العدد 1522 /3-8-2022


طبيب مصري، كان قياديا بجماعة الجهاد المصرية ثم تحالف مع أسامة بن لادن لتأسيس تنظيم القاعدة وخلفه في زعامته. كان يتصدر قائمة المطلوبين للإدارة الأميركية بوصفه أحد رؤوس "الإرهاب العالمي"، حتى أعلن البيت الأبيض مقتله في غارة جوية يوم السبت 30 تموز 2022.

المولد والنشأة

ولد أيمن محمد ربيع محمد بن إبراهيم الأحمدي الظواهري (نسبة لقبيلة الظواهرية) يوم 19 يونيو/حزيران 1951 في العاصمة المصرية القاهرة، لأسرة مصرية عريقة ميسورة ومشهورة في مجالات العلم الشرعي والأدب والسياسة والطب.

فجده الشيخ محمد الظواهري تولى مشيخة الجامع الأزهر خلال الفترة 1930-1935، وجده لأمه الدكتور عبد الوهاب عزام كان أستاذ الآداب الشرقية وعميد كلية الآداب، وشغل عدة مناصب مرموقة، فكان رئيس جامعة القاهرة، وسفير مصر في باكستان والسعودية واليمن. وعم أمه عبد الرحمن عزام كان أول أمين عام لجامعة الدول العربية.

أما والد أيمن (الدكتور محمد ربيع الظواهري) فقد كان أستاذا في كلية الطب جامعة عين شمس، ويعد من أشهر أطباء الأمراض الجلدية والتناسلية في مصر والعالم (توفي عام 1995)، كما أن عمه محمود الظواهري دكتور متخصص في أمراض العيون ومشهور على المستوى العالمي.

الدراسة والتكوين

تلقى الظواهري تعليمه الأولي في مدارس مصر الجديدة والمعادي (وهما من الأحياء الراقية بالقاهرة)، والتحق بكلية طب القصر العيني جامعة القاهرة وتخرج فيها عام 1974 بتقدير جيد جدا، ثم حصل على شهادة الماجستير في الجراحة العامة 1978، وهو يتقن اللغة الإنجليزية.

وفي العام التالي تزوج من إحدى خريجات قسم الفلسفة بكلية الآداب في جامعة القاهرة وأنجب منها 4 بنات وولدا واحدا.

انتمى الظواهري منذ صغره إلى التيار الإسلامي وتقلب بين عدة فصائل منه، فقد تأثر وهو طالب بفكر جماعة الإخوان المسلمين في بلاده خلال ستينيات القرن العشرين، ثم التحق بـ"جماعة الجهاد" المصرية منذ تأسيسها عام 1973، وإثر تعرفه على أسامة بن لادن شاركه في تأسيس وقيادة "تنظيم القاعدة" بصيغته العالمية عام 1998.

افتتح الظواهري عقب تخرجه عيادة طبية خاصة في منطقة المعادي بالقاهرة، وعايش فترة الانفراج السياسي الذي استهل به السادات عهده مطلع السبعينيات، وكان التيار الإسلامي حينها ينشط في الجامعات بصورة ملحوظة حتى أصبح قادة طلاب الجامعات المصرية في تلك الفترة رموزا للعمل الإسلامي فيما بعد.

وكان أول بروز للظواهري على المستوى الإعلامي عقب اغتيال الرئيس المصري السابق محمد أنور السادات في السادس من تشرين الأول 1981، الذي اتهمت بالضلوع فيه "جماعة الجهاد" التي ينتمي إليها الظواهري.

وقد حُكم عليه في تلك القضية بالسجن 3 سنوات بتهمة حيازته سلاحا غير مرخص، فتعرض للتعذيب في السجن، وبعد الإفراج عنه عام 1985 سافر إلى عدة دول مثل الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وباكستان، ثم استقر به المقام في أفغانستان حيث انخرط في "الجهاد الأفغاني" ضد الغزو السوفياتي خلال ثمانينيات القرن الماضي.

شارك عام 1985 بوصفه طبيبا جراحا في مستشفى الهلال الأحمر الكويتي بمدينة بيشاور الحدودية الباكستانية لعلاج المصابين من جراء الحرب، ثم انتقل في مراحل لاحقة من الحرب إلى الخطوط الأمامية للقتال، ليمارس عمله في تطبيب الجرحى بمستشفيات ميدانية داخل أفغانستان، وهناك تعرف على زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن الذي أصبح حليفا له فيما بعد.

رفض أيمن الظواهري العودة إلى مصر -بعد انتهاء "الجهاد الأفغاني"- خوفا من صدور أحكام ضده من قبل المحكمة العسكرية التي شكلتها الحكومة المصرية عام 1992 للنظر في قضية من أسمتهم "العائدون من أفغانستان"، والتي حُكم فيها على بعض من ينتمون إلى "جماعة الجهاد" بالإعدام.

ويُعتقد أن الظواهري انتقل عام 1997 إلى مدينة جلال آباد الأفغانية ليلتحق بأسامة بن لادن الذي كان مقيما هناك، وأشرف على انضمام "جماعات جهادية" من بينها جماعته إلى بن لادن وتنظيم القاعدة، مشكلين ما أسموه "الجبهة الإسلامية العالمية للجهاد ضد اليهود والصليبيين".

وضعت واشنطن اسم الظواهري ثانيا -بعد بن لادن- في قائمة المطلوبين أمنيا بعد تفجيرات نيروبي ودار السلام، لأنه وقع على الفتوى الداعية إلى إهدار دم الأميركيين، ثم وجهت إليه اتهاما مباشرا بالضلوع مع أسامة بن لادن في هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على الأراضي الأميركية، واعتبرته الساعد الأيمن لتنظيم القاعدة وزعيمه بن لادن.

كان أول ظهور إعلامي له بعد الهجمات عبر شريط فيديو ظهر فيه إلى جانب بن لادن وسليمان أبو غيث (المتحدث الرسمي باسم القاعدة) بثته قناة الجزيرة عقب بدء الضربات العسكرية الأميركية على أفغانستان (أكتوبر/تشرين الأول 2001)، وقد وجه فيه دعوة إلى الجهاد ضد أميركا حتى تخرج من المنطقة العربية وتوقف دعهما لإسرائيل لكي لا تتحول فلسطين إلى "أندلس جديدة".

يؤمن الظواهري -كما قال في كتابه الحصاد المر- بأن "الحكام الحاكمين لبلاد المسلمين بغير ما أنزل الله وبالقوانين الوضعية هم كفار مرتدون، يجب الخروج عليهم وجهادهم وخلعهم ونصب حاكم مسلم، وأن الديمقراطية التي اتخذتها الحكومات المختلفة منهجاً سياسياً لها ديمقراطية كافرة، وبالتالي فإن موالاتهم واتباع أهوائهم حرام".

ويعتقد أن المقاومة المسلحة لهذه الحكومات "جهاد في سبيل الله"، وينتقد الجماعات الإسلامية الأخرى التي تتبنى الطرق السلمية في التغيير، ويدعوها إلى "السعي الجاد في صد الحملة الصليبية المجرمة التي تستهدف عقيدتنا وأرضنا وثرواتنا".

وقد تولى الظواهري -الذي استطاع الهرب من المطاردة ويُعتقد أنه يوجد في المنطقة الجبلية الواقعة على الحدود الأفغانية الباكستانية- "إمارة" تنظيم القاعدة على مستوى العالم إثر مقتل بن لادن على أيدي قوات أميركية في الثاني من مايو/أيار 2011، وذلك طبقا لبيان أصدره التنظيم يوم 16 يونيو/حزيران 2011.

وكان الظواهري أصدر في الثامن من يونيو/حزيران 2011 بيانا توعد فيه الأميركيين بأن أسامة بن لادن سيستمر في "ترويع" الولايات المتحدة حتى من "داخل قبره" لأنها تواجه "أمة منتفضة جهاديا تتحداها حيث كانت". وقد خصصت السلطات الأميركية جائزة قدرها 25 مليون دولار لمن يقدم معلومات تفيد في القبض عليه، وتعهدت بقتله كما قتلت بن لادن.

وفي الرابع من أيلول 2014 ظهر -عبر تسجيل مصور- تأسيس فرع لتنظيم القاعدة في منطقة شبه القارة الهندية "سيعمل على عودة الحكم الإسلامي للمنطقة التي عمل الاستعمار على تقسيمها لعدة بلدان، وإحياء الخلافة الإسلامية فيها".

وانتشرت شائعات أن الظواهري توفي في العام 2020، وتجددت في العام 2021، لكنه ظهر لاحقا في فيديو بعد شهور من تداول شائعات وفاته.

ألف الظواهري عدة كتب بسط فيها تجربته ورؤيته الفكرية، منها "فرسان تحت راية النبي"، و"الحصاد المر: الإخوان المسلمون في 60 عاما"، و"الولاء والبراء: عقيدة منقولة وواقع مفقود"، و"الكتاب الأسود: قصة تعذيب المسلمين في عهد حسني مبارك".

وفي مساء الاثنين الثاني من آب أعلن الرئيس جو بايدن عن مقتل الظواهري بغارة جوية نفذتها الاستخبارات الأميركية في كابل يوم السبت 29 تموز 2022.