العدد 1483 /20-10-2021

أقرّ المجلس النيابي في جلسته التشريعية التي عقدها يوم الخميس (19/10/2021) تقديم موعد الانتخابات النيابية إلى يوم السابع والعشرين من شهر آذار 2022 دون إحداث تعديلات جوهرية أو أساسية على القانون النافذ الذي يعتمد النظام الذي يمزج بين النسبية والأكثرية من خلال اعتماد نظام اللوائح المقفلة والعتبة الانتخابية من ناحية والصوت التفضيلي الواحد ضمن اللائحة المنتخبة من ناحية ثانية. غير أنّ عملية الإقرار لم تمرّ دون معارضة، فقد عارضها تكتل التيار الوطني الحر فضلاً عن غيره، بينما وافقت عليها قوى سياسية أخرى ممثّلة في المجلس النيابي، وبقي الآن الخيارات التي سيقدم عليها كل فريق سياسي لبناني سواء كان ضمن الندوة النيابية أو خارجها.

بالنسبة للتيار الوطني الحر فقد رفض تقديم موعد الانتخابات، وبالتالي قد يلجأ التيار أو تكتل لبنان القوي إلى الطعن بالقانون أمام المجلس الدستوري دون أن يعني ذلك أن المجلس الدستوري سيأخذ بالطعن وسيرد القانون. كما وأنّ التيار الوطني الحر قد يستخدم ويجيّر علاقته برئيس الجمهورية، ميشال عون، من أجل الضغط على الرئيس حتى لا يوقّع القانون ويردّه إلى المجلس النيابي، ولكن هذا أيضاً قد لا يغيّر من قرار المجلس النيابي الذي قد يتمسّك بالقانون الذي أقرّه، وبالتالي إعادة إرسال القانون إلى رئيس الجمهورية مرّة أخرى وليس بمقدور الرئيس عند ذلك سوى توقيع القانون أو تجاهله لمدة أسبوعين فيتحوّل إلى نفاذ تلقائياً. وأمّا عن قلق وهاجس التيار الوطني الحر من تقديم موعد الانتخابات فهي تولّدت من خشيته من خسارة الانتخابات أو لعدد من المقاعد النيابية التي بحوزته في ضوء تغيّر وتبدّل المزاج المسيحي في الفترة الأخيرة في ضوء المواقف والأحداث السياسية التي جرت بالبلد، لا سيّما أحداث الطيونة الأخيرة.

وأمّا عن خيارات التيار الوطني الحر أمام الاستحقاق الانتخابي، فليس أمامه سوى العودة إلى التفاهم والتحالف مع حزب الله، لأنّه يجد نفسه محاصر في الساحة المسيحية من ناحية. وعلاقته بالساحة السنّية ليس أفضل حالاً بعد انكسار الجرّة بينه وبين تيار المستقبل والرئيس سعد الحريري، والمواقف التي يستعدي بها التيار بشكل عام الساحة السنّية، وهو شعور متولّد عند أغلب أطراف الساحة السنّية. أمّا بالنسبة للتحالف والعلاقة مع الساحة الدرزية فالتيار ليس أمامه سوى الأمير طلال أرسلان. ومن هنا فإنّ خيارات التيار محدودة وضيّقة، وهي تريح إلى حدّ كبير حزب الله، وتبقي على مظلة مسيحية للحزب وإن كان حجمها لن يكون كما كان من قبل.

بالنسبة لتيار المستقبل فهو كان يتمنّى أن لا تجري الانتخابات مطلقاً. فالمستقبل يعيش وضعاً صعباً في ضوء خروج رئيسه سعد الحريري من دائرة الحكم، فضلاً عن القطيعة القائمة والتي باتت معروفة من دول عربية أساسية مع التيار. غير أنّ عدم إجراء الانتخابات ليس بيد التيار، وبالتالي فإنّه مرغم على التعامل مع الاستحقاق، وإن كان يتمنّى تأجيله. وفي موضوع تحالفاته فإنّ الفرص أمام المستقبل ليست سهلة، فالتحالفات التي سيعقدها في الساحة المسيحية باتت ضيّقة محكومة بالتوتر مع التيار الوطني الحر، وشبه القطيعة مع القوات، خاصة وأنّ القوات باتت الوكيل الحصري للعلاقة مع بعض الدول العربية التي تفكّر حالياً بدعم شخصيات منافسة لتيار المستقبل من الخط السياسي ذاته تقريباً. وعليه فإنّ المستقبل سيكون مضطراً إمّا للانصياع إلى الشروط والمطالب التي يمكن أن تُفرض من دول عربية تبدي اهتماماً بالوضع في لبنان ولو تظاهرت بخلاف ذلك، وإمّا أنّه سيكون مستعداً لعقد تحالفات في الساحة السنّية مع قوى سياسية سنّية كان يحاذر إلى الأمس التحالف معها. وإلاّ فإن خسارته ستكون محقّقة.

بالنسبة للقوى في الساحة الشيعية، فإنّها لا تمانع إجراء الانتخابات في وقتها، غير أنّ تبدي قلقاً من خسارة ما تعتبره الأكثرية النيابية، وبالتالي فهي تعيش حالة القلق تلك بانتظار جلاء الصورةـ، غير أنّها على مستوى التحالفات فهي متفقة فيما بينها، ولا تعيش القلق الذي تعيشه بقية الأطراف. وهذا الأمر ينطبق إلى حد كبير على النائب وليد جنبلاط والحزب التقدمي الاشتراكي.

يبقى التيار الإسلامي السنّي الذي ينظر إلى الاستحقاق من خارج الندوة النيابية ويرى فيها فرصة للعودة إلى داخل هذه الندوة، غير أنّ الحسابات التي سيخوض على أساسها هذا الاستحقاق معقّدة إلى حدود كبيرة، إن لناحية التحالفات التي يمكن أن ينسجها داخل الساحة السنّية من ناحية وخارجها من ناحية ثانية، وإن لناحية الضغوطات التي يتعرض لها خارجياً من خلال استهداف ما يُعرف بالاسلام السياسي بشكل عام في المنطقة. التيار الإسلامي بحاجة إلى مقاربة جديدة هذه المرّة وأمام هذه الفرصة التي تلوح بالأفق، ربما لها علاقة بشكل التحالفات أو بحجم المشاركة ونوعها.

د. وائل نجم