العدد 1437 / 18-11-2020

بقلم: سالم الشيخي

المطالبة بالإسلام كمرجعية للحياة ليست مطالبة معلقة في الهواء ، أو في عقول أصحابها ، وإنّما هي مطالبة قام لها رجال مؤمنون ، ونساء مؤمنات ، التزموا بقوله – تعالى - : {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } ، [ التوبة : 71] ، مع إيمانهم بأن واجبات الإسلام الكبرى لا يمكن أن تتحقق إلا في إطار التعاون على البر والتقوى ، فانتظموا في أحزاب سياسية ، وجمعيات أهلية ليس لها إلا هدف واحد هو أن تبقى أرض الإسلام إسلامية الهوية والمرجعية ، وإسلامية الغاية والمقصد ، وإسلامية الرسالة والقيم ، وأن ينعكس التزامها بدينها على سائر شؤون حياتها السياسيّة ، والاقتصاديّة ، والاجتماعيّة ، والتعليميّة ، ونحوها من مفاصل قيام الدول وأعمدتها في زمننا المعاصر، وقد تعاهد هؤلاء على الدفاع عن صلاحية دين الله الإسلام في أن يحكم حياة الناس وفق تحقيق أعظم مقاصده التي فيها السعادة والرخاء للإنسانية في الدنيا والآخرة ، تلك المقاصد التي انتظمت في حفظ حياة الناس في أمر دينهم وعقيدتهم ، وأمر نفوسهم وأبدانهم ودمائهم ، وأمر كرامتهم وأعراضهم ، وأمر عقولهم وأفكارهم ، وأمر أموالهم ومقومات معاشهم ، وقد تواطأ العالم على تسمية هذه الثلة من المؤمنين والمؤمنات بالإسلاميين حينًا ، وبالأصوليين حينًا آخر ، وكان مقصد هذه الثلة المسلمة الذي اجتمعوا عليه في مؤسسات تحمل مسميات مختلفة ومتعددة : هو إقامة المرجعيّة الإسلاميّة في واقع الحياة ، ولم يكتفوا بمجرد الأفكار والأطروحات ، أو المواعظ والخطب ، أو الطرق على أبواب الحكام ليمُنوا عليهم بفتات من قانون ، أو إجراء يقيم بِرّاً ، أو يطمس منكرًا ، بل نزلوا إلى ساحات العمل ، وواجهوا الأحزاب بالأحزاب ، والأفكار بالأفكار ، والمشاريع بالمشاريع ، وما زالوا في كلّ يوم يعمقون النظر ، ويمحصون التجارب ويستفيدون من الأخطاء للوصول في آخر المسار إلى مشروع إسلامي حضاري تستنير به البشرية ، وتسعد به المجتمعات ، ويخرج به الناس من الظلمات إلى النور ،بإذن ربهم العزيز الحميد.