العدد 1539 /30-11-2022
قاسم قصير

لا يزال لبنان يعيش في ظل فراغ رئاسي واستمرار الازمات السياسية والاقتصادية والمعيشية والاجتماعية ، في حين تتواصل الجهود الخارجية والداخلية للبحث عن حلول لهذه الازمات والتوصل الى مشروع تسوية يرضي الجميع .

فعلى الصعيد الداخلي يواصب الرئيس نبيه بري جهوده من أجل اطلاق حوار داخلي للتوصل الى اتفاق بشأن الانتحابات الرئاسية ، تتولى فرنسا وبدعم فاتيكاني الجهود الخارجية ومن خلال التواصل مع بعض الاطراف المحلية لانضاج تلك التسوية وانتخاب رئيس جديد للجمهورية .

فما هي طبيعة الجهود التي يبذلها الرئيس نبيه بري للوصول الى اتفاق حول الانتخابات الرئاسية؟ وما هي طبيعة التسوية التي تحاول فرنسا التوصل اليها بشأن الملف اللبناني؟ وهل ستحقق هذه الجهود نتائج إيجابية؟

بين الداخل والخارج

بداية ما هي طبيعة الجهود الداخلية والخارجية التي تبذل للوصول الى حلول للازمات اللبنانية؟

يشهد لبنان في الفترة الاخيرة محاولات حوارية بين عدد من الاطراف اللبنانية وكذلك من خلال عدة مبادرات سياسية ومجتمعية ، لكن يبدو ان المبادرة الاكثر جدية هي المحاولات التي يقوم بها رئيس مجلس النواب نبيه بري على صعيد اجراء حوار بين الكتل النيابية او معها للوصول الى اتفاق مبدئي حول كيفية مقاربة الانتخابات الرئاسية.

وكان الرئيس بري قد دعا سابقا لاقامة حوار بين الكتل النيابية للتوصل الى تفاهم مبدئي حول الانتخابات الرئاسية في ظل الانقسام السياسي والنيابي ، لكن لم يتم التجاوب مع هذه الدعوة من بعض الكتل النيابية ولاسيما القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر مما ادى لفشل تلك الدعوة ، وفي الايام القليلة الماضية أشارت مصادر مقربة من بري أنه سيقوم باجراء مشاورات مباشرة وثنائية مع الكتل النيابية وذلك للتوصل الى لائحة مشتركة لثلاثة من المرشيحين لموقع الرئاسة الاولى ، على ان يتم انتخاب احدهم ، ولم تصدر مواقف نهائية وحاسمةمن الكتل النيابية حول هذه المبادرة بانتظار تبلورها من الرئيس بري واطلاقها بشكل رسمي ، لكنها تبقى المحاولة الاكثر جدية للوصول الى حل لمأزق الانتخابات الرئاسية.

أما على الصعيد الخارجي فان فرنسا هي من تتولى الجهود للتوصل الى حلول للازمة اللبنانية بدعم من الفاتيكان وبالتنسيق مع بعض الدول العربية ، وقد عمد المسؤولون الفرنسيون للتواصل مع المسؤولين السعوديين للتفاهم على رؤية مشتركة لحل الازمة اللبنانية ، وقد نشرت عدة سيناريوهات للحل ومنها انتخاب رئيس توافقي مع الاتفاق على من يتولى رئاسة الحكومة وبنود الاصلاح التي يمكن اقرارها مستقبلا ، لكن لحين كتابة هذه السطور لم تنجخ فرنسا في التوصل الى رؤية متكاملة وشاملة ، في ظل وجود بعض التباينات في المواقف بين فرنسا والسعودية حول بعض تفاصيل هذه الرؤية.

امكانية تحقيق نتائج ايجابية؟

لكن هل ستحقق هذه الجهود الداخلية والخارجية نتائج ايجابية في المرحلة القريبة؟

رغم اهمية الجهود الداخلية والخارجية للتوصل الى حلول سياسية للازمة اللبنانية وتسريع انتخاب رئيس جديد للجمهورية ، فان بعض الاوساط السياسية في بيروت تقول : انه سيكون من الصعب الوصول الى نتائج حاسمة من خلال هذه المبادرات وذلك بسبب استمرار الخلافات بين الاطراف الداخلية وعدم وجود مقاربة موحدة بين هذه الاطراف لملف الانتخابات الرئاسية والملفات الاخرى ، اضافة الى ان الجهود الخارجية لم تصل الى رؤية موحدة حول مقاربة الملف اللبناني ووجود تباينات بين الاطراف الخارجية لهذا الملف وخصوصا بشأن الموقف من حزب الله ودوره والشخصية التي يمكن ان تجمع بين ما تريده هذه الاطراف في موقع رئاسة الجمهورية .

وتعتبر هذه الاوساط السياسية : ان الخلافات قد تستمر حتى العام الجديد وان الامور لن تحسم قبل الربيع المقبل لحين اتضاح الصورة داخليا وخارجيا ، الا اذا حصلت تطورات داخلية او خارجية تدفع جميع الاطراف للمسارعة في بذل الجهود للتوصل الى حلول معينة وهذا غير واضح حتى الان.

وفي الخلاصة ورغم الصورة السلبية حول نتائج هذه الجهود للتوصل الى حلول سريعة ، فان استمرار هذه المحاولات ضرورية ، كما ان على قوى المجتمع اللبناني من مختلف الاتجاهات والفئات الضغط بقوة عبر كافة الوسائل للتوصل الى حلول لان الازمات اللبنانية لا تتحمل المزيد من الانتظار والترقب ، فالمواطن اللبناني هو من يدفع ثمن هذا الانتظار.

قاسم قصير