العدد 1566 /7-6-2023
بسام غنوم

عاد الملف الرئاسي الى الواجهة مجددا في لبنان بعد فترة من الجمود بسبب عدم توافق فريق المعارضة على مرشح لرئاسة الجمهورية يحظى برضى كل الفرقاء المسيحيين بمن فيهم التيار الوطني الحر الذي آثر طوال الفترة الماضية ان يبقى في المنطقة الرمادية بين الثنائي الشيعي وقوى المعارضة ، لكنه وبعد ادراكه ان الساحة المسيحية تحديدا في لبنان ليست بوارد الموافقة على ترشيح الثنائي الشيعي لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية باعتباره مرشح تحد لها، وبعد دخول العلاقة بين النائب باسيل و"حزب الله" في مرحلة الريبة والشك ، قرر جبران باسيل الوقوف مع المعارضة وتبني ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور واعلن عن موقفه بالقول : «أصبح من المعروف أنّنا تقاطَعنا مع كتل نيابية أخرى على اسم الوزير السابق جهاد أزعور من بين اسماء أخرى اعتبرناها مناسبة وهم اختاروا واحدًا منها، وهذا أمر مهم»، لكنه أضاف : «أننا نريد رئيسًا لا أحدّ يفرضه علينا، ولكن لا نفرض على أحد رئيس، وهذه معادلة الشراكة الوطنية. تفاهم اللبنانيين وتوافقهم على الرئيس، والبرنامج هو الحل».

وهو ما اعتبر محاولة منه لابقاء خيط ما في العلاقة المتوترة التي تربطه حاليا ب "حزب الله" الذي رفض بصورة علنية ومباشرة ترشيح المعارضة للوزير السابق جهاد أزعور حيث اكد عضو كتلة "الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله أنّ «حزب الله» يرحّب بالدعوة للحوار والتلاقي، وإيجاد توافقات لانتخاب رئيس للجمهوربة بعيدًا عن الفرض والتحدي" ، ولكنه لفتَ الى أن «كل التوصيفات التي أعطيت لمرشحهم المُستجِد لا تنطلي على أحد، وهي توصيفات مصدرها الفريق نفسه ولا تعني لنا شيئاً، فهو بالنسبة لنا مرشح مواجهة وتحدٍ قدّمَه فريق يُخاصم غالبية اللبنانيين، ولا يمكن لهذا المرشح أن يحوز على ثقتهم أو يحظى بتأييد الغالبية النيابية المنصوص عليها في الدستور، ولذلك لا أمل لهم ولمرشحهم الجديد في لعبتهم المكشوفة».

وهنا يطرح السؤال التالي : هل دخل الملف الرئاسي مرحلة الحسم بعد تبني المعارضة ومعها التيار الوطني الحر ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، في وجه مرشح الثنائي الشيعي سليمان فرنجية ؟

لعله من المبكر جدا القول ان الملف الرئاسي اصبح قاب قوسين او ادنى من الحل كما يتمنى غالبية اللبنانيين الذين يعانون كثيرا من جراء الازمة السياسية المستفحلة في البلد منذ ما قبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون ، والتي تفاقمت بعد دخول لبنان في مرحلة الفراغ الرئاسي بعد انتهاء ولاية الرئيس عون في 31 -10-2022 .

لكن لا بد من القول ان تبني قوى المعارضة على اختلاف توجهاتها ومعها التيار الوطني الحر ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور ، قد اعاد خلط الاوراق في الساحة الرئاسية خصوصا مع غموض موقف "اللقاء الديموقراطي" الذي يتزعمه النائب تيمور جنبلاط الذي يرفض ترشيح سليمان فرنجية ، وسفره ووالده وليد جنبلاط الى العاصمة الفرنسية باريس ، واعلان عضو "اللّقاء الدّيمقراطي" النّائب هادي أبو الحسن، أنّ "النّائب السّابق وليد جنبلاط سبق وطرح اسم الوزير السّابق جهاد أزعور كمرشّح لرئاسة الجمهوريّة، من ضمن ثلاثة أسماء قبل خمسة أشهر، من دون أيّ ديناميّة كافية لدى البعض لتلقّف هذه التّسمية"، لافتًا إلى أنّ "الإجماع لدى المعارضة و"التيار الوطني الحر" أتى متأخرًا"؛ ومؤكّدًا "إيجابيّة هذا الالتقاء" ، وهو ما اربك حسابات الثنائي الشيعي وتحديدا الرئيس نبيه بري الذي سارع الى الاتصال بجنبلاط لمعرفة موقفه من ترشيح المعارضة للوزير السابق جهاد ازعور ، ويبدو ان جواب وليد جنبلاط كان غامضا مما دفع الرئيس نبيه بري الى الدعوة الى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية من قبل ظهر الاربعاء في 14 حزيران الحالي ، وهو ما اعتبر كرسالة تحد من الثنائي الشيعي لقوى المعارضة والتيار الوطني الحر وحتى "اللقاء الديموقراطي" ووليد جنبلاط على تبنيها ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور.

وهنا لابد من الاشارة الى ان هذا التطور في الملف الرئاسي لناحية تبني المعارضة والتيار الوطني الحر مرشحا في مقابل مرشح الثنائي الشيعي يعتبر بحد ذاته تطورا ايجابيا بغض النظر عن كل من المرشحين جهاد أزعور وسليمان فرنجية ، لأنه يسمح لاصدقاء لبنان الاقليميين والدوليين بالدخول الى الملف الرئاسي من بابه الواسع بعد اتضاح الصورة الرئاسية في لبنان ، وهو ما قد يفتح الباب واسعا امام التوافق على مرشح تسوية واجماع يرضي جميع الاطراف على الساحة السياسية .

بالخلاصة يمكن القول الملف الرئاسي بعد تبني قوى المعارضة ومعها التيار الوطني الحر لترشيح الوزير السابق جهاد أزعور في مواجهة سليمان فرنجية مرشح الثنائي الشيعي ، دخل في مرحلة جديدة وحاسمة قد تسمح بانتخاب رئيس جديد للبنان في وقت غير بعيد.

بسام غنوم