العدد 1504 /16-3-2022

قبل شهرين من موعد الإنتخابات النيابية المفترضة انقشعت الساحة عن ميادين إنتخابية متفاوتة في مستوى احتدامها، حيث تبدو الساحة الإنتخابية المسيحية الأكثر حماوة وملحمية تليها الساحة الإنتخابية الدرزية ومن ثم الساحة الإنتخابية السنية فالساحة الإنتخابية الشيعية التي تشهد استقرارا إنتخابيا نسبيا لمصلحة الثنائي الشهير ممثلا بحركة أمل وحزب الله .

في هذا التدرج الطوائفي المشهود تقوم أعنف المعارك بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية في كافة الدوائر المسيحية مع استنفار كامل لكافة الوسائل والأدوات المتاحة ولكافة التحالفات الممكنة . وهي تمتد في الجغرافيا من عكار شمالا الى جزين جنوبا ومن زحلة شرقا الى بيروت غربا مرورا بالبترون والكورة وكسروان وجبيل والمتن والشوف وعالية والبقاع الغربي ... وهي معركة تشمل عهد الرئيس ميشال عون وتطال العمق التاريخي للصراع بين " الجنرال ميشال عون والقائد القواتي سمير جعجع " . وللمعركة بعد اقليمي واضح تنطلق من تحالف التيار الوطني الحر مع حزب الله ومن خلفه الجمهورية الإسلامية في إيران ، ومن تزعم حزب القوات اللبنانية ما كان يطلق عليه معسكر الرابع عشر من أذار ومن خلفه المملكة العربية السعودية ومن ورائها الولايات المتحدة الأميريكية والعواصم الأوروبية الغربية . ما يعطي الإنتخابات اللبنانية طابعا دوليا مشهودا يؤكده الإهتمام البالغ للعديد من العواصم الدولية بإجراء هذه الإنتخابات ونزاهتها . وقد شهدت الأيام الأخيرة مبارازات كلامية عديدة بين رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ، وكانت مائدة هذه المبارازات غنية بما لذ وطاب من الوجبات "المدهنة " التي تشيع حالة من الزفر الساخن . ويعتري الوهن تحالفات التيار الوطني مع حركة أمل وتيار المردة وآل سكاف في زحلة وآل المر في المتن ، في موازاة وهن متفاوت بين حزب القوات اللبنانية مع تيار المستقبل والحزب التقدمي الإشتراكي وحزب الكتائب اللبنانية .وتبقى الحميمية السياسية حاضرة في علاقات التيار الوطني الحر مع حزب الله والحزب السوري القومي الإجتماعي في موازاة حميمية مقابلة بين حزب القوات اللبنانية وبعض من كان على يمين تيار المستقبل كالرئيس فؤاد السنيورة والوزير السابق أشرف ريفي فضلا عن بعض المتساقطين من تيار المستقبل نفسه .

أما على صعيد الساحة الدرزية فإن رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي يواجه تحديات جمة قد تعرضه الى تخفيض حضوره النيابي الدرزي من جراء ما قيل أنه تماسك في تحالف مفترض بين الأمير طلال ارسلان والتيار الوطني الحر ووئام وهاب قد يهدد أحد المقاعد الدرزية في الشوف . كما أن الحرج التقليدي الذي يصيب عادة وليد جنبلاط من العلاقة مع الزعامة الإرسلانية ستدفعه مجددا الى ترك أحد المقعدين الدرزيين في عالية فارغا لطلال ارسلان .أما المقاعد الدرزية في بيروت الثانية وبعبدا والبقاع الغربي فانه ستشهد معارك حامية الوطيس وقد تكون بعض هذه المقاعد النيابية باتت في مهب الريح ... وينبغي الإشارة هنا الى أن المقعد الدرزي في الجنوب قد حسمه دون تردد الرئيس نبيه بري لمصلحة مروان خير الدين الذي يدين بالولاء الى الأمير طلال ارسلان .

في الساحة الإنتخابية السنية يبدو التبعثر والحطام سيد الموقف من أن تيار المستقبل الذي كان يمسك بخناق هذه الساحة قد أفلت يديه دون إنذرات سابقة ودون خطوات تمهيدية ما ادى الى حدوث فوضى خلاقة قد تؤدي الى الى حدوث اختراقات متعددة وصدمات متفاوتة يحاول في مواجهتها مفتي الجمهمورية الشيخ عبد اللطيف دريان أن يفعل شيئا دون جدوى .

في الساحة الإنتخابية الشيعية يسود الإستقرار والثبات في موازين القوى على الرغم من بعض الصخب المتفاوت بين دائرة إنتخابية وأخرى ، في ظل قوتين راسختين من خلال حركة أمل وحزب الله تقوم أولاها على مقولة مقاومة الحرمان وتقوم الأخرى على مقولة مقاومة الإحتلال ومجابهة الخطر الصهيوني . وهذا ما يؤدى الى استاتيكو لا سبيل الى تغييره أو تعديله في المدى المنظور ويبدو في نظر البعض أنه استاتيكو قابل لمزيد من التعزيز والتثبيت .

ايمن حجازي