العدد 1524 /17-8-2022
أيمن حجازي


اقتربت الأطراف السياسية اللبنانية من الإستحقاق الرئاسي ، كل من موقعه ، وكل حسب حساباته السياسية التي لا تحبذ الفراغ في سدة الرئاسة الأولى وفق ما هو معلن ومجاهر به بين المعسكرات اللبنانية المتلاطمة . فالرئيس نجيب ميقاتي عقد اجتماعا وزاريا في السراي الكبير دون أن يرقى الى مستوى الجلسة الحكومية . وهو في صدد زيارة قصر بعبدا لإستئناف الإتصالات مع الرئيس ميشال عون في كل ما يتعلق بالشأن الحكومي المجمد . أما باقي الجهات السياسية فإنها دخلت المطبخ الرئاسي بحثا عن أسماء وتسويات وعلاجات مطروحة .

وتقدم رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط المشهد الرئاسي عندما استقبل وفدا قياديا من حزب الله ، قيل ان الإنتخابات الرئاسية احتلت حيزا هاما من مجريات اللقاء بين الجانبين . بعد ان أرسل سيد قصر المختارة إشارات إيجابية الى حزب الله وعبر لقاء إعلامي مع تلفزيون المملكة الأردنية الهاشمية ... أكد فيه الرجل ضرورة أن يقدم الرئيس المقبل للبلاد على فتح حوار جاد مع حزب الله حول المقاومة والإستراتيجية الدفاعية . هذا فضلا عن تأكيده على ان حزب الله جزء من المجتمع اللبناني وجماهيره ليسوا من القمر . وقد أعرب حلفاء جنبلاط السابقون في معسكر الرابع عشر من أذار عن خشيتهم من إعادة تموضع جديد وتبدلات تحالفية جديدة قد يقدم عليها وليد جنبلاط . ولهذا السبب عمد " ابو تيمور " الى إرسال وفود سياسية كي يبدد أجواء الإنقلاب السياسي الذي حاول البعض أشاعتها على مواقف جنبلاط الأخيرة والتي برزت حيال حزب الله .

في المقابل سعى سمير جعجع الى تصليب موقفه السياسي والى المطالبة بالبحث عن مرشح تحدي في مواجهة جبران باسيل وحزب الله . ومعلنا رفضه لأية تسوية مع محور الممانعة على الساحة اللبنانية ومحددا مواصفات سياسية للمرشح الرئاسي لا تنطبق إلا عليه شخصيا ... ما يعني ان جعجع قد اوصدالأبواب في مواجهة أي مرشح تسوية يمكن أن يتم طرحه في هذه الآونة . وذلك في مقابل حديث جدي عن توافق ضمني قد يتم التوصل اليه بين حزب الله والحزب التقدمي الإشتراكي حول الموضوع الرئاسي المقبل . وينسجم الرئيس نبيه بري مع هذه الأجواء الإيجابية التي سادت في الأسبوع الأخير بين حارة حريك وكليمنصو ، خصوصا أن محصلة كل هذه الأجواء تولد لا نافية لخيار جبران باسيل في الموقع الرئاسي الأول وهو ما يحبذه رئيس حركة أمل ويقاتل في سبيله .

ويبقى السؤال الأهم في هذا الصدد وفق النص التالي مع الخلل الموضوعي البارز الذي يتضمنه هذا التساؤل :

هل يعمل حزب الله وحركة أمل من أجل إقناع وليد جنبلاط بترشيح سليمان فرنجية على الرئاسة الأولى ؟ أم أن وليد جنبلاط في صدد إقناع الثنائي الشيعي بمرشح توافقي يطمئن حزب الله ولا يقلقه ؟

حكايات الرئاسيات اللبنانية متشعبة وجميلة ومليئة بالتدخلات الأجنبية القبيحة . فالفرنسيون كانوا ميالين في فترة الإنتداب الى إميل ادة ، والإنكليز انحازوا الى بشارة الخوري ايام قوتهم وعندما كانت باريس محتلة من قبل النازيين . وقد حظي كميل شمعون على رضى البريطانيين ومن ثم الأمريكان الذين نزلوا بعسكرهم على الأوزاعي عام ١٩٥٨ لنصرة النظام الشمعوني . أما في العهد الشهابي الممتد بين عامي ١٩٥٨ و١٩٧٠ فقد كانت التسوية الأميركية - المصرية هي الحاكمة . وعندما تمكن اليمين المسيحي اللبناني في عام ١٩٧٠ من ايصال سليمان فرنجية الى سدة الرئاسة الأولى فإن تلك التسوية كانت قد ضعفت الى حين اشتعال الحرب اللبنانية في عام ١٩٧٥ وترتيب تسوية أميريكية - سورية استمرت طويلا حتى عام ٢٠٠٥ حين صدر القرار الدولي ١٥٥٩ الذي أسقط هذه التسوية في واد سحيق ... يكفي هذا القدر من الرئاسيات حتى لا نصاب بإكتئاب مستحدث قبل الحادي والثلاثين من أكتوبر القادم .

أيمن حجازي