العدد 1485 /3-11-2021

لم ينحني تحالف حزب الله - سليمان فرنجية امام العاصفة السعودية الخليجية وفرض على حركة أمل والتيار الوطني الحر موقفا رافضا لإستقالة وزير الإعلام جورج قرداحي الذي سبق له أن أدلى بكلام تلفزيوني أغضب المملكة العربية السعودية حول حرب اليمن . وقد صدر هذا الكلام عن قرادحي قبل تعيينه وزيرا في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ، ولكن ذلك لم يشفع له فاشتعلت حربا ديبلوماسية من طرف واحد قضت بسحب ديبلوماسي السعودية والإمارات والكويت والبحرين الذين تضامنوا مع شقيقتهم الخليجية الكبرى في مواجهة "عدوان القرداحي السياسي والإعلامي" . وكان واضحا أن هذا التصعيد المشهود كان معد سلفا في إنتظار المبرر والذريعة المنشودة .

والواضح من قراءة الخلفيات أن المملكة السعودية التي لم تمنح حكومة الميقاتي ثقتها ، مستمرة في موقفها الذي أطلقه وزيرها السبهان في تشرين الثاني من عام ٢٠١٧ . وذلك حين أجبر الرئيس سعد الحريري على الإستقالة من مقر إقامته البائس في الرياض في ذلك الخريف المؤلم قبل ان يتدخل الرئيس الفرنسي ماكرون وينقذ الحريري والسبهان والحكومة السعودية من تبعات سابقة مميزة . وتقوم نظرية الوزير السبهان على أن أي حكومة لبنانية لا تنقلب على وجود حزب الله هي حكومة متواطئة ضد المملكة استنادا الى ما يحصل في حرب اليمن . وإذا كانت الأوضاع العسكرية قد احتدمت في مأرب بين الأطراف اليمنية المتصارعة فإن لبنان يجب ان يدفع الثمن دون ان يعني ذلك أي تعديل في ميزان القوى القائم على الأرض هناك . ولكن ردة الفعل السعودية على كلام الوزير القرداحي غير الطازج لا بد ان تحصل لعل بعض الناصحين اللبنانيين من خصوم حزب الله يحقق بعض أهدافه الآنية ويعدل جزئيا المشهد اللبناني المضطرب . فردة الفعل السعودية التصعيدية ضد كلام وزير الإعلام اللبناني لا تنسجم أبدا مع الحوار السعودي - الإيراني القائم الذي لم يتأثر سلبا بمعارك مأرب على عكس ما حصل عندنا حيث التهبت الأجواء وتصاعد اللهب الديبلوماسي الأحمر . علما ان تساؤلات اللبنانيين كبيرة حول مستوى تدخل حزب الله في الحرب اليمنية - اليمنية . فالصواريخ الإيرانية التي يطلقها الحوثيون ضد الآراضي السعودية والمتهم حزب الله بتصدريها الى اليمن يجب أن تعبر عدة دول من بينها سورية الواقعة تحت النيران الإسرائيلية التي تتربص بشحنات الصواريخ الإيرانية . في حين أن المسافة بين إيران واليمن أقل بكثير من المسافة بين لبنان واليمن.

إن المواجهة الديبلوماسية المحتدمة بين لبنان والسعودية قد ضاعفت من أهمية الدور السياسي التوسطي الذي يقوم به الرئيس نجيب ميقاتي . وهو ما تم تأكيده من خلال المباحثات التي أجراها رئيس الحكومة في قمة المناخ العالمية في اسكتلندا والتي شملت معظم الأطراف الدولية والإقليمية التي تعتبر نفسها معنية بالشأن اللبناني . وقد انجلت صورة تلك المباحثات الدولية عن دعم وتأييد أميريكي - فرنسي - أوروبي - أممي لإستمرار الحكومة وعدم إنفراط عقدها تحت وطأة الأزمة الحالية .

في المقابل والموازاة ، كانت المعالجة التي لجأ اليها الرئيس ميقاتي على المستوى المحلي متصفة بالمرونة والهدوء . وقد عبر الرجل عن موقفه الذي يميل الى إستقالة الوزير قرداحي عبر مناشدة لطيفة من قصر بعبدا وإثر إجتماعه بالرئيس ميشال عون . ولكن وزير الخارجية السعودية فيصل بن فرحان قد ألغي الجدوى من هذه الإستقالة عبر تكبير الحجر ومطالبة المملكة بخطوات أكبر تطيح بمشاركة حزب الله في الحكومة الحالية . مع الأخذ بعين الإعتبار أن تيار المردة الذي جيء بالوزير قرداحي كممثل له في الحكومة الحالية الى جانب وزير آخر ، لم يكن في وارد القبول بإستقالة وزير الإعلام مدعوما بموقف حزب الله ومن خلفه حركة أمل والتيار الوطني الحر .

إن لبنان الوطن المميز تليق به الأزمات المميزة والمعضلات الفريدة من نوعها ... يكفينا فخرا أننا نتعرض لإجراءات عقابية من قبل دول تستحوذ على ما يقارب خمس الإنتاج النفطي في العالم . وبناء عليه فإن أزمتنا يمكن ان تكون قد باتت مع منظمة الأوبك ... وهذا دليل إضافي على قوة لبنان ورسوخ قدمه في الساحة الدولية . والحمد لله رب العالمين .

أيمن حجازي