العدد 1548 /1-2-2023
بسام غنوم

تعيش الساحة اللبنانية في ظل دوامة سياسية واقتصادية ، واخيرا اضيفت اليها الملهاة القضائية في قضية تفجير المرفأ حيث اصبحت السلطة القضائية في خبر كان بعد الخلاف بين المحقق العدلي طارق البيطار ومدعي عام التمييز غسان عويدات ، ويمكن القول انه لم يبق في لبنان شيء على حاله حتى الآن سوى الاجهزة الامنية التي مازالت تحافظ على تماسكها بفعل الدعم العربي والدولي لها ، وهو ما اكدته مصادر سياسية مطلعة فقالت ان " العواصم المتعاطية الشأن اللبناني تظهر عدم اهتمام بالاستحقاق الرئاسي ترشيحاً واقتراعاً وتركّز على النصح بوجوب الحفاظ على الاستقرار الامني في البلاد، وان يحصل توافق داخلي على انتخاب رئيس للبلاد والشروع في إقامة سلطة جديدة تنفّذ ما هو مطلوب داخلياً ودولياً من خطط إصلاحية لوَقف الانهيار الاقتصادي والمالي".

ويبدو ان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بعد ان كان له الدور الابرز في مسيرة التدمير والتعطيل الممنهجة والتي اوصلت لبنان الى الهاوية لا يعجبه ذلك ، فهو يريد استكمال مسيرة التدمير لما بقي من هيكل الدولة اللبنانية فعقد مؤتمرا صحافيا وزع في الاتهامات يمينا ويسارا وتجاوز كلّ السقوف من خلال توجيهه للمرّة الأولى اتّهامات صريحة لقائد الجيش جوزيف عون بالفساد "عبر مخالفته قانون الدفاع وقانون المحاسبة العمومية. بياخد بالقوة صلاحيات وزير الدفاع وبيتصرّف على هواه بالملايين بصندوق للأموال الخاصة وبممتلكات الجيش"، مشيراً إلى "تهديدنا بانهيار أمنيّ، والحقن شغّال لتبرير وصول مرشّح الحاجة الأمنيّة".

وكأن مسيرة التعطيل التي يقودها جبران باسيل لن تهدأ حتى يصل لبنان الى حالة الانهيار الامني بعد سقوطه سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو : لبنان الى اين في ظل حالة المراوحة السياسية التي يعيشها حاليا والتي تترافق مع انهيارات على الصعيدين الاقتصادي والمالي ، واحتمال وصولنا الى الانهيار الامني ؟

التحذيرات من حصول حوادث امنية بفعل الازمة الاقتصادية لا تقتصر على خطابات السياسيين ، فمدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم حذر اكثر من مرة من خطورة انعكاس الوضع السياسي على مجمل الوضع الامني في لبنان فقال : "أنه لا استقرار على المستوى الأمني إلا بشرطين متكاملين: الاستقرار السياسي والاستقرار الاقتصادي، مشيراً إلى أن عدم الاستقرار السياسي مرده إلى الخلافات المستشرية في الداخل اللبناني، والنكايات المتبادلة بين الفرقاء السياسيين، وشدد على ضرورة اكتمال عقد المؤسسات الدستورية، "لأن جسداً بلا رأس آيل إلى الموت".

وحذر من أنه إذا لم يكن هناك رئيس للجمهورية، فإن الأمور ستتجه نحو الأسوأ، والقطاع الأمني هو الأكثر تأثراً، لافتاً إلى أن تفاقم الأوضاع سيؤدي آجلاً أو عاجلاً إلى انفجار اجتماعي، ولا بد هنا من تدارك الأمر بعمل مكثف وجاد في كل الاتجاهات.

وفي الايام القليلة الماضية شهدنا توترا كبيرا في الشارع على خلفية تفلت سعر صرف الدولار الاميركي امام الليرة اللبنانية بحيث تجاوز سعر صرف الدولار ال67 الف ليرة ، وهو ما ادى الى غليان اجتماعي بسبب ارتفاع الاسعار الى مستويات قياسية اولا ، والى غياب اجهزة الدولة ثانيا ، والبلبلة القضائية التي اثارها المحقق العدلي طارق البيطار والتي كادت ان تفجر الوضعين السياسي والامني في البلد خير دليل على خطورة ما يجري على الساحة اللبنانية في هذه الايام العصيبة حيث تبدو الامور وكأنها تسير بسرعة نحو انفجار الساحة اللبنانية سواء بسبب القوى السياسية اللبنانية او بسبب تدخلات خارجية من هنا وهناك.

فهل لبنان مقبل على انفجار امني عاجلا ام اجلا ، بعد سقوطه سياسيا وماليا ، ام ان ما يجري هو عبارة عن مواقف وتحركات تسبق الحل السياسي المرتقب ؟

بسام غنوم