العدد 1487 /17-11-2021

أتقن الرئيس نجيب ميقاتي التعايش مع الوضع الحكومي القائم حيث تم تغييب جلسات مجلس الوزراء ، واستبدلت هذه الجلسات باجتماعات جانبية ومتابعات مباشرة مع الوزراء المعنيين في مختلف المواضيع المطروحة . وقد مر حوالي الشهر على حادثة الطيونة التي تعطل على إثرها مجلس الوزراء . وباتت المعضلة الحكومية متفرعة الى ثلاثة إشكالات متنوعة :

أ - تنحية القاضي طارق البيطار عن ملف تفجير مرفأ بيروت .

ب - متابعة التحقيقات في حادثة الطيونة التي سقط من جرائها سبعة مواطنين .

ج - الأزمة الديبلوماسية المستفحلة بين لبنان من جهة والسعودية وبعض دول الخليج من جهة أخرى.

حتى هذه الساعة لم تفلح كافة المساعي التي بذلت لإستئناف جلسات مجلس الوزراء ، على الرغم من الطروحات العديدة التي صيغت من أجل إيجاد مخرج يرضي جميع الأطراف المعنيين بهذه المعضلة . ولعل المستجدات لا تحمل أي عناصر إيجابية . فعلى الصعيد القضائي الذي كان الرئيس ميقاتي يأمل في إمكانية إستيلاده لتسوية قانونية . يبدو أن الإنقسام بات يسود المؤسسة القضائية حول موضوع تفجير المرفأ بشكل عام وحول مصير القاضي بيطار بشكل خاص . والتحديات في هذا المجال تكبر وتتفاقم حتى بين الحلفاء وأبناء الصف الواحد . والقضية هنا ليست محصورة في جانب واحد . وما يقال عن التباين في هذا الموضوع بين ثنائي امل - حزب الله والتيار الوطني الحر ، يمكن ان يقال عن تيار المستقبل من جهة والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الإشتراكي من جهة أخرى .

الخلاف بين أطراف الثامن من أذار يدور حول التسييس في عمل القاضي بيطار ، حيث يعتقد ثنائي أمل - حزب الله ان ذلك القاضي يعمل على أجندة سياسية ستنتهي الى توجيه أصابع الإتهام الى هذا الثنائي أو أحد طرفيه بتفجير المرفأ . في حين يبرأ التيار الوطني الحر القاضي البيطار من تهمة التسييس .

في المقابل ، فإن تيار المستقبل يعترض على استهداف رئيس الحكومة السابق حسان دياب ولا يرتاح لإستهداف النائب نهاد المشنوق وذلك لإعتبارات طائفية ومذهبية معروفة . في حين يتشدد حزب القوات اللبنانية والحزب التقدمي الإشتراكي في ضرورة مثول كافة الوجوه السياسية المطلوبة أمام المحقق العدلي في تلك الجريمة . وتجدر الإشارة هنا الى الإنقسام بين الأطراف التي كانت متحالفة في معسكري الرابع عشر والثامن من أذار ، هذا الإنقسام قد تواصل وبلغ الموضوع الإنتخابي ، وهذا ما شهدناه قبل أكثر من أسبوعين عندما رد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون القانون الذي يحدد فيه السابع والعشرين من أذار المقبل كموعد لإجراء الإنتخابات النيابية القادمة والذي يتضمن بعض القضايا الخلافية المتعلقة بتصويت المغتربين والبطاقة البيوماتركية .

إن الساحة اللبنانية التي تشهد خلافات حتى بين الحلفاء ، لم تشهد حتى هذه الساعة إنقلابات جذرية في التحالفات الأساسية . على الرغم من أن هذه التحالفات باتت مفعمة بالغيظ والغيظ المضاد كما هو حاصل بين حركة أمل وتيار المردة من جهة وبين التيار الوطني الحر من جهة أخرى ، أو كما هو حاصل أيضا بين تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية . ففي الحالة الأولي يلعب حزب الله دورا حاسما في ضبط الخلافات وتنظيمها علما أن ذلك مهمة شاقة ومكلفة . وفي الحالة الثانية يلعب التطلع نحو استرضاء المملكة العربية السعودية دورا ما في تضييق هوامش الخلاف .

مسيرة الخلافات بين القوى السياسية اللبنانية متفاقمة و مستمرة ، وآلام المواطنين اللبنانيين العاديين مستمرة ومتصاعدة وهي تطال كل شؤون حياتهم الصغيرة والكبيرة .

أيمن حجازي