العدد 1549 /8-2-2023
بسام غنوم

خطف الزلزال المدمر الذي اصاب تركيا وسوريا ووصلت ارتدداته الى لبنان وادى الى سقوط آلاف القتلى والجرحى الاضواء من التطورات المرتقبة على الساحة اللبنانية ، حيث كان يتوقع حدوث مواجهة قضائية بين المحقق العدلي في قضية تفجير المرفأ طارق البيطار ومدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات الذي هدد بتوقيف القاضي بيطار فور وصوله الى قصر العدل في بيروت.

ولم تكن هذه القضية وحدها التي شغلت الرأي العام اللبناني ، حيث سادت البلاد اجواء من التوتر بعد الحديث عن ان القناة الخامسة للتلفزيون الفرنسي سوف تعرض برنامجا على امتداد ثلاث حلقات تتحدث فيه عن "حزب الله" ، وعن دوره في انفجار المرفأ وعن صلة الحزب بتجارة المخدرات في كولومبيا ... الخ ، وجرى الحديث عن ان قناة ال MTV اللبنانية سوف تعرض البرنامج على الهواء بالتزامن مع عرضه على القناة الخامسة في التلفزيون الفرنسي ، وهو امر لم يتم بسبب تهديدات وتدخلات على اعلى مستوى تجاه المسؤولين عن محطة ال mtv مما جنب لبنان قطوعا امنيا خطيرا كان يمكن ان تكون له تداعيات كبيرة على الصعيد الامني.

اما على الصعيد الاقتصادي فإن اللافت هو الانحدار السريع في قيمة الليرة اللبنانية رغم الاجراءات التي يتخذها المصرف المركزي والاجهزة الامنية والقضائية لمكافحة صرافي السوق السوداء، الذي يبدو انهم اقوى من الدولة واجهزتها الامنية حيث حافظ الدولار الاميركي على ارتفاعه رغم كل ما تقوم به الاجهزة الامنية وهذا امر ذا دلالة لافتة.

اما على الصعيد السياسي وخصوصا في ما يتعلق بانتخاب رئيس جديد للجمهورية فالمراوحة سيد الموقف في ظل مواقف متكررة من مختلف الاطراف فقد أكد عضو المجلس المركزي في "حزب الله" الشيخ نبيل قاووق أن "الحزب حريص على أن يبادر إلى كل ما من شأنه تخفيف معاناة اللبنانيين، وهو يبذل كل الجهود لأجل تسريع انتخاب رئيس للجمهورية، لأنه يشكل منطلقاً طبيعياً لإنقاذ البلد ووقف الانهيار".

بدوره البطريرك الماروني بشارة الراعي قال:"يتكلمون عن ضرورة الحوار من أجل الوصول إلى مرشح توافقي، فيما البعض يتمسك بمرشحه ويريد فرضه على الآخرين، والبعض الآخر يتمسك بحق النقض ضد ترشيح هذا أو ذاك من الشخصيات المؤهلة وهي عديدة.

والسؤال الذي يطرح نفسه في ظل حالة المراوحة السياسية والانحدار السريع في الوضعين الاقتصادي والمالي هو : هل هناك امل بحلول للواقع اللبناني ؟

يبدو الوضع في لبنان مستعصيا على الحل في كل الاتجاهات ، فعلى الصعيد السياسي فإن كل ما يجري على صعيد انتخاب رئيس جديد للجمهورية يبدو انه يدور في حلقة مفرغة في ظل تمسك الاطراف الداخلية في السلطة والمعارضة بمواقفها المعروفة والتي اخذت ابعادا جديدة مع تبادل الاتهامات بالعمالة والولاء للخارج حيث اكد رئيس حزب الكتائب سامي الجميل وقوفه وحزب الكتائب في وجه اي محاولة لفرض مرشح رئاسي تابع ل "حزب الله" .

ولا يختلف موقف رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع حيث قال: "حزب الله وحلفاؤه يصرون على الحوار من جهة ويتمسكون بمرشحهم من جهة اخرى، وبالتالي نحن امام مسرحية"، مؤكدا "اننا لن نقبل هذه المرة برئيس لا حول ولا قوة له".

بدوره أكد عضو المجلس المركزي في "حزب الله" الشيخ نبيل قاووق ان"لبنان لا يتحمل إملاءات خارجية لا رئاسية ولا غيرها، ومعادلة صيف العام 1982 التي انتجت رئيسا ورئيسين قد تغيّرت، والمعادلة اليوم لا تسمح بإملاء وفرض رئيس للجمهورية من دول إقليمية أو دولية"، معتبراً أن "الحل الوحيد المتاح هو الإسراع ببدء الحوار للوصول إلى توافق لبناني- لبناني، ولا بديل عن التوافق لا اليوم ولا غداً ولا بعد غد".

هذا على الصعيد السياسي اما على الصعيد الاقتصادي فالوضع يتجه الى مزيد من السوء مع حالة التخبط التي تعيشها الدولة حيث يريد وزير الاقتصاد بضغط من الهيئات الاقتصادية وكبار التجار تسعير المواد الغذائية في السوبرماركت والتعاونيات بالدولار الاميركي وهو ما رفضه رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر "لأنّ هذا القرار متسرّع وغير مدروس ولا يمكن تطبيقه في ظل اختلاف أسعار الدولار صعوداً غالباً وهبوطاً أحياناً قليلة كل ساعة في اليوم أو خلال دقائق معدودة. وهذا ما سيحوّل مراكز البيع الى «عصفورية» كبرى والمواطنين الى آلات حاسبة ناهيك عن ذلك الخلافات التي يمكن أن تنشأ عن الإحتساب بين المستهلك والعاملين في السوبر ماركت".

اما على الصعيد القضائي فالوضع اصبح مقلقا مع تحول القضاء الى ساحة خلافات بين القضاة، وكان يمكن ان يتطور الى مواجهة بين جهاز امن الدولة الذي ينفذ قرارات المدعي العام التمييزي غسان عويدات الذي هدد بتوقيف البيطار ، وقوة الحماية التابع للجيش اللبناني المكلفة حماية القاضي طارق البيطار لولا قرار القاضي البيطار في اخر لحظة والذي ارجأ "جلستي الإستماع إلى الوزيرين السابقين نهاد المشنوق وغازي زعيتر المحددة خلال شهر شباط إلى موعد لم يحدد بعد بسبب قرارات النيابة العامة التمييزية التي تستوجب التريث".

باختصار لبنان يعيش اليوم في ظل فوضى سياسية وقضائية واقتصادية باتت تهدد وجود لبنان ، واذا ما استمرت الامور على ما هي عليه من الانحدار فقد نصل الى الانهيار الامني ، وعند ذلك سوف ينهار لبنان على اللبنانيين.

بسام غنوم