العدد 1485 /3-11-2021

لم يغيّر ردّ رئيس الجمهورية ميشال عون للقانون الانتخابي الذي عدّله المجلس النيابي لناحية فتح المجال للحكومة لتقريب موعد الانتخابات النيابية المقبلة إلى يوم السابع والعشرين من آذار المقبل كما اتفق على ذلك سابقاً رئيس المجلس النيابي نبيه برّي ووزير الداخلية بسّام مولوي.

فاللجان النيابية المشتركة عادت وأقرّت القانون بالصيغة التي اعتمدها المجلس ولم تلتفت لردّ رئيس الجمهورية ولا لملاحظاته، والهيئة العامة للمجلس أيضاً عادت وأقرّت القانون كما كانت أقرّته من قبل ودون تعديل، غير أنّ خللاً وقع خلال عملية التصويت والإقرار قد يعطي الفرصة للطعن بالقانون أمام المجلس الدستوري، وهذا الخلل يتمثّل بانسحاب تكتل لبنان القوي من الجلسة مع بعض النوّاب الآخرين ما جعل احتساب الأصوات على أساس الحضور وليس على أساس عدد أعضاء المجلس وهو ما مال إلى اعتماده رئيس المجلس وبالتالي صادق على التصويت واعتبر أن التصويت قانوني ودستوري وبالتالي أصبح نافذاً إذ لا يحقّ لرئيس الجمهورية أن يردّه مرّة ثانية، وبقي أمام الحكومة، أو بالأحرى وزارة الداخلية تحديداً إصدار مراسيم دعوة الهيئات الناخبة، وتحديد موعد الانتخابات، وهو يوم السابع والعشرين من آذار 2022 كما هو متوقع.

غير أنّه وكما أشرنا من قبل فإنّ تكتل لبنان القوّي التابع للتيار الوطني الحر رفض القانون لاعتبارات تتعلق به، واعتبر أنّ جلسة التصويت غير دستورية، وبالتالي باتت لديه الحجّة أو الذريعة للطعن بالقانون أمام المجلس الدستوري، وهو يحتاج لعريضة من عشرة نوّاب للطعن بالقانون على اعتبار أنّه مخالف للدستور، والتكتل يملك أكثر من هذا العدد، وهذا يعني أنّه لا يواجه مشكلة في هذا السياق. وهو أعلن عن نيّته التقدّم بالطعن، ولكنّه لا يريد أن يتحمّل مسؤولية تأجيل الانتخابات لأنّ الطعن بالقانون سيعني حتماً عدم إصدار مراسيم دعوة الهيئات الناخبة وعدم إجراء الانتخابات بانتظار قرار المجلس الدستوري، وهذا المجلس المؤلّف من عشرة قضاة لا بدّ له من أن يتخذ قراره بأغلبية 8 أصوات من أصل عشرة ليكون القرار نافذاً، وهذا فيه صعوبة كبيرة إن لناحية القول بأنّ القانون دستوري أم لناحية القول إنّ القانون غير دستوري. وبالتالي فإنّ ذلك سيؤثّر بشكل كبير على موعد إجراء الانتخابات، خاصة في ظل الانقسام الذي يجري الحديث عنه في المجلس الدستوري بين القوى السياسي إذ أنّ الحديث يجري أيضاً أنّ أعضاء الدستوري محسوبون على القوى السياسية الرئيسية. إنّ مختصر الكلام في كل ذلك هو أنّ مصير الانتخابات الآن من الناحية الدستورية معلّق على القرار الذي سيتخذه تكتل لبنان القوي بخصوص الطعن بالقانون، فإذا ما تقدّم التكتل بهذا الطعن، وهو الأرجح، فإنّ الانتخابات ستكون بحكم المؤجّلة، ولا ندري إلى أي أجل، وإذا لم يتقدّم بهذا الطعن، فإنّ وزارة الداخلية ستذهب حينها إلى إصدار مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، وستحدّد موعد الانتخاب.

وعلى اعتبار أنّ الأمور مضت بالشكل الطبيعي دون أي طعن من أي فريق، فإنّ وزارة إذا ما اعتمدت يوم السابع والعشرين من آذار 2022 موعداً لإجراء الانتخابات النيابية المقبلة، فإنّ ذلك يعني من الناحية الدستورية والقانونية التالي:

وزارة الداخلية ووفقاً للقانون الانتخابي المعمول به ستكون ملزمة بدعوة الهيئات الناخبة يوم السابع والعشرين من كانون الأول 2021 لأنّ القانون يفرض فترة زمنية بين دعوة الهيئات الناخبة وموعد إجراء الانتخابات هي عبارة عن ثلاثة أشهر.

كما وأنّ ذلك يعني فتح باب الترشّح قبل مدة كافية على أن يكون إقفاله يوم السادس والعشرين من شهر كانون الثاني 2022 أي قبل شهرين من يوم الانتخاب. وأنّ ذلك يعني أيضاً أنّ آخر موعد للرجوع عن الترشّح سيكون يوم العاشر من شهر شباط 2022، وأنّ آخر موعد لتسجيل اللوائح الانتخابية في وزارة الداخلية سيكون يوم الخامس عشر من شهر شباط 2022.

بمعنى آخر فإنّ الوضع القانوني والدستوري للعملية الانتخابية يكون مكتملاً يوم الخامس عشر من شهر شباط 2022، كما وأنّ التحالفات الانتخابية تكون مكتملة في هذا التاريخ. إنّ ذلم يعني أنّ القوى السياسية التي ترغب بخوض الاستحقاق الانتخابي النيابي ستكون معنيّة بصبّ كل جهدها وجهودها خلال الشهرين المقبلين على ترشيح أعضائها وعلى نسج تحالفاتها بشكل كامل ونهائي للانصرف للحملات الانتخابية المركّزة اعتباراً من شهر منتصف شهر شباط 2022.

خلاصة القول إنّ أحداً لا يمكنه الجزم إذا ما كانت الانتخابات ستجري في وقتها المفترض أم لا، ولكن يمكن الجزم بالقول إنّ الجميع بات يعمل لها وكأنّها حاصلة لا محالة.

د. وائل نجم