العدد 1488 /24-11-2021

تعيش الساحة اللبنانية حالة من المراوحة على المستوى السياسي فمازالت الامور عالقة عند الشروط المطلوبة من الثنائي الشيعي من اجل استئناف جلسات مجلس الوزراء والتي تتلخص بأمرين اثنين ، الاول اقالة المحقق العدلي في قضية انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار ، والثاني بقاء وزير الاعلام جورج قرداحي في منصبه رغم معارضة ذلك من قبل السعودية ودول الخليج العربي .

هذا الوضع السياسي المتأزم والذي ينعكس سلبا على لبنان واللبنانيين اقتصاديا واجتماعيا مع ارتفاع اسعار المواد الغذائية والدواء وكلفة الاشتراك في الكهرباء ... الخ ، واستمرار ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية حيث تجاوز الدولار ال 23000 ليرة، ورغم ذلك مازالت القوى السياسية المتحكمة بالقرار السياسي في البلد تصر على عدم الاستجابة لمعاناة اللبنانيين وتتصرف وكأن الازمات المعيشية والاجتماعية والصحية التي يعيشها اللبنانيون هي بلد آخر غير لبنان ، وتطلب من اللبنانيين الوقوف معها في صراعاتها السياسية انتصارا لمحاور اقليمية ترعى هذه القوى والاحزاب.

والسؤال الذي يطرح نفسه في ظل هذا الوضع السياسي المتأزم هو : هل اصبح لبنان اسيرا للعبة المحاور الدائرة في المنطقة ؟

في ظل الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها اللبنانيون في هذه الايام تبدو الخلافات التي تحول دون عودة اجتماعات مجلس الوزراء غير ذات معنى ، فالوضع الاقتصادي على شفير الانهيار والامور زادت تعقيدا بعد الخلاف مع السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي ، و المساعدات الموعودة من قبل المجتمع الدولي مرتبطة بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي يطالب باصلاحات سياسية واقتصادية قبل توقيع اي اتفاق مع الحكومة اللبنانية ، فضلا عن ان اي اتفاق مع صندوق النقد الدولي يستلزم اجتماع للحكومة من اجل الموافقة عليه قبل احالته للمجلس النيابي وهذا متعذر حاليا من أجل اقالة القاضي طارق البيطار وحل قضية اقالة الوزير قرداحي فكيف سيكون الحال في حال اعتراض فريق في الحكومة على بعض او كل بنود الاتفاق مع صندوق النقد الدولي بأعتبار صندوق النقد الدولي مجرد اداة بيد الولايات المتحدة الاميركية كما صرح اكثر من مسؤول في "حزب الله".

هذا الواقع السياسي المعقد الذي يعيشه لبنان في هذه الايام يؤكد ان مايجري حاليا في لبنان لا علاقة له من قريب اوبعيد بمصلحة لبنان واللبنانيين ، انما هو مرتبط بمصالح القوى السياسية الممسكة بالقرار السياسي في البلد ، فهذه القوى تريد لبنان مجرد اداة من ادوات الضغط التي تريدها بعض القوى الاقليمية في صراعها مع اميركا ودول الخليج العربي ، وقد اكدت مصادر مطلعة على اللقاء الذي عقد بين الرؤساء عون وبري وميقاتي في قصر بعبدا بعد احتفال عيد الاستقلال "إنّ اللقاء شكّل دافعاً لنقاش جدّي في الايام المقبلة حول اسباب تعطيل انعقاد مجلس الوزراء التي ما زال مفتاح الانفراج ضائعاً فيها، واكّدت انّ هذه الاسباب ما زالت قائمة ومرتبطة بحسم مصير المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، وكذلك إيجاد الحلّ التوافقي للأزمة التي استُجدت مع السعودية ودول الخليج، وما يتّصل بوضع وزير الإعلام جورج قرداحي، مشيرة الى أنّ أفكاراً مطروحة للنّقاش، ولكن لا يمكن الحكم المسبق على النيات، وبالتالي لا شيء محسوماً حتى الآن، ولننتظر ما ستحمله الايام القليلة المقبلة على هذا الصعيد، اكان على المستوى السياسي، او على المستوى القضائي"، واستبعدت المصادر أن يعاود مجلس الوزراء اجتماعاته، قبل بلورة امرين اثنين، الاول، ترقب نتائج الزيارة التي سيقوم بها الرئيس عون إلى قطر لمعرفة ردود الفعل الخليجية على خطوة استقالة قرداحي ، والثاني انتظار اجتماعات جلسة معاودة المفاوضات حول الملف النووي الايراني في التاسع والعشرين من الشهر الجاري في العاصمة النمساوية فيينا.

وبالتالي فان لبنان اصبح اسيرا للعبة المحاور والمصالح الاقليمية الجارية في المنطقة على اكثر من صعيد ، والخلاف على موعد اجراء الانتخابات النيابية واحتمال تأجيلها بعد الطعن الذي تقدم به التيار الوطني الحر بقانون الانتخاب الى المجلس الدستوري يؤكد ان قرار اجراء الانتخابات النيابية في موعدها المقرر في شهر آذار القادم او شهر ايار كما يطالب التيار الوطني الحر ، مرتبط ارتباطا وثيقا بما يجري في المنطقة خصوصا فيما يتعلق بالملف النووي الايراني ، وما يجرى في العراق من تعطيل لنتائج الانتخابات النيابية الاخيرة الا نموذج لما يمكن ان يجري في لبنان في حال اجريت الانتخابات وكانت نتائجها على غير ما يريد الفريق الممسك بالقرار السياسي في البلد ، ونقلت صحيفة الجمهورية عن شخصية نافذة في التيار الوطني الحر قولها إنّ التغيير الذي يمكن أن تفرزه صناديق الاقتراع نسبي جداً نتيجة طبيعة النظام اللبناني ، واضافت " إنما وبمعزل عمن سيفوز، فقد ثبت بالتجربة العملية ان الأكثرية النيابية في هذا النظام السياسي لا تُصرف ولا تصنع فارقاً كبيراً، بحيث ان السؤال الكبير الذي سيواجه الرابح على الفور هو: "وبعدين؟".

بالخلاصة الوضع في لبنان دخل دائرة صراع المحاور الجارية في المنطقة ، واللبنانيون يدفعون الثمن غاليا من امنهم واستقرارهم السياسي والاقتصادي ، فهل يرضخ اللبنانيون لهذا الواقع ام يقلبون الطاولة على الطبقة السياسية الحاكمة ؟

بسام غنوم