العدد 1524 /17-8-2022
قاسم قصير


شكّل اللقاء الثنائي الذي جمع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ووفد من الحزب مع وفد قيادي من حزب الله ضمّ معاون الامين العام الحاج حسين الخليل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب الحاج وفيق صفا تطورا مهما في الواقع السياسي اللبناني نظرا لما يمثّله الفريقان من أهمية سياسية وشعبية، ولأنه أتى بعد قطيعة وخلاف بينهما استمر لعدة سنوات ، اضافة الى ان توقيت اللقاء مع بدء المعركة الرئاسية في لبنان والخوف من حصول مواجهة بين الحزب والجيش الاسرائيلي بسبب ملف الترسيم البحري ، كل ذلك ادى لردود فعل واضحه وقد انقسمت ردود الفعل بين مرحب باللقاء ومؤيد له ، وبين الذين تخوّفوا منه ومن نتائجه وخصوصا القوات اللبنانية وحزب الكتائب وقيادات قوى 14 اذار سابقا.

فما دلالات هذا اللقاء الهام؟ وما هي انعكاساته السياسية والشعبية؟ وهل سيشكل بداية لحوار وطني شامل والوصول الى تسوية شاملة ؟ أو أنه سيدفع بقية الاطراف غير المرحبة به الى مزيد من التصعيد والاندفاع نحو معركة مفتوحة لمنع الطرفين من التحول الى قوة سياسية فاعلة في المرحلة المقبلة؟.

الدلالات والانعكاسات للقاء

بداية ما هي دلالات وانعكاسات هذا اللقاء الهام بين حزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي؟.

حسب مصادر قيادية مطلّعة في الحزب التقدمي الاشتراكي فان هذا اللقاء يأتي في سياق مشروع حواري يعمل عليه الحزب مع مختلف الاطراف اللبنانية ومع البطريركية المارونية ومع عدد من النواب التغييريين وذلك بهدف البحث عن افق للتسوية الداخلية وانجاز الاستحقاق الرئاسي ومواجهة مختلف التحديات التي يواجهها لبنان اليوم وفي المرحلة المقبلة.

واضافت المصادر : انه قبل هذا اللقاء جرى التواصل بين الاستاذ وليد جنبلاط والنائب غسان عطا الله ، كما ان العلاقة مع الرئيس نبيه بري مستمرة ، وهناك مساعي للتواصل مع النواب التغييريين ، ونحن حريصون للتواصل مع جميع الفرقاء السياسيين وهذا اللقاء ليس موجها لاي طرف آخر ، والهدف الاساسي منه هو البحث في كيفية مقاربات مختلف الملفات السياسية والاقتصادية ووضع خارطة طريق للانقاذ ، ومواجهة اي تحديات مستقبلية .

وحسب مصادر سياسية متابعة فان اهمية هذا اللقاء هي انه قد يشكل نواة مهمة لتشكيل قوة سياسية ونيابية قادرة على طرح مشروع متكامل للرئاسة وتحصين الوضع الداخلي في مواجهة اية محاولات لاثارة الفتن الداخلية ووضع اليات مستقبلية للحوار حول مختلف الموضوعات ، وهو يساعد في دعم موقف حزب الله في مواجهة ملف الترسيم البحري واي تصعيد قد يحصل مستقبلا مع الجيش الاسرائيلي.

بين الحوار والتسوية والمعركة المفتوحة

لكن هل سيساعد اللقاء بين الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الله على دفع الاوضاع في لبنان نحو الحوار والتسوية او انه سيدفع الاطراف الاخرى لخوض معركة سياسية وشعبية ونيابية لتشكيل قوة موازية قادرة على مواجهة هذا التحالف ؟.

بعد حصول اللقاء الثنائي بين حزب الله والحزب التقدمي لوحظ تصعيد في مواقف رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع على صعيد الملف الرئاسي وكذلك مواقف المسؤولين في القوات الذين طالبوا بانتخاب رئيس سيادي قادر على مواجهة الحزب وتطبيق القرارات الدولية ورفضوا اي حوار مع حزب الله ، واما على صعيد حزب الكتائب فقد تباينت المواقف بين مرحب بالحوار هاجم ما قام به الاستاذ وليد جنبلاط معتبرا انه تخلى عن ثوابته ، واما النائب السابق الدكتور فارس سعيد فقد هاجم اللقاء ودعا باسم المجلس الوطني لتحرير لبنان من الاحتلال الايراني لمنع وصول رئيس مدعوم من حزب الله وضرورة اطلاق مشروع لبناني للرئاسة ، كما عقد لقاء بين عدد من النواب المعارضين بهدف تشكيل قوة نيابية تغييرية، في حين رحبت قوى اخرى بالحوار داعية الى العمل من اجل تحقيق تسوية وطنية مستقبلية، وقد اطلقت عدة مبادرات حوارية خلال الاسبوعين الماضيين بهدف اطلاق حوار لبناني- لبناني والضغط لاختيار رئيس جمهورية قادر على انقاذ لبنان ومن اجل مواجهة مختلف التحديات الداخلية والخارجية.

وفي الخلاصة فان الايام المقبلة ستحمل المزيد من الصراع والسباق بين الداعين للحوار والتسوية لمعالجة ازمات البلاد وبين من يدعو لخوض معركة مواجهة حزب الله وتحرير لبنان من النفوذ الايراني ، فاي الخيارين سيتقدم ؟ وهل نحن ذاهبون الى تسوية شاملة او نحو تصعيد كبير داخليا وخارجيا؟

قاسم قصير