العدد 1461 /12-5-2021

لن نشهد أوضح وأشرف وأنصع وأنزه من المعركة القائمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة بين الفلسطينيين والعدو الإسرائيلي. هي معركة واضحة المعالم، ليس لأحد أن يشكك بنزاهتها وعدالتها ومصداقيتها ووضوحها. مواجهة تشهد عليها ساحات المسجد الأقصى المبارك وباحاته، ومنازل حيّ الشيخ جراح المهددة بالتهويد، وآلاف المرابطين الفلسطينيين الذين يواجهون حكومة الاحتلال وقضائها الظالم وجيشها وشرطتها، إضافة لآلاف المتطرفين اليهود الذين يمارسون منذ أسابيع أعمالاً استفزازية بحق أصحاب الأرض وأبناء ترابها، يعتدون ويسرقون وينهبون ويهتفون "الموت للعرب" أمام حائط مبكاهم المزعوم. مواجهة بين آلة القتل الإسرائيلية وقطاع غزة المحاصر الذي انتفض رغم مآسيه لنصرة المقدسيين ويثأر لهم.

ليس هناك أوضح من هكذا صراع. لذلك، أمام المحور الذي يُطلق على نفسه اسم "محور المقاومة" فرصة ذهبية كي يُثبّت عملياً مصداقية الشعارات والهتافات وقصائد الشعر التي نظمها لتحرير فلسطين والقدس والأقصى ونصرة الشعب الفلسطيني. ففي معركة كالتي يواجهها الشعب الفلسطيني في القدس وأراضي الـ 48 والضفة الغربية وقطاع غزة، لا مكان لبيانات الإدانة والتهديد والوعيد. ربما تكون هذه المواقف مقبولة من أنظمة فاسدة متهالكة اعتادت الخنوع والركون والخوف من غضب السيد الأميركي. أما محور المقاومة الذي يرفع لواء نصرة المستضعفين، فالمطلوب منه الفعل والدعم والمساندة الحقيقية بفتح الجبهات على العدو الإٍسرائيلي وإمطاره بالصواريخ التي يطلق عليها أسماء مرعبة كرعد وزلزال وفاتح وقدر وسجّيل وشهاب وعاشوراء وزهراء ويستعرضها في احتفالاته العسكرية.. صواريخ متطورة بعيدة المدى يملكها "محور المقاومة"، وفي حال قرر استخدامها لدعم الشعب الفلسطيني الذي يتعرض للتنكيل والقصف والتدمير، فإنه سيزلزل الأرض تحت أقدام الصهاينة المعتدين. ألم يؤكد أحد قادة محور المقاومة أن تدمير "إسرائيل" لن يستغرق أكثر من 5 دقائق، الفرصة أمامه اليوم لتنفيذ ذلك، وليستغرق الأمر 5 أسابيع لا 5 دقائق لا بأس. ألا يهتف "محور المقاومة" صباح مساء "حرباً حرباً حتى النصر زحفاً زحفاً نحو القدس". فرصته اليوم للزحف نحو القدس، فالمقدسيين بانتظار من يساندهم في مواجهة العدو الإسرائيلي ومستوطنيه. ألم يعتبر قائد "محور المقاومة" أن "إسرائيل" غدة سرطانية يجب استئصالها من الوجود؟ لن تكون هناك فرصة أكثر مناسبة من اليوم لاستئصال هذه الغدة. ألا يخبرنا "محور المقاومة" في كل مناسبة أنه في أفضل حالاته، وأن قوته تضاعفت، وسطوته زادت في مقابل ضعف وهزال الأمبريالية العالمية وقائدتها الولايات المتحدة الأميركية والدول الحليفة لها. هل سيكون هناك ظرف أفضل من الآن لسحق "إسرائيل" وتدميرها؟.

الأمر ليس نظرياً فمحور المقاومة، علاوة على امتلاكه صواريخ متطورة قادرة على الوصول لكل بقعة من الكيان المحتل -كما يقول-، فإن رجاله بإمكانهم الزحف براً نحو الأراضي المحتلة. فهذا المحور يحيط بالكيان الغاصب من أكثر من جبهة، وإمداداته التي تنطلق من إيران طريقها مفتوح باتجاه الأراضي المحتلة مروراً بالعراق وسوريا وطبعاً لبنان. وعلى حدود الكيان الإسرائيلي عشرات آلاف المقاتلين المدرّبين، يملكون صواريخ متطورة، يرصدون كل شارد وواردة تحصل على الجهة الإسرائيلية من الحدود، سواء من لبنان أو من سوريا. وبالتالي فإن أي عملية زحف بري نحو الأراضي المحتلة ستكون بناء على خطط محكمة وإدراك لطبيعة الأرض وتفاصيل العدو، ولن يكون مجازفة، خاصة إذا تناغمت قوى "محور المقاومة" مع قوى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة إلى جانب نضال المقدسيين في القدس. معركة كهذه ستكون صعبة جداً على العدو الإٍسرائيلي، وسيستنجد بالعالم كله ليوقف الحرب والزحف إليه.

خوض المعركة إلى جانب الفلسطينيين ينطبق "حفر وتنزيل" مع تصريحات قادة "محور المقاومة" وشعاراتهم، والفرصة سانحة أمامهم لتطبيق هذه الشعارات وإثبات صدق ما يقولون. وإلا فإن اقتصار هذا المحور على التصريحات المنددة والمهددة دون أي فعل حقيقي يساهم بتحرير القدس يدعم اتهامات الفريق الآخر، الذي يقول بأن قضية القدس وتحريرها ومساندة أهلها هي شمّاعة يختبئ وراءها "محور المقاومة" لتنفيذ أجندات تمر ببيروت ودمشق وبغداد وصنعاء لكنها تتجنب المرور بالقدس.

أوّاب إبراهيم