العدد 1538 /23-11-2022
قاسم قصير

شهدت معركة الانتخابات الرئاسية خلال الايام القليلة الماضية تطورات مهمة من خلال الصراع العلني بين رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية ، من خلال الحملة السياسية والاعلامية والدبلوماسية التي خاضها باسيل ضد فرنجية سواء خلال لقائه غير المعلن مع الرئيس نبيه بري ، او خلال زيارته لباريس واللقاءات التي عقدها هناك ، ومن خلال طرحه البحث عن مرشح ثالث يتم التوافق عليه مع حزب الله والبطريركية المارونية.

في هذا الوقت لا يزال قائد الجيش العماد جوزيف عون يخوض المعركة الرئاسية بصمت وبعيدا عن الاعلام ، وتم تسريب خبر لقاء عقده مع مسؤول وحدة التنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا دون ان يتم تأكيد ذلك رسميا ، لكن اسم العماد عون اصبح مطروحا جديا في الاوساط السياسية والاعلامية والدبلوماسية.

فما هي ابعاد الحملة التي يشنها باسيل ضد فرنجية؟ والى اين تتجه المعركة الرئاسية ؟ وهل سينجح الفرنسيون في التوصل الى تسوية شاملة توصل سليمان فرنجية او العماد عون او مرشح ثالث توافقي في ظل اعتراض الحزب وحلفائه على ترشيح ميشال معوضاو ان حسم الامور يحتاج الى وقت اخر؟

بين باسيل وفرنجية

بداية ما هي ابعاد المعركة القاسية التي يشنها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل على ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية؟ وهل يستفيد العماد جوزيف عون من هذا الصراع لتعزيز حظوظه الرئاسية؟

من يتابع حركة باسيل الداخلية والخارجية يدرك انه يخوض معركة حماية دوره السياسي والشعبي وان يشكّل احد اهم الناخبين في المعركة الرئاسية في ظل تراجع حظوظه في الوصول الى الرئاسة الاولى ، ولذلك عمد الى القيام بسلسلة زيارات خارجية وعقد لقاء غير علني مع الرئيس نبيه بري وطرح مواقف حادة ضد فرنجية وقدّم عدة اقتراحات لمقاربة المعركة الرئاسية.

وفي حين اشارت مصادر اعلامية ودبلوماسية في بيروت وباريس ان باسيل يسعى لانهاء العقوبات الاميركية عنه وتحقيق مطالب معينة في المرحلة المقبلة تحفظ دوره ودور التيار ، فان اوساطا اخرى في التيار الوطني الحر اكدت ان ما يطرحه باسيل يهدف لتقديم رؤية اصلاحية مستقبلية وهذا يستدعي البحث عن شخصية توافقية واصلاحية للرئاسة الاولى ، وان فرنجية ليس المرشح المناسب للمرحلة المقبلة ، كما ان لديه تحفظات على وصول العماد جوزيف عون للرئاسة الاولى.

ولان باسيل لم يستطع اقناع حزب الله بالتخلي عن دعم فرنجية فانه حاول اقناع الرئيس بري بذلك ، كما شن حملة قاسية عليه في فرنسا ، لكن يبدو حسب المعطيات المتوافرة من اكثر من مصدر سياسي في بيروت ان هذه الحملة لم تؤد الى نتائج حاسمة ، وانها ساهمت في تقدم حظوظ العماد جوزيف عون ، وان كانت حظوظ فرنجية لا تزال قوية بانتظار نتائج التحرك الفرنسي سواء في لبنان او مع السعودية والجهات الاقليمية والدولية.

هل تحسم المعركة الرئاسية قريبا ؟

لكن هل ستؤد هذه التحركات الداخلية والخارجية الى حسم المعركة الرئاسية قريبا ام ان الفراغ الرئاسي قد يمتد الى العام المقبل ؟

حسب عدة مصادر سياسية ودبلوماسية واعلامية في بيروت فان التحركات بشأن المعركة الرئاسية لم تصل الى نتيجة ايجابية حتى الان ، ولذلك فان الفراغ الرئاسي مستمر والجلسات الانتخابية لن تحقق اية نتيجة بانتظار تبلور المواقف داخليا وخارجيا.

وتشير بعض هذه المصادر الى ان الفراغ الرئاسي قد يستمر حتى ربيع العام المقبل اوقبل نهاية عهد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في شهر تموز من العام المقبل ، لكن اوساطا اخرى تعتبر ان ترك البلاد بدون رئيس طيلة كل هذه الفترة سيكون له تداعيات سلبية سياسية وامنية واقتصادية ولذا فان التحركات ستزداد خلال الايام المقبلة من اكثر من جهة داخلية وخارجية ، وقد برز ذلك من خلال التحرك الفرنسي – السعودي والمواقف الاميركية المحذّرة من الفراغ ، اضافة لتحرك الفاتيكان عبر عقد لقاء بين وزير خارجية الفاتيكان وسفراء عدة دول كبرى وعربية في الفاتيكان ، اضافة الى تكثيف التحركات الداخلية للبحث عن حلول للازمة الرئاسية.

نحن اذن امام معركة قاسية على الرئاسة الاولى وكل الاحتمالات واردة ، ورغم ان حظوظ رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزيف عون هي الاقوى حتى الان ، فان التحركات والاتصالات الداخلية والخارجية لم تحسم الامور مما قد يفتح الباب امام مرشح ثالث ينال موافقة كل الاطراف ، وبانتظار ذلك لا خيار امام اللبنانيين سوى الانتظار ومعالجة همومه بانفسهم .

قاسم قصير