العدد 1520 /20-7-2022

بانتظار حسم الملف الحكومي سلبا او ايجابا انطلقت عمليا معركة رئاسة الجمهورية اللبنانية وذلك من خلال البدء بتحديد اسماء المرشحين المحتملين والشروط المطلوبة للرئيس المقبل والاتصالات بين مختلف الاطراف لتحديد موقفها من هذا الاستحقاق.

ومع ان مهلة تحديد الجلسة الاولى للانتخابات تبدأ في الاول من شهر ايلول المقبل ، فان العديد من الشخصيات الدينية والسياسية والقوى الحزبية بدأت الحديث عن اهمية معركة رئاسة الجمهورية وموقفها من هذه المعركة , وفي مقدمة هؤلاء البطريرك الماروني مار بشارة الراعي والذي اعلن سلسلة مواقف حول مواصفات الرئيس وداعيا لانتخابه في بداية المهلة الدستورية، من جهته رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع حدد مواقفه من المعركة الرئاسية مشيرا لاحتمال تأييد قائد الجيش العماد جوزيف عون للرئاسة ، كما لوحظ تحرك تيار المردة الاستاذ سليمان فرنجية في اكثر من اتجاه ، وجرى تداول العديد من الاسماء التي يمكن ان تترشح.

فما هي العوامل المؤثرة في انتخابات رئاسة الجمهورية؟ وما هي الخيارات المتوقعة والمتاحة في هذه المعركة؟

العوامل المؤثرة في المعركة الرئاسية

بداية ما هي ابرز العوامل المؤثرة في المعركة الرئاسية داخليا وخارجيا؟

من خلال العودة الى معارك رئاسة الجمهورية في لبنان منذ الاستقلال الى اليوم ، يمكن ملاحظة ان هناك عوامل داخلية وخارجية تؤثر في معركة رئاسة الجمهورية في لبنان ، فالقوى الخارجية تلعب دورا مهما في دعم بعض الشخصيات لرئاسة الجمهورية نظرا لارتباط العديد من الاطراف اللبنانية بعدد من الدول المؤثرة سواء كانت اجنبية او عربية ، ومن هذه الدول : فرنسا وبريطانيا واميركا ومصر والسعودية وسوريا وايران والكيان الصهيوني، وعلى الصعيد الداخلي فان الاحزاب والقوى الطائفية وبعض الكتل البرلمانية والشخصيات السياسية تؤثر في المعركة الرئاسية .

وعلى سبيل المثال لا الحصر ، فان بريطانيا لعبت دورا مؤثرا في وصول الرئيس بشارة الخوري الى رئاسة الجمهورية ، ولاحقا كان لها دور داعم للرئيس كميل شمعون ، وان كانت القوى اللبنانية انذاك خاضت معركة قوية ضد الرئيس بشارة الخوري بعد التجديد له.

وفي العام 1958 ادى الاتفاق المصري- الاميركي الى وصول العماد فؤاد شهاب الى رئاسة الجمهورية والذي عقد اتفاقا مع الرئيس المصري جمال عبد الناصر خول كيفية مقاربة الاوضاع الداخلية والخارجية ، وكان للمكتب الثاني ( جهاز مخابرات الجيش اللبناني) دورا مهما في وصول الرئيس شارل الحلو للرئاسة في العام 1966 ، في حين ان الصراعات الداخلية اسهمت في وصول الرئيس سليمان فرنجية للرئاسة في العام 1970 ولعب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي كمال جنبلاط وقوى اخرى دورا مهما في ابعاد مرشح الشهابية الياس سركيس .

وفي العام 1976 كان لسوريا بدعم عربي وغربي دورا في ايصال الياس سركيس للرئاسة ، في حين كان الغزو الاسرائيلي للبنان في العام 1982 دورا مؤثرا في ايصال قائد القوات اللبنانية بشير الجميل للرئاسة ولاحقا شقيقه الرئيس امين الجميل ، وفي العام 1988 فشلت القوى الغربية والعربية في حسم معركة الرئاسة الى حين حصول اتفاق الطائف في العام 1989 وعودة سوريا بقوة في العام 1990 وانتخاب رينيه معوض ومن ثم الياس الهرواي بدعم سعودي وغربي ، وفي العام 1999 ساهمت سوريا قي وصول العماد اميل لحود للرئاسة ، وفي العماد 2008 ادى اتفاق الدوحة وبدعم قطري- سعودي – فرنسي – سوري- اميركي – ايراني الى وصول العماد ميشال سليمان ، وفي العام 2016 ادت التسويات المحلية الى وصول العماد ميشال عون للرئاسة .

وفي الخلاصة فان العوامل الداخلية تتداخل مع العوامل الخارجية في حسم المعركة الرئاسية ، لكن في السنوات الاخيرة اصبح العامل الداخلي اقوى من العامل الخارجي.

الخيارات الرئاسية اليوم

لكن ماهي الخيارات الرئاسية والمتوقعة اليوم في ظل الاوضاع السياسية الداخلية والخارجية المتفجرة؟.

منذ انطلاق المعركة الرئاسية جرى التداول بالعديد من اسماء الشخصيات التي يمكن ان تصل الى موقع الرئاسة الاولى ، وسيكون للعوامل الداخلية والخارجية دورا مؤثرا في حسم هذه المعركة ، فتوزع الكتل النيابية وعدم وجود اكثرية حاسمة لفريق دون اخر سيضع كل الخيارات الرئاسية على طاولة البحث ، وسيسعى كل طرف سياسي فاعل لتجميع اكبر عدد من النواب المؤيدين له ، مع الاخذ بالاعتبار الاوضاع الداخلية المتفجرة وتأثير بعض القوى الخارجية على المشهد اللبناني.

ووفقا للمعطيات المتوفرة حتى الان ، فان حظوظ رئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ضعيفة لاسباب عديدة ، لكن يمكن لهما ان يلعبا دورا مؤثرا في المعركة الرئاسية من خلال التحالفات السياسية، وفي المقابل يتقدم اسم كل من قائد الجيش العماد جوزيف عون وتيار المردة سليمان فرنجية ، لكن كل واحد منهما يحتاج لدعم داخلي وخارجي واذا لم يتوفر ذلك سيكون الخيار الاقوى البحث عن رئيس تسوية مدعوم من اكبر عدد ممكن من النواب والكتل النيابية ويكون قادرا على ادارة المرحلة المقبلة، وهناك اسماء عديدة تطرح في هذا المجال لكن لا شيء محسوم حتى الان.

وفي الخلاصة فان المعركة الرئاسية بدات والتنافس سيكون قويا واذا لم يحصل توافق داخلي وخارجي على شخصية قوية قادرة على انقاذ لبنان من ازماتها فقد ندخل في الفراغ الرئاسي والفوضى السياسية والدستورية.

قاسم قصير