العدد 1480 /29-9-2021

لا يبدو أن عجلة الإنتخابات النيابية قد دارت بعد لدى معظم القوى السياسية اللبنانية . لأن وراء الأكمة ما وراءها ، حيث تفتقد الحماسة لإجراء هذه الإنتخابات في مواعيدها المفترضة في ربيع العام القادم لدى العديد من الجهات السياسية المتضررة من القانون الإنتخابي الحالي الذي يطلق عليه قانون الصوت التفضيلي . وحيث يرى جمع من الباحثين والدارسين أن هذا القانون مفعم بالروح الطائفية والمذهبية وسيشكل على الدوام في قابل الأيام أداة فاعلة لتعميق المأزق اللبناني في بعديه الطائفي والمذهبي .

يقف حزب القوات اللبنانية وحيدا مزهوا بقانون الصوت التفضيلي الذي ضاعف حجم كتلته النيابية في إنتخابات عام ٢٠١٨ ، ويتضامن مع حزب القوات على مضض التيار الوطني الحر الذي زاد حجم كتلته النيابية في إنتخابات ذلك العام . في الوقت الذي خسر فيه تيار المستقبل حوالي نصف كتلته النيابية ، وتضاءل حجم الكتلة النيابية للحزب التقدمي الإشتراكي . وبات ثنائي أمل - حزب الله ممتعض من قانون الصوت التفضيلي لأسباب متصلة بإنحسار القدرة على التأثير في المقاعد النيابية غير الشيعية " ما كان يضفي طابعا من التمازج والتفاعل الوطني الإيجابي على الإجتماع السياسي اللبناني المضروب طائفيا " . وكان هذا العامل يفعل النشاط الإنتخابي التحالفي لدى أمل وحزب الله في إنتخابات ما قبل قانون الصوت التفضيلي .

هل من إمكانية لإحداث تعديل أو ثغرة ما في جدار القانون الإنتخابي ؟ ولو على مستوى إفساح المجال أمام الناخب اللبناني لإمتلاك صوتين تفضيليين بدلا من الصوت الواحد ؟

لا يبدو أن الأمر متاحا ، حيث يبدو التعديل الواحد مدخلا لإستيلاد تعديلات شتى تغرق البحث وقد تطيح بالإنتخابات النيابية من أساسها . وقد بات معلوما أن الجهات المتحمسة لقانون الصوت التفضيلي والتي تعارض إجراء أي تعديل يمكن أن يطرأ ذلك القانون ، تكاد تعتبر أن الحديث عن أي تعديل مفترض يطال قانون الإنتخابات الساري المفعول يعتبر بمثابة محاولة للإنقلاب على إجراء تلك الإنتخابات في مواعيدها الدستورية . ويطفو على السطح في هذه الآونة ، معضلة النواب الستة المخصصين لتمثيل المغتربين في بلاد الإنتشار . ويتطلب حل هذه المعضلة إصدار مراسيم تطبيقية لترجمة ذلك القانون الإنتخابي في هذا الخصوص . وحيث يتوزع النواب الستة على الطوائف اللبنانية الكبرى الذين من المفترض توزيعهم على القارات الأرضية الست . وقد تصبح قارة أمريكا بالمعيار الطائفي اللبناني شيعية وأوروبا سنية وأفريقيا مارونية وآسيا درزية وأوستراليا كاثوليكية ....

يبدو الإصرار الدولي على إجراء الإنتخابات النيابية كبير جدا ، والإصرار العوني - القواتي على التمسك بقانون الصوت التفضيلي كبير أيضا . والحيادية المشوبة بالحذر تجتاح موقف ثنائي أمل - حزب الله حيال القانون الإنتخابي . أما مصير الإنتخابات النيابية فإنها بيد القدر الذي قد يخبأ مفاجآت ما على الساحة اللبنانية . والإنتظار هو سيد الموقف لإنتخابات الربيع أو لربيع الإنتخابات ...

هل تبدد هذه الإنتخابات حالة الإكتئاب السياسي والحياتي التي تغمر الساحة اللبنانية من خلال رقعة الفقر المتسع التي تكبر يوما بعد يوم ؟ هل تسنح الفرصة لإلتقاط الأنفاس ... أنفاس الشعب اللبناني المتعب ؟ أم أن الأمر لا يعدو محطة من مسار التاريخ اللبناني الذي يشهد محطات إستراحة ليس إلا . فتصبح كل محطة من تلك المحطات مجرد استراحة بين حربين ... حرب نعيش غمارها حتى هذه اللحظة بكل شظف العيش وذل الطوابير ... طوابير الحاجة والفاقة والمذلة .

أيمن حجازي