العدد 1551 /22-2-2023
أيمن حجازي

يكمل الشغور الرئاسي طريقه ليصل الى مواقع أمنية وإدارية شتى ، فيطال بعد أيام المديرية العامة للأمن العام ومن ثم حاكمية مصرف لبنان وصولا الى قيادة الجيش في مطلع العام القادم . وقد باءت بالفشل محاولات التمديد للواء عباس ابراهيم على رأس المديرية العامة للأمن العام من خلال المجلس النيابي ، ولم يبقى الا ابتداع طريقة قانونية يتم اللجوء اليها وصولا الى استمرار ابراهيم في موقعه الأمني والسياسي الهام على الساحة السياسية اللبنانية في هذه المرحلة .

وقد كادت الأمور أن تمر بسلام من خلال المجلس النيابي الذي كان يفترض أن يقر قانونا يمدد للواء ابراهيم ولعدد من المدراء العامين اللذين من المفترض أن يكونوا قد بلغوا سن التقاعد ، ما يعود بالفائدة الجمة على جبران باسيل الذي يملك حصة وازنة من هؤلاء المرشحين للإحالة الى التقاعد بعد بلوغهم السن القانونية . وهذا ما كان يفترض أن يؤمن ثمنا إداريا للتيار الوطني الحر مقابل مشاركة نوابه في الجلسة التشريعية المفترضة . ولكن خشية باسيل من مزايدة حزب القوات اللبنانية عليه في موضوع "جريمة" التشريع في ظل الشغور الرئاسي ، دفعته الى عدم القبول بالمشاركة في تلك الجلسة . ما أحبط المساعي الهادفة الى قيام جلسة تشريعية تتصدى لقضايا ملحة لا بد من التصدي لها ومن ضمنها الصرف على القاعدة الإثني عشرية بعد تعذر إقرار موازنة العام الحالي نتيجة الشغور الرئاسي وتعطيل عمل الحكومة من قبل دعاة الحرص على الموقع الرئاسي الأول في لبنان والممنوح للطائفة المارونية الكريمة .

إن هذه الوقائع السلبية لا تعمق الشرخ بين أطراف الساحة السياسية اللبنانية وحسب ، بل إنها تعمق الشرخ بين القوى المتحالفة التي تخندقت في العقدين الأخيرين في مواقع مشتركة . فمعسكر الثامن من أذار انفجرت العلاقات في داخله منذ بضعة سنين بين التيار الوطني الحر وحركة أمل ، وها هي العلاقات بين التيار الوطني الحر وحزب الله باتت مهددة والطلاق الذي كان أبغض الحلال بات واردا وعلى جدول الأعمال بين الطرفين الحميمين الذين عاشا شهر عسل مميز استمر لسنوات طويلة . وفي المقابل فإن علاقات حزب القوات اللبنانية مع تيار المستقبل عديمة الثقة وتفتقد الدفء والحرارة ولولا العلاقة المشتركة مع المملكة العربية السعودية لكانت مظاهر التدهور بين الطرفين أوضح وأظهر . أما علاقات الحزب التقدمي الإشتراكي مع تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية فإنها علاقات الحد الأدنى ، التي تفوقها جودة علاقات وليد جنبلاط بالرئيس نبيه بري وحركة أمل .

ينكشف المشهد السياسي اللبناني عن ساحة محطمة فقراؤها يتكاثرون وأزماتها الإجتماعية والحياتية تحتدم ، ومؤسساتها السياسية تحتضر وعلاقات قواها السياسية تموت وينتفي في هذا المشهد العلاقات التحالفية الجدية فأبالسة السياسة في لبنان يدمرون كل شيء وبأساليب زلزالية عنيفة .

ومازال أبالسة الداخل يستغيثون بأبالسة الخارج حتى إشعار آخر ...

أيمن حجازي