العدد 1437 / 18-11-2020

تدور المشاورات الجارية لتأليف الحكومة الجديدة في حلقة مفرغة فالرئيس المكلف تشكيل الحكومة يلتزم الصمت المطبق ولا يصدر عنه او حتى عن مصادره في بيت الوسط اي بيان او تعليق حول الجهود التي يبذلها لتشكيل الحكومة الجديدة ، والرئيس عون يدعو الرئيس الحريري الى التعاون مع جبران باسيل من اجل الوصول الى حلول لتشكيل الحكومة ، وجبران باسيل يدعو الى توحيد المعايير في عملية تشكيل الحكومة وهو قال في مقابلة تلفزيونية مع قناة الحدث "اكرر اننا حتى اللحظة لم نطلب الا المعيار الواحد ولم نطرح اي مطلب او شرط" واضاف "ان سبب عدم تأليف الحكومة حتى الان هو الوعود المعطاة للداخل غير المتناسبة مع الوعود المعطاة للخارج ، وعند جمعها بهذا الشكل لا يركب البازل" .

وهذا يعني بكل بساطة ان د عملية تشكيل الحكومة مؤجلة حتى اشعار اخر ، لان الاطراف التي تمسك باللعبة السياسية في البلد ترى ان الوقت غير مناسب الان لتشكيل حكومة جديدة فيما لبنان والعالم ينتظر تسلم الادارة الاميركية الجديدة مهامها في العشرين من شهر كانون الثاني 2021 ، وبالتالي فهذه القوى تمارس سياسة اللعب في الوقت الضائع في عملية تشكيل الحكومة فيما لبنان يغرق في ازماته الاقتصادية والاجتماعية ، وهو ما عبر عنه وزير المال غازي وزني بالقول :"ان اتباع سياسة البطء هذه تعني الموت للشعب اللبناني ، ستكون حتما النهاية".

في ظل هذه الاجواء كيف تبدو صورة الوضع اللبناني على الصعيدين السياسي و الاقتصادي ؟

على الصعيد السياسي كان لبنان الاسبوع الماضي على موعد مع زيارة مع الموفد الفرنسي للبنان باتريك دوريل الذي التقى القوى السياسية المعنية بعملية تشكيل الحكومة ولاسيما الرئيسين عون وبري والرئيس سعد الحريري وكذلك رئيس كتلة الووفاء للمقاومة محمد رعد ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ، ووضعت زيارة الوفد الفرنسي بالاستطلاع اي انه لم يحمل اي جديد بخصوص المبادرة الفرنسية التي اطلقها الرئيس ماكرون ، وانما كان جل همه محاولة تحريك هذه المبادرة وحث القوى السياسية على الاسراع في تشكيل الحكومة الجديدة لان الوقت بدأ ينفذ امام لبنان .

الا ان الانجاز الاول والاخير للموفد الفرنسي باتريك دوريل كان اتصال هاتفي بين جبران باسيل والرئيس الحريري جاء من باب رفع العتب وكشف عن الهوة بين الرجلين ، وان عملية تشكيل الحكومة الجديدة اصبحت معقدة جدا ، وان المبادرة الفرنسية اصبحت في خبر كان ، وقد اكد جبران باسيل هذه الامر فقال في مقابلة تلفزيونية "ان اتهامنا بعرقلة الحكومة نغمة قديمة ، واكرر اننا حتى اللحظة لم نطلب الا المعيار الواحد ولم نطرح اي مطلب او شرط" ، والمعيار الواحد الذي يطالب به باسيل هو المحاصصة الوزارية في تشكيل الحكومة ، وفي هذه الاطار يتحمل الرئيس المكلف مسؤولية مباشرة حول الموضوع لانه اعلن سلفا قبوله اعطاء الثنائي الشيعي حقيبة المال ولمرة واحدة ، وهذه ما فتح الباب اما باقي القوى وخصوصا التيار الوطني الحر للمطالبة بحصة وزارية.

هذا على الصعيد السياسي الداخلي اما على الصعيد الخارجي فلا بد من التوقف عند المواقف التي اطلقتها السفيرة الاميركية دورتي شيا والتي اكدت فيها ان "جبران باسيل بعلاقته مع "حزب الله" يغطي على سلاحه ، فيما الاخير يغطي على فساده" واضافت "اننا لم نفعل بعد كما دول الخليج والابتعاد عن لبنان وعدم دعمه ، ولذلك مازلنا نستعمل سياسية الضغط على حزب الله" ، وتكشف هذه المواقف للسفيرة الاميركية في لبنان ان عملية تشكيل الحكومة لها مساران داخلي وخارجي وعلى مايبدو فان المساريين معقدين ، وعملية تشكيل الحكومة في مازق صعب جدا .

اما على الصعيد الاقتصادي فالامور تتجه بسرعة نحو الاسوء مع اقتراب احتياط مصرف لبنان على النفاذ اخر السنة الجارية ، واكد وزير المالية "ان استقالة الحكومة علقت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي حول خطة اقتصادية انقاذية" واضاف "تم دفع اكثر من نصف اللبنانيين نحو الفقر واصبح 40 بالمئة منهم عاطل عن العمل ، ويتوقع صندوق النقد الدولي ان ينكمش الاقتصاد بنسبة 25 يالمئة هذه السنة" ، وهذا يعني ان الاسوء في الفترة القادمة ينتظر لبنان واللبنانيين على الصعيد الاقتصادي بحسب وزير المالية .

فهل يبادر اهل الحل والعقد في لبنان الى انقاذ لبنان قبل فوات الاوان ، ام ان حياة اللبنانيين واستقرارهم ومعيشتهم في اخر اهتماماتهم ؟ سؤال برسم المعنيين فهل من جواب .

بسام غنوم