العدد 1530 /28-9-2022
قاسم قصير

شكّل صدور البيان الثلاثي السعودي – الاميركي- الفرنسي حول الاوضاع في لبنان والانتخابات الرئاسية اولى الرسائل الخارجية حول الملف الرئاسي ، وقد صدر هذا البيان يوم الاربعاء الماضي بعد اجتماع وزراء خارجية الدول الثلاثة في نيوورك وتضمن مواقف واضحة من التطورات اللبنانية ورؤية هذه الدول للانتخابات الرئاسية ومستقبل الوضع اللبناني.

وتلا هذا البيان تحرك دبلوماسي مكثف من السفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو والسفير السعودي وليد البخاري والذي عقد سلسلة اجتماعات مع القيادات اللبنانية والنواب السنة ، كما تزامن ذلك مع الاجتماع الذي دعى اليه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان للنواب السنة والذي انتهى بصدور بيان واضح حول مختلف التطورات الداخلية.

فماهي مضامين وابعاد البيان الثلاثي حول لبنان ؟ وكيف ستنعكس هذه المواقف والتحركات على الملف الرئاسي اللبناني؟

البيان الثلاثي ودلالاته وابعاده

في الحادي والعشرين من شهر ايلول الحالي انعقد في نيوورك اجتماع ثلاثي لوزراء خارجية فرنسا واميركا والسعودية ، وقد عبر الوزراء عن دعم بلادهم المستمر لسيادة لبنان وأمنه واستقراره، وشددوا على أهمية إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد وفق الدستور اللبناني، وانتخاب رئيس يمكنه توحيد الشعب اللبناني ويعمل مع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية لتجاوز الأزمة الحالية.

ودعا الوزراء إلى تشكيل حكومة قادرة على تطبيق الإصلاحات الهيكلية والاقتصادية اللازمة لمعالجة الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان، وتحديداً الإصلاحات الضرورية للوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.

كما عبر الوزراء عن استعدادهم للعمل المشترك مع لبنان لدعم تنفيذ هذه الإصلاحات الأساسية التي تعد حاسمة لمستقبل الاستقرار والازدهار والأمن في لبنان. كما أكدوا على دور القوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي اللبناني المسؤولَين عن حفظ سيادة لبنان واستقراره، مع أهمية استمرارهما بالقيام بدور أساسي في حماية الشعب اللبناني في ظل أزمة غير مسبوقة.

وأكد الوزراء ضرورة قيام الحكومة اللبنانية بتنفيذ أحكام قرارات مجلس الأمن (1559) و (1701) و (1680)، (2650) والقرارات الدولية ذات الصلة بما في ذلك تلك الصادرة من جامعة الدول العربية، والالتزام باتفاق الطائف المؤتمن على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في لبنان.

هذا البيان تزامن مع تحرك السفير السعودي وليد البخاري والسفيرة الفرنسية آن غريو في بيروت ، وهما يحملان الملف الرئاسي في طليعة اهتماماتهما، مؤكدان على ضرورة اجراء الاستحقاق في موعده، وأن يكون الرئيس الجديد قادرا على جمع اللبنانيين والحفاظ على علاقات لبنان مع الخارج، وذلك في وقتٍ يعدّ التزام لبنان باستحقاقاته الدستورية وبرامج إصلاحية ممراً إلزامياً لحصوله على دعم مالي خارجي.

هذه المواقف والتحركات تؤكد على ان الملف الرئاسي اصبح في سلم أولويات القوى الخارجية المعنية بالشأن اللبناني ، وان هذه القوى ستحاول التأثير في نتائج الاستحقاق واختيار الرئيس المقبل.

انعكاس البيان على الملف الرئاسي

لكن كيف سيكون تأثير هذا البيان والتحركات الدبلوماسية في بيروت على الملف الرئاسي؟

من الواضح أن صدور هذا البيان الثلاثي والحراك الذي يقوم به السفير السعودي والسفيرة الفرنسية في بيروت يشكل رسالة واضحة من القوى الخارجية الى الداخل اللبناني بأهمية الاستحقاق الرئاسي واختيار رئيس جمهورية قادر على التناغم مع مواقف هذه الدول ، وهذا التحرك سيشكل عنصر توازن مع دور بقية القوى اللبنانية التي تسعى لبلورة مواقفها من الاستحقاق الرئاسي واختيار رئيس جديد للجمهورية.

ومن يتابع مواقف القوى اللبنانية من الانتخابات الرئاسية يلاحظ انها غير موحدة ، فهناك من يدعو لانتخاب رئيس تحدي قادر على مواجهة حزب الله وحلفائه ، في حين هناك من يدعو لاختيار رئيس توافقي قادر على طرح مشروع انقاذي والحوار مع كل الاطراف ، في حين ان قوى اخرى لم تحدد موقفها من الانتخابات الرئاسية وتنتظر مواقف القوى الاخرى ، ورغم كثرة الاسماء المرشحة للرئاسة الاولى واعلان بعض المرشحين مواقفهم من مختلف التطورات ، فلا يبدو ان الاطراف اللبنانية قد حسمت خياراتها الرئاسية ، وقد يشكل التحرك الخارجي عاملا مؤثرا في تحريك الملف الرئاسي ووضعه تحت الاضواء في الايام المقبلة.

وبانتظار وضوح الرؤية الخارجية والداخلية ، فان صدور هذا البيان الثلاثي والتحركات القائمة من عدد من السفراء والقوى الداخلية ، فان الحراك الرئاسي سيزداد في الايام المقبلة وقد تتضح الصورة اكثر حول الاسماء الاكثر قابلية للوصول الى موقع الرئاسة الاولى ، وقد يكون كل ذلك دافعا للرئيس نبيه بري لتحديد موعد الانتخابات في اسرع وقت ممكن وقبل انتهاء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

قاسم قصير