العدد 1460 /5-5-2021

أمعن الفرنسيون في إطلاق التهديدات باللجوء الى إنزال العقوبات بالسياسيين اللبنانيين المعرقلين لتشكيل الحكومة المكلف برئاستها الشيخ سعد الحريري ، وذلك خلال اﻷشهر القليلة الماضية . وظن البعض أن الغضب الساطع سينطلق من باريس ليطال خصوم الرئيس الحريري السياسيين في الوطن اللبناني المزدحم باﻷزمات ، وإذا بالوزير الفرنسي القادم الى العاصمة اللبنانية يحذف الرئيس الحريري من لائحة زياراته على المراجع السياسية المعنية باﻷزمة الحالية . ما يدفع بالحريري الى طرح مسألة اﻹعتذار عن اﻹستمرار في السعي لتشكيل الحكومة العتيدة بشكل جدي . وتتحول بذلك دائرة العقوبات لتطال أولا السياسي اللبناني اﻷقرب الى باريس في هذه المرحلة ألا وهو الرئيس الحريري . وكأن الموقع السياسي للرئيس الحريري قد أصيب بنيران صديقة أو برصاص طائش أطلق من رام لا يجيد التسديد في ساحة سياسية كالساحة اللبنانية .

ولكن الحقيقة السياسية لا تقتصر على هذه المعطيات ، فثمة معطيات أخرى تبرز وتتضح ، وهي على صلة بالموقف السعودي من ترؤس الحريري للحكومة اللبنانية حيث سربت أكثر من جهة سياسية أن الحكم السعودي بات يجاهر بزهده بالرئيس الحريري لا بل إنه يفضل إسما أو أسماء أخري لتولي رئاسة الحكومة اللبنانية . ما قد يسمح او لا يسمح بحصول تقاطع ما مع القوى المعارضة للسياسة السعودية في لبنان . هذا في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات السعودية - السورية إنفراج جدي تمثل بزيارة مسؤول أمني سعودي رفيع الى دمشق في ظل حديث عن قرب فتح السفارة السعودية في العاصمة السورية . وذلك بالتزامن مع اﻹشارة اﻹيجابية التي أطلقها ولي العهد السعودي حيال إيران والتي تلت لقاء سعوديا - إيرانيا عقد قبل حوالي أسبوعين في العاصمة العراقية . وهذا ما قد ينبأ بتحقيق نجاح سياسي هام للتيار الوطني الحر إن هو حصل ، خصوصا بعد أن ظهرت عدة مؤشرات على وجود رغبة جامحة لدى فريق الرئيس ميشال عون بالتخلص من الحريري الذي أظهر حالات تمرد شتى تتناقض مع هدوئه ووداعته البينة إبان إزدهار أيام التسوية الرئاسية التي حصلت في خريف 2016 وأعادته الى السراي الكبير بعد أن أوصلت الجنرال ميشال عون الى سدة الرئاسة اﻷولى في قصر بعبدا .

وسينعكس هذا النجاح العوني المفترض ( والناتج عن اﻹعتذار المفترض ) على ميزان القوى السياسي في الساحة اللبنانية وسيصيب جميع اﻷطرااف وفي مقدم هؤلاء حلفاء الرئيس الحريري السابقين الذي كان يجمعهم تحالف الرابع عشر من أذار . وسواء تمكن الرئيس الحريري من الصمود أم لجأ الى خيار اﻹعتذار ، فإن الأزمة الحالية باقية على تعقيداتها المتشعبة التي قد لا تحظى بفرصة تنفيس لﻹحتقان اﻹقتصادي والمالي والسياسي في حياة المواطنين الشاحبين المكفهرين . خصوصا إذا علمنا أن كل ما يجري حاليا مفتوح ومتصل ومتواصل بواسطة كابلات الطموحات الرئاسية مع اﻹنتخابات الرئاسية المستحقة في خريف العام المقبل والمرشحة للتعطيل المؤدي الى فراغ رئاسي مفترض ( لاحظوا غلبة العالم اﻹفتراضي ) ما يجعل بعض القوى السلطوية الشهيرة معنية بشكل مباشر بالبحث الجدي بآليات السيطرة على السلطة أو على ما تبقى منها ... وهذا ما يخفف من آثام إقتراح أشهر دهاقنة السياسة اللبنانية الحالية ( إيلي الفرزلي ) بمبادرة الجيش اللبناني الى اﻹمساك بتلابيب الساحة اللبنانية " البطلة " .

أيمن حجازي