العدد 1548 /1-2-2023
أيمن حجازي

وحده وليد جنبلاط من بين الساسة اللبنانيين من أقدم في الأسبوع الأخير على خرق الجمود الذي يحيط بالملف الرئاسي من خلال انفتاحه على قوى سياسية لطالما اختلف معها في العقدين الأخيرين من الزمن السياسي اللبناني ، وفي مقدمة هذه القوى التيار الوطني الحر وحزب الله . وكانت آلته السياسية قد تحركت باتجاه البطريركية المارونية وهي في تواصل دائم مع حزب القوات اللبنانية والرئيس نبيه بري فضلا عن علاقات حيوية ومتحركة مع المملكة العربية السعودية وفرنسا اللذين يصنفان كدول معنية بالشأن اللبناني من غير أن ننسى أن الديبلوماسية الأميركية الفاعلة في لبنان تحتفظ بعلاقات إيجابية مع الزعامة الجنبلاطية التي تبوأت موقع الصدارة في معسكر الرابع عشر من أذار .

... منذ أمد بعيد لم نسمع أحدا من وجوه التيار الوطني الحر يمتدح وليد جنبلاط بخلاف ما حصل مع النائب غسان عطالله المقرب من جبران باسيل الذي قيم إيجابيا تحركات سيد قصر المختارة . وتجدر الإشارة هنا الى أن أبو تيمور كان قد التقى باسيل مرتين خلال الشهر الفائت في منزل ابنته داليا وتداول في شؤون رئاسية وسياسية شتى . ويأتي التحرك الذي يقوم به جنبلاط اثر الهجوم السياسي الشامل الذي شنه رئيس التيار الوطني الحر يوم الأحد الماضي وطال قائد الجيش العماد جوزيف عون وحزب الله والنائب السابق سليمان فرنجية والرئيس نجيب ميقاتي والمرشح الرئاسي ميشال معوض . وقد انكشف المشهد السياسي على توتر عام بين باسيل وكافة القوى السياسية ماخلا النائب جنبلاط ... ، ما يمثل حالة استثنائية إيجابية لم تحصل من قبل في تاريخ العلاقات الجنبلاطية - العونية الحافلة بالتوترات . ويعقد البعض المراقب أن الجولة الحالية من الأخذ والرد والتجاذب الإعلامي الساخن عنوانه الأساسي المرشح جوزف عون وأن الكثير من التحركات المحلية التي ازدحمت بعض الشيء في الآونة الأخيرة هدفها تقديم ميزان قوى لبنان محدد ووضعه برسم الإجتماع الدولي الخماسي المنوي عقده الأسبوع المقبل في العاصمة الفرنسية ويفترض أن يضم ممثلين عن الولايات المتحدة الأميريكية وفرنسا والمملكة العربية السعودية وقطر ومصر .

ويعلق البعض آمالا عريضة على هذا الإجتماع الذي اخذ بعده الإيراني من خلال زيارة قام بها الى طهران وزير الخارجية القطري في ما اعتبر استمزاج للرأي الإيراني حول الوضع اللبناني الذي يتصدره معالجة الشغور الرئاسي المميز الذي يخيم على الساحة اللبنانية . وقد تمت قراءة إحجام الرئيس نبيه بري عن الدعوة الى جلسة الخميس الإنتخابية الذي تحولت الى طقس من طقوس البرلمان اللبناني في الموسم الأخير . وقد تسلل الى الإعلام وبشكل متعمد أن رئيس المجلس النيابي قد طلق الورقة البيضاء ما يوحي بأن بري لن يدعو الى جلسة إنتخاب مماثلة للجلسات السابقة ... إلا أن تكون جلسة جدية تفضي الى إنتخاب رئيس بشكل حاسم . ويعتقد البعض أن هجوم جبران باسيل على قائد الجيش جوزيف عون يهدف بشكل رئيسي الى تضخيم الفيتو الذي يسعى الى امتلاكه في وجه القائد الذي لقي تعاطفا شعبيا واسعا إثر هجوم باسيل المشار اليه . في الوقت الذي يسعى فيه الثنائي الشيعي الى إدارة المعركة بالشكل الذي يخدم ترشيح الزعيم الزغرتاوي سليمان فرنجية . هذه المعركة التي تبدو صعبة في ظل غياب الحد الأدنى المطلوب من التبني المسيحي لفرنجية ما يشكل رافعة مفترضة لا بد منها .

يبدو أن صفحة ميشال معوض وصفحة الورقة البيضاء قد طويتا ، وجاء دور الأسماء الحقيقية التي يتقدمها اسمي القائد جوزيف عون والزعيم سليمان فرنجية . وما زال البعض الآخر يطمح الى اختزال هذين الإسمين باسم ثالث يكون عنوانا مستترا لتسوية قادمة على صهوة الغموض الإقليمي والإحتدام المحلي والتوتر الدولي . وإلا فإن الشغور الرئاسي باق على قيد الحياة أمدا أطول .

اللهم تغمدنا برحمتك يا أرحم الراحمين .

أيمن حجازي