العدد 1535 /2-11-2022
أيمن حجازي

عبر استحقاق الحادي والثلاثين من تشرين الأول ، ودخول لبنان للمرة الرابعة مرحلة شغور رئاسي مرتكز الى أزمة سياسية بالغة التعقيد تداخلت فيها عوامل داخلية وخارجية شتى . وعلى الرغم من أن الإنقسام شامل ويكاد يقسم الساحة السياسية الى معسكرين ، إلا أن الجولة الأخيرة كان نجماها الرئيس نجيب ميقاتي والنائب جبران باسيل الذي وصل به الأمر الى خوض غمار مغامرة دستورية لم يوفق بها . وذلك من خلال محاولته نزع الشرعية عن الحكومة المستقيلة برئاسة نجيب ميقاتي في استلام صلاحيات الرئاسة الأولى في حال وقوع الشغور في سدة الرئاسة الأولى . و تجدر الإشارة هنا الى أن الميقاتي هو رئيس مكلف أيضا بفعل الإستشارات النيابية الملزمة التي حصلت في أعقاب الإنتخابات النيابية الأخيرة التي جرت في شهر أيار الماضي .

وعلى الرغم من عدم نجاح باسيل في هذه المحاولة - المغامرة ، إلا أنه ما زال يكرر الطعن في دستورية وميثاقية حكومة الميقاتي دون جدوى ودون التفات الى الإنتخابات الرئاسية التي أدرك ان حظوظه متراجعة فيها . حتى قيل أن التيار الوطني الحر في هذه الأيام لا يريد إلا إثبات قوة حضوره والتأكيد أن إنتهاء عهد الرئيس ميشال عون لا يعني تراجع موقعه السياسي في الساحة . في المقابل نجح الرئيس نجيب ميقاتي وبقوة الدستور في كسب المعركة وفي إثبات حق حكومته المستقيلة في ادارة شؤؤن البلاد . وكان في نجاحه المشار اليه مستندا الى جانب القوة الدستورية الى تفاهم وتتاغم ضمني مع الرئيس نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط والوزير السابق سليمان فرنجية الذين يجمعون على الخلاف والإختلاف مع جبران باسيل وصحبه ... ويعبر هذان (الخلاف والإختلاف) عن كم من المصالح السياسية المتناقضة بين هذا الجمع وبين باسيل . وغني عن القول أن حزب القوات اللبنانية لا يمكن له أن يكون له أي مواقف مشتركة مع باسيل والتيار الوطني الحر . وحتى حزب الله الحليف الطبيعي لجبران باسيل لم يقطع الخطوط مع الرئيس ميقاتي وكان طوال الفترة السابقة يعمل على تذليل العقبات بين ميقاتي وباسيل ما أدى الى عدم مشاركة حزب الله في عمليات الطعن بدستورية الحكومة المستقيلة .

لا يبدو أن وضع باسيل مريح لا حاليا ولا في المستقبل الذي قد يحمل في طياته احتمال تعرض الرجل الى ضغوطات متعلقة بضرورة القبول بسليمان فرنجية كمرشح للرئاسة الأولى وهو احتمال وارد في الفترة المقبلة التي قد تدخل فيها البلاد في إحراجات سياسية صعبة وفي ظل بعض التطورات الإقليمية والدولية الدراماتيكية التي قد تدفع بهذا الإتجاه (خيار فرنجية) المزعج لباسيل ولغير باسيل من قوى الفريق الآخر .

ثمة إشارة شكلية تتعلق بالغاية والهدف من وراء افتعال بعض الطقوس التي تم اللجوء اليها في قصر بعبدا اثر خروج الرئيس ميشال عون منه والتي تمثلت بإنزال العلم اللبناني وإطفاء الأضواء وإيقاف العمل بنافورة الماء وغيرها من الأمور الشكلية السخيفة . وهو ما لم نشهده في الشغورات السابقة . علما أن إنزال العلم اللبناني عن قصر بعبدا قد يكون عملاً مداناً بالمعيار الوطني الصرف حيث ينبغي محاسبة من افتعله.

أيمن حجازي