العدد 1486 /10-11-2021

تتوالى التعقيدات السياسية اللبنانية وتتراكم لتغرق الساحة بما لذ وطاب من الإشتباكات السياسية والإعلامية المتنوعة . وتتوزع هذه التعقيدات في هذه الآونة على محاور ثلاث في إنتظار ولادة تعقيدات مفترضة متعلقة بالإنتخابات النيابية المفترض إجراؤها قبل الحادي والعشرين من أيار المقبل :

- التوتر الديبلوماسي السعودي - الخليجي - اللبناني .

- قضية القاضي طارق بيطار الذي يمسك بملف التحقيق بانفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب ٢٠٢٠ .

- قضية أحداث الطيونة والإشتباكات التي وقعت في محيط عين الرمانة في الرابع عشر من تشرين الأول الماضي والتحقيقات والتوقيفات التي تلتها .

في الموضوع الأول يخيم الإنقسام على مواقف الأطراف المشاركة في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الذي يطالب بإستقالة وزير الإعلام جورج قرداحي كمقدمة للبحث في حلحلة العقد المتعلقة بالأزمة مع المملكة العربية السعودية . في الوقت الذي يصر فيه تيار المردة وحليفه حزب الله على رفض هذه الإستقالة . وتتراوح مواقف باقي الأطراف بين داع الى إقالة قرادحي والإعتذار من المملكة السعودية مثل رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط ، وبين من يلتزم الحياد الإيجابي مثل التيار الوطني الحر . اما حركة أمل فإنها تسعى الى الموازنة بين عدم خذلان الحليف سليمان فرنجية وبين الحرص على عدم استفزاز السعوديين والخليجيين . ويبدو أن هذه المعضلة قد باتت في عداد القضايا ذات البعد الإقليمي الساخن المتعلق بالحرب اليمنية - السعودية بعيدا عن الإعتبارات المحلية التي نشأت فيها تلك القضية . وما يؤكد هذا البعد هو دخول جامعة الدول العربية على خط الوساطة بين لبنان والسعودية دون بروز أي بصيص أمل على هذا الصعيد . في هذا الوقت يترسخ التفاهم والتقارب بين السياسة السعودية في لبنان وبين مواقف حزب القوات اللبنانية حتى بات ينقل عن مصادر سعودية ان ذلك الحزب بات الأقرب الى مواقف المملكة . وذلك من ضمن عملية إنقلابية تم من خلالها إستبدال تيار المستقبل بحزب القوات اللبنانية الذي حظي برضى المملكة والقادة فيها وبعد ان أبتعد الرئيس سعد الحريري عن الرياض ميمما وجهه شطر العاصمة الفرنسية والرئيس ماكرون منذ ان أنجز نادر الحريري بنود التسوية الرئاسية بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر في صيف عام ٢٠١٦ . ولا تبدو هذه المعضلة قابلة للتسوية في القريب العاجل ، لا بل إنها صارت مفتوحة على تطورات سلبية في قابل الأيام .

- في موضوع القاضي طارق البيطار تزدحم الدعاوى والردود والجدل الصاخب قانونيا وقضائيا . ويزدحم معها الإصطفاف السياسي الحار بين مؤيد وداعم للقاضي البيطار المصمم على جرجرة وجوه سياسية ووزارية عدة من الطاقم المقرب من رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى التحقيق والمحاكمة والإدانة المباشرة وغير المباشرة . وبين رافض لتوجهات البيطار التي يبدو أنها تستهدف حركة أمل وحلفائها وفي مقدمهم تيار المردة ... حيث يعتقد المقربون من حزب الله أن وراء الأكمة ما وراءها لجهة إستهداف حزب الله والمقاومة ومحور الممانعة ككل . وبما أن عقدة القاضي بيطار ما زالت قائمة ولم تفلح الجهود حتى الان للإطاحة بالرجل ، فإن جلسات الحكومة الميقاتية الوليدة ما زالت معطلة . وما زال الرئيس ميقاتي يتابع الأمور الحكومية عبر اجتماعات متخصصة خارج إطار مجلس الوزراء ولكن بالتنسيق الفعال والمنتج مع الرئيسين ميشال عون ونبيه بري . مما أوجد علاقات رئاسية دافئة رغم كل الإحتدام الحاصل على الساحة اللبنانية . وهذه تقنية سياسية يبدعها الرئيس نجيب ميقاتي دون غيره من رؤساء الحكومات ، حيث القدرة فائقة والإرادة متوافرة للفصل بين الملفات والقضايا والمهارة متوافرة لآلية تجزئة الأزمات تمهيدا لحلها بالتدريج عقدة ... عقدة .

- أما قضية حادثة الطيونة - عين الرمانة فإنها معضلة قضائية مستحدثة لا فرار منها لأن تكلفتها الغالية تقدر بسبعة شهداء وسبعة عوائل فجعوا بمقتل او استشهاد أبنائهم في ذلك اليوم الخريفي المشمس . وكما هي العادة فإن لهذه القضية ضفتان ، اولهما ضفة عائلات الشهداء التي تبرز بكل مأساوية المشهد الأليم ، وثانيهما ضفة أهالي المعتقلين من أهالي عين الرمانة المتهم قسم منهم بإطلاق النار على متظاهري الطيونة وقتل سيدة في منزلها وستة شبان في الشارع .

اما معضلة القانون الإنتخابي والطعن به وببنوده المتفرقة فإنها قضية شائكة قد تشكل خارطة طريق سليمة للتملص من إجراء الإنتخابات النيابية في ربيع العام القادم . وقد تشكل وفق توقعات بعض المتشائمين مدخلاً طبيعيا لإحداث إنقسام دستوري يصيب الدولة اللبنانية جراء إنقسام بين من يعترف بشرعية الإنتخابات النيابية (إن حصلت) ومن لا يعترف ...

أيمن حجازي