العدد 1432 / 14-10-2020
قاسم قصير

أعاد الرئيس سعد الحريري الحياة للمبادرة الفرنسية بعد فشل الدكتور مصطفى اديب بتشكيل الحكومة ، ويحظى التحرك الجديد للحريري بدعم روسي – مصري – فاتيكاني، حسبما تؤكد مصادر دبلوماسية في بيروت .

والهدف الاساسي من اعادة الحياة للمبادرة الفرنسية هو منع الانهيار في لبنان ، والسعي للحصول على مساعادات مالية من اجل اعادة اعمار بيروت واصلاح القطاع المالي والنقدي، واعطاء فرصة جديدة للبنان بانتظار وضوح الصورة اقليميا ودوليا.

فماهي الاسباب وراء دعم روسيا والفاتيكان ومصر للمبادرة الفرنسية؟ وهل ستنجح هذه الجهود في انقاذ الوضع اللبناني؟

اسباب دعم المبادرة الفرنسية

توضح مصادر دبلوماسية مطلعة في بيروت : ان الفاتيكان وروسيا ومصر يعطون إهتماما خاصا للوضع في لبنان ، ولا سيما بعد التطورات الأخيرة والكارثة الكبرى التي أصابت مرفأ بيروت والتي طالت تداعياتها كل لبنان وفي المقدمة العاصمة بيروت ، وإن كان الإهتمام بلبنان هو في مقدمة الإهتمامات الفاتيكانية خلال السنوات الأخيرة لأسباب عديدة واهمها حماية الوجود المسيحي واستعادة الرسالة التي اطلقها البابا يوحنا بولس الثاني حول لبنان بانه رسالة وانه اكبر من وطن ، واما على الصعيد الروسي فقد زاد الاهتمام بلبنان في السنوات الاخيرة ولاسيما بعد تزايد الدور الروسي في سوريا والمنطقة ، كما يولي الروس اهتماما ايضا بالكنيسة الارثوذكسية ودورها ، واما بالنسبة لمصر فقد زاد الاهتمام المصري في السنوات الاخيرة في ظل تراجع الدور السعودي ، وينشط المصريون في اكثر من اتجاه لدعم لبنان والاستقرار الامني والسياسي .

وتوضح المصادر : " أنه فور حصول إنفجار المرفأ في الرابع من شهر آب، زاد اهتمام هذه الدول بالوضع اللبناني وان كانت المبادرة الفرنسية سبقت الجميع ، ولذلك كان هناك حرص على دعم هذه المبادرة واعطاء الفرصة لها للنجاح، وتم التركيز على تقديم المساعدات الانسانية والتحرك الدبلوماسي الداعم للمبادرة ، واما على الصعيد الفاتيكاني فقد اطلق البابا فرانسيس مبادرة رمزية بتقبيل العلم اللبناني وإطلاق مواقف حول المخاطر التي يواجهها لبنان وضرورة العمل لإنقاذه بكافة الوسائل ، وعلى ضوء ذلك كانت زيارة أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بارولين الى لبنان والتضامن الكبير الذي أعلنه مع اللبنانيين".

وعلى الصعيد الروسي تقرر قيام وزير الخارجية سيرغي لافروف بزيارة لبنان في اواخر الشهر الحالي ، كما جرى تعيين سفير روسي جديد في لبنان ، وهناك تواصل مستمر بين المسؤولين الروس والمسؤولين اللبنانيين.

وتلتقي هذه الدول حاليا على ضرورة دعم المبادرة الفرنسية وتشكيل حكومة جديدة ومنع انهيار لبنان ، لان هذا الانهيار ستكون له تداعيات خطيرة على كل اوضاع المنطقة.

مدى نجاح المبادرة الفرنسية؟

لكن هل ستنجح المبادرة الفرنسية المتجددة ؟ وما هي الاهداف المنتظرة من اعادة احياء هذه المبادرة؟

تشير المصادر الدبلوماسية المطلعة : أن هناك تنسيقا كبيرا بين المسؤولين في الفاتيكان مع المسؤولين الفرنسيين وعلى رأسهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من اجل العمل لمساعدة لبنان واللبنانيين لمواجهة الأزمة السياسية والإقتصادية والمالية والإحتماعية، وأن المبادرة التي اطلقها الرئيس ماكرون تحظى بدعم فانيكاني كبير ، وأن الأولوية اليوم لحماية الكيان اللبناني من الأنهيار والسقوط وحماية الوجود من المخاطر الكبرى التي تطال اللبنانيين جميعا ومن ضمنهم المسيحيين ، لكن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق المسؤولين اللبنانيين جميعا وخصوصا من هم في السلطة اليوم ، وعلى عاتق اللبنانيين ، وأن المبادرة الفرنسية هي الفرصة الأخيرة للبنان واللبنانيين لمعالجة الأزمة القائمة وإذا لم تنجح فلن يكون هناك أي مجال لمساعدة لبنان ، لأن العالم مشغول بهمومه وقضاياه ولن يكون هناك من يبدي الإهتمام بالوضع اللبناني".

واما على الصعيد المصري فان الاولوية لحماية الاستقرار الامني والسياسي وملء الفراغ الحاصل في ظل تراجع الدور العربي مما يترك فراغا سياسيا ويفتح الباب امام مخاطر امنية واقتصادية واجتماعية ، وهذه المخاطر لن تنحصر بلبنان بل ستطال كل المنطقة.

ومن جهتهم الروس حريصون على تعزيز دورهم في المنطقة في ظل تراجع الدور الاميركي ، اضافة لاهمية لبنان بالنسبة للسياسة الروسية في جميع المجالات الامنية والسياسية والاقتصادية .

وتوضح المصادر الدبلوماسية : نحن اليوم نواجه خطرا كبيرا في لبنان وعلى اللبنانيين تحمّل المسؤولية وإذا لم يساعد اللبنانيون أنفسهم فإن كل أشكال الدعم والإهتمام الخارجي لن تنفع مهما كانت كبيرة ومؤثرة ، وان اعادة الحياة للمبادرة الفرنسية وتشكيل حكومة جديدة هي فرصة مهمة لمنع الانهيار وتأمين الدعم المالي للبنان بانتظار معرفة نتائج الانتخابات الاميركية ومستقبل لبنان والمنطقة والعالم ، واذا لم تنجح هذه المبادرة فان الاوضاع ستتجه نحو الانهيار وهذا خطر كبير على لبنان وكل المنطقة.