شيعي ثالث يضاف الى المقعدين الوزاريين اللذين كان يحتلهما في الحكومة الثلاثينية المستقيلة. وقد أضاف «حزب الله» الى هذا المطلب مطلب موضوعي آخر تمثل بإنشاء وزارة للتخطيط العام وأعرب عن الرغبة في اسنادها الى أحد مرشحيه لتولي المناصب الوزارية الثلاثة موضوع البحث. 
وفي العودة الى المقلب المسيحي من التمثيل الوزاري المسيحي، تبرز مطالبة حزب «القوات اللبنانية» بتنفيذ مفاعيل «تفاهم معراب» بين الحزب والتيار الوطني الحر، ويقضي هذا التفاهم وفق ما تؤكده أوساط «القوات» بإعطاء الحزب والتيار عدداً متساوياً من المقاعد الوزارية. ويقود هذا المعطى السياسي الذي يبرزه القواتيون الى القول بإلزامية أي اتفاق ثنائي بين اﻷطراف السياسية تجبر رئيس الحكومة على تنفيذ مفاعيل ذلك اﻻتفاق المفترض.
وعند اﻻنتقال إلى الضفة الدرزية نجد احتداماً قائماً بين الجنبلاطية والارسلانية من جديد حول المقعد الدرزي الثالث في أي حكومة ثلاثينية مفترضة، حيث يفترض الحزب التقدمي اﻻشتراكي أن هذا حقه الطبيعي بعد أن تمكن من استعادة المقعد الدرزي في بعبدا، وبعد أن أعلن النائب أنور الخليل شكلاً من أشكال الوﻻء للزعيم وليد جنبلاط، ما أتاح لرئيس الحزب التقدمي اﻻشتراكي لملمة سبعة مقاعد نيابية درزية من أصل ثمانية. ويضيف اﻻشتراكيون أن المقعد الدرزي الثامن قد ترك من قبلهم شاغراً فسحاً في المجال للتيار الارسلاني بأن يتمثل في المجلس النيابي من خلال اﻷمير طلال ارسلان «الذي ﻻ يليق به استعارة ثلاثة نواب مسيحيين موارنة الى كتلة نيابية مصطنعة كي يُستولى على المقعد الوزاري الثالث». ويغدو المشهد السنّي مفتوحاً على محاولة حريرية تستحوذ على المقاعد السنّية الستة في أي حكومة ثلاثينية مفترضة للحؤول دون تسلل أي من أصدقاء «حزب الله» السنة المبعثرين الذين لم يتمكنوا من اﻻلتقاء في كتلة نيابية واحدة تخولهم فرض وزير سنّي في الحكومة المقبلة. أما تيار المردة وحزب الكتائب فكل منهما يطالب بمقعد وزاري مع الاختلاف بنوعية هذا المقعد الوزاري الذي ﻻ يريده الزعيم سليمان فرنجية هامشياً.
لتلبية طلبات الكتل والقوى السياسية قد نحتاج الى حكومة من أربعين وزيراً حيث يبدو المحذور اﻷساسي في اﻻشكالية أن هذه الحكومة المفترضة ستكون عرضة ﻻستحضار سيرة علي بابا وأبطاله المنثورة أخبارهم في تضاعيف كتب التاريخ  «العربي المجيد».