العدد 1552 /1-3-2023
ايمن حجازي

تمكن حزب القوات اللبنانية من جر التيار الوطني الحر الى موقفه في ما يتعلق بتحريم وتجريم التشريع في ظل الشغور الرئاسي ، ما دفع بعضو اللقاء الديموقراطي النائب بلال عبدالله الى نعت حزب "القوات" والتيار الوطني الحر ب"ثنائي التعطيل" . وذلك بعد أن انضم التيار الى مهمة فرط عقد اللجان النيابية المشتركة يوم الثلاثاء الماضي ، تحت وطأة المزايدات المارونية - المارونية التي يدعي كل طرف من أطراف الساحة المسيحية في خضمها اضطلاعه بدور المدافع والمنافح عن الحقوق المسيحية "المهددة" .

وقد أعاد هذا المشهد السياسي البلاد الى وجه من وجوه الحقيقة السياسية التى كانت سائدة في عام ١٩٧٥ حين كان الإنقسام المحلي يتخذ الطابع الطائفي الإسلامي المسيحي ، وذلك قبل أن تتطور الإنقسامات لتتخذ طابعا مذهبيا . صحيح أن ما بين حزب القوات والتيار الوطني الحر " ما صنع الحداد " ، ولكن الصحيح أيضا أنهما في بحث آني عن قاعدة سياسية مشتركة عند المفترقات وهذا ما يمكن أن نجد له تجسيدا عمليا في تفاهم معراب الذي لم يعمر طويلا والذي كان فاشلا بكل المعايير خصوصا إذا أجرينا عليه مقارنة سريعة مع تفاهم كنيسة مار مخايل بين حزب الله والتيار الوطني الحر . إن التناغم المضمر بين أكبر قوتين مسيحيتين في البرلمان الحالي أقفل الباب التشريعي المتاح ، وأوصد الهوامش التي كان يتحرك من خلالها المجلس النيابي إبان الشغورين الرئاسيين السابقين اللذين حدثا في عامي ٢٠٠٨ و٢٠١٤ . وأوجد تعقيدات جديدة في حياة اللبنانيين المدلهمة التي باتت تحت وطأة الجوع والمرض والعوز وإقفال المدارس والجامعات ما شكل تهديدا مباشرا لأمن المجتمع اللبناني المتصدع . في ظل عملة وطنية تترنح تحت وطأة الدولار الأميركي الذي يناهز الواحد منه المئة ألف ليرة لبنانية .

لقد جفت المعطيات السياسية إلا من خلال كلام بائس عن تسوية رئاسية يهمس بها في الخارج ودونها عقبات جمة . وانحدر المستوى السياسي والإعلامي الى صبيانية تطوف حول عدد أحرف إسم الرئيس المقبل هل هو مؤلف من أربعة أحرف فتكون النتيجة (جوزف عون ) ، أما إذا كان الإسم مؤلف من خمسة أحرف فإن النتيجة ستكون وفق بعض أولئك الإعلاميين المنافسين للعرافين الكثر (سليمان فرنجية) . أما المعضلة الكبرى هنا فإنها ستنشأ في حال كتب الإسم الأول لقائد الجيش بإضافة الياء في وسطه ليصبح ( جوزيف ) عندها ستختلط الأمور ويصبح من الصعب معرفة الإسم الذي يكتمه صاحب الطلة الإعلامية الأبهى على الشاشة الإعلامية قاطبة . والحديث عن تسوية رئاسية تطبخ في الخارج تضيف إسم السفير نواف سلام كرئيس للحكومة الى جانب الرئيس العتيد المفترض اختياره . فتصبح تلك التسوية المشتهاة تسوية رئاسية - حكومية مشتركة ، وكأن التسوية الرئاسية السابقة في خريف ٢٠١٦ لم تكن كذلك ولم يكن الرئيس سعد الحريري في صلبها عائدا الى السراي الكبير بعد غياب استمر لسنوات في موازاة عودة الجنرال ميشال عون الى قصر بعبدا .

ثمة سؤال يدور حول إمكانية التوصل الى أية تسوية رئاسية في غياب حزب الله ؟ ما يشكل صعوبة بالغة ... وهل يمكن للنادي الخماسي الدولي - العربي المنعقد سالفا في باريس أن ينجز تسوية رئاسية مقترحة في غياب طرف إقليمي على علاقة مع حزب الله ؟ والإجابة المفترضة تقول بأن المرشح سليمان فرنجية جدير بأن يشكل قناة تفاعل تفاوضي بين حزب الله والقوى الدولية المناوئة له والمختلفة مع الجمهورية الإسلامية في إيران فضلا عن أن قطر العضو الفاعل في النادي الخماسي الدولي - العربي على علاقة جيدة نسبيا مع طهران . وقد شهد التاريخ اللبناني الحديث وصول رئيس للجمهورية نتيجة تفاهم وتسوية بين الولايات المتحدة الأميركية والقوى المناوئة لها في عام ١٩٥٨ عندما وصل اللواء فؤاد شهاب الى سدة الرئاسة اللبنانية الأولى بفعل تسوية أميريكية - ناصرية مشهودة .

هل تبصر تسوية رئاسية ما النور في الأشهر القليلة القادمة ، أم أن ثنائي التعطيل كمولود جديد سينمو ويكبر ليكتم وبقوة أنفاس الساحة السياسية اللبنانية المنكوبة بإمتياز .

ايمن حجازي