العدد 1505 /23-3-2022

مع بدء العد العكسي للانتخابات النيابية اللبنانية المقرر اجراءها في الخامس عشر من شهر ايار القادم تبرز تناقضات كثيرة على الساحة السياسية لعل ابرزها غياب تيار المستقبل التيار السياسي الأبرز والأكثر حضورا على الساحة السنية ، حيث اعلن الرئيس سعد الحريري تعليق نشاطه السياسي ونشاط تيار المستقبل في 23-1-2022 من بيت الوسط في بيروت ، وقرر منع كل نواب المستقبل وانصاره من الترشح للانتخابات النيابية مبررا ذلك بالقول في خطاب تعليق نشاطه السياسي بأن "لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الايراني والتخبط الدولي والانقسام الوطني".

هذا الموقف السياسي للرئيس سعد الحريري من عدم المشاركة بالانتخابات النيابية كان له وقع الصدمة على الساحة السنية التي تعاطفت مع الرئيس سعد الحريري بسبب ما يمر به من صعوبات مالية وضغوطات سياسية، لكن كان لقسم كبير من أهل السنة في لبنان رأي آخر لناحية مقاطعة الانتخابات النيابية حيث يرى هذا الفريق انه لايمكن بأي حال من الاحوال ترك الساحة السنية مستباحة من قبل باقي القوى السياسية والطوائف الأخرى بحيث ترشح هذه القوى ممثلين لها وعنها في الساحة السنية لذلك كان هناك حراك سياسي كبير في الساحة السنية من أجل ملء الفراغ الذي تركه تيار المستقبل اولا ، وايجاد تمثيل سياسي فاعل ومؤثر في المجاس النيابي لأهل السنة على امتداد الوطن ثانيا، الا ان المفاجأة السياسية الكبرى التي اربكت القوى والشخصيات السنية هي الحرب الضروس التي يشنها الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل على كل المرشحين الآخرين من أهل السنة ومنهم رموز بارزة في تيار المستقبل مثل الرئيس فؤاد السنيرة والدكتور مصطفى علوش وغيرهم من قيادات تيار المستقبل الذين كان لهم دور كبير في نشاط تيار المستقبل منذ ايام الرئيس الشهيد رفيق الحريري ، واللافت ايضا استهداف باقي القوى السياسية السنية الآخرى التي ترشحت للانتخابات ولم تكن يوما في صراع سياسي مع الرئيس الحريري وتيار المستقبل.

والسؤال الذي يطرحه كثير من اللبنانيين هو : ماذا يريد الرئيس سعد الحريري من الانتخابات النيابية القادمة ، ولماذا يعمل على محاولة افشال وصول قوى وشخصيات سنية فاعلة الى المجلس النيابي ؟

ينظر كثير من المتابعين للشأن السياسي باستغراب الى سلوك الرئيس سعد الحريري وانصار تيار المستقبل ، فاذا كان هذا الفريق اختار قرار المقاطعة وتعليق نشاطه السياسي في هذه الفترة لاقتناعه بأن "لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الايراني والتخبط الدولي والانقسام الوطني"، فهذا قراره وخياره السياسي والديموقراطي ولا أحد يحق له الاعتراض عليه ، لكن ليس من حق الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل استهداف باقي القوى والشخصيات السنية الآخرى التي قررت المشاركة في الانتخابات ترشيحا وتصويتا بحجة ان هناك زعيما واحدا للسنة في لبنان هو سعد الحريري.

وهنا نسأل اين سعد الحريري ياترى ، هل هو بين اهله وابناء طائفته الذين يعانون الآمرين من نتائج تسوياته السياسية مع "حزب الله" ، والرئيس عون وجبران باسيل ، ام يجلس مطمئنا في دولة الامارات العربية؟

واذا كان خيار تعليق العمل السياسي للرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل صحيحا ، فلماذا تشن الحملات على باقي القوى السنية الآخرى ؟

وهل ترك الساحة السنية مستباحة للفراغ وللقوى والشخصيات التي تخضع للنفوذ الايراني كما يقول الرئيس سعد الحريري يصب في مصلحة لبنان واللبنانيين وأهل السنة في لبنان؟

ان هذا السلوك السياسي للرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل من المرشحين للانتخابات النيابية يؤكد التالي"

-الرئيس سعد الحريري لم يعلق نشاطه السياسي ابدا والدليل المواقف والتحركات التي يقوم الرئيس سعد الحريري شخصيا من قبول استقالات من التيار ، وكذلك تحركات مسؤولي التيار في المناطق ضد المرشحين للانتخابات النيابية.

-اعلان تيار المستقبل مواقف ضد احزاب وقوى سياسية من خارج الطائفة السنية مثل حزب القوات اللبنانية ، ومن قوى المجتمع المدني يثبت مشاركة تيار المستقبل بفاعلية في عملية تسليم المجلس النيابي الى القوى الآخرى التي يعلن تيار المستقبل معارضته لها والتي هي سبب "الانقسام الوطني واستعار الطائفية واهتراء الدولة"، كما قال سعد الحريري.

- "سياسة انا او لاأحد" التي تبرز في موقف الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل في هذه الايام العصيبة تكشف الاسباب الرئيسية التي كانت سببا في وصول الاوضاع السياسية والاقتصادية في لبنان الى هذا المستوى من الانحدار ، وكذلك حالة الضعف العام الذي تعانيه الطائفة السنية وعلى كل المستويات.

بالخلاصة نقول للرئيس سعد الحريري ولتيار المستقبل انتم اخترتم تعليق نشاطكم السياسي وعدم الترشح للانتخابات ، لكن ليس من حقكم الطعن بالقوى والشخصيات التي قررت خوض معركة حماية اتفاق الطائف والسلم الأهلي والوحدة الوطنية عبر تمثيل حقيقي لأهل السنة في لبنان ، وذلك عبر المشاركة بالانتخابات النيابية ترشيحا واقتراعا. فهل يستجيب الرئيس الحريري لهذه الدعوة ام يصر على سياسة انا ومن بعدي الخراب ؟

بسام غنوم