العدد 1511 /11-5-2022

كشفت حماسة الناخبين اللبنانيين المغتربين الذين ادلوا بأصواتهم بصورة كبيرة وغير معهودة ،عن رغبة كبيرة بالتغيير للواقع السياسي اللبناني من قبل لبنان المغترب ، وهو ما سينعكس ايجابا على نسبة التصويت في لبنان يوم الاحد القادم الذي سيكون يوما تاريخيا بكل ما في الكلمة من معنى اذا كانت نسبة تصويت المقيمين نفس نسبة تصويت المغتربين والتي تجاوزت ال60 في المئة ، ووصلت الى ما فوق السبعين في المئة في الدوائر الكبرى مثل ما جرى في الامارات والسعودية ودول الخليج العربي وكذلك في بعض دول الاتحاد الاوروربي ، حيث ستكون المعارك الانتخابية في معظم المحافظات اللبنانية على المنخار كما يقال ، ولن تكون الانتخابات مجرد نزهة انتخابية للفريق الحاكم على وجه الخصوص الذي بدا انصاره معزولين في معظم بلدان الاغتراب باستثناء المانيا وبعض البلدان في افريقيا التي فيها تواجد كبير لانصار الثنائي الشيعي، ولذلك دقت معظم القوى والاحزاب ناقوس الخطر واستنفرت انصارها عشية يوم الانتخاب من اجل منع حدوث مفاجآت انتخابية غير متوقعة في معظم الدوائر يوم الاحد القادم.

فهل ستغير نتائج الانتخابات يوم الأحد القادم صورة المشهد السياسي في لبنان ؟

يرى البعض انه من المبكر البناء على نسبة تصويت اللبنانيين المغتربين الكبيرة خارج لبنان للقول ان رياح التغيير السياسي سوف تضرب الواقع السياسي اللبناني بقوة وان الصورة بعد يوم الانتخاب في 15 ايار ستكون مختلفة بالكامل عن ماقبله ، ويرجع ذلك لعدة اسباب منها :

ان اللبنانيين في الخارج يملكون قرارهم السياسي والاقتصادي وليسوا بحاجة الى المسؤوليين الموجودين في لبنان.

المال الانتخابي في ظل الازمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان بدأ يفعل فعله سواء عبر التقديمات المالية للناخبين او عبر تقديم بونات البنزين للمقترعين في يوم الانتخاب.

العامل الطائفي والمذهبي يجري استغلاله من قبل جميع الاطراف من اجل حث الناخبين على الاقتراع سواء لحماية الطائفة او المقاومة او الوجود الطائفي وبكلام آخر كل الاسلحة الانتخابية الطائفية والمذهبية مستباحة من اجل ضمان الفوز في يوم الانتخاب .

في ظل هذا الواقع الانتخابي يتحدث البعض عن بقاء الوضع على ما هو عليه في لبنان لأن نتائج الانتخابات لن تؤدي الى احداث تغيير في الواقع السياسي اللبناني بسبب العوامل السالفة الذكر وايضا بسبب العوامل الاقليمية التي تفعل فعلها في لبنان.

لكن هذا التحليل الانتخابي او بالاحرى الامنيات لدى فريق السلطة يكذبها واقع الانتخاب الاغترابي في معظم الدول العربية والاوروبية وفي باقي دول العالم .

اولا : لأن المغتربين اهاليهم في لبنان وتصويت ابنائهم للتغيير سوف ينعكس على تصويتهم .

ثانيا: حماسة الناخبين في الخارج سوف تدفع اللبنانيين في لبنان الى التصويت بكثافة من اجل التغيير السياسي .

ثالثا: تصويت المغتربين الذي وصل الى مايقارب ال200 الف صوت سوف يكون له تأثير قوي ومباشر على نتائج الانتخابات في كل المحافظات ، وهذا عامل مهم واساسي في التغيير وعامل قلق كبير لفريق السلطة الذي وصف المعركة الانتخابية يوم الاحد القادم ب"حرب تموز سياسية" كما جاء على لسان السيد حسن نصر الله.

رابعا: وهو الاهم ان دعوات مقاطعة الانتخابات من قبل انصار تيار المستقبل في لبنان قابلها حماس انتخابي كبير في الدول العربية والاوروبية حيث امتلئت صناديق الاقتراع في دائرة بيروت الثانية في دبي واضطرت القنصلية اللبنانية في دبي الى الاستعانة بصناديق اضافية من اجل استيعاب اصوات المقترعين ، مما يدل على فشل دعوات المقاطعة التي يروج لها بعض انصار تيار المستقبل وهو ما يمكن ان يحدث في يوم الانتخاب في بيروت وسائر المناطق اللبنانية .

بالخلاصة يمكن القول ان يوم الانتخاب الكبير في 15 ايار قد يكون يوما مفصليا في تاريخ لبنان السياسي اذا صحت التوقعات بتجاوز نسبة الانتخابات ال 60 في المئة ، مما سيؤدي حتما الى اعادة الامور في لبنان الى وضع التوازن السياسي بين مختلف الاطراف اللبنانية ، لأنه ثبت بالتجربة ان لبنان لا يمكن ان يحكم الا بصيغة "لاغالب ولا مغلوب" ، والا تحول لبنان الى ساحة صراع وخراب كما كان الحال في الحرب الاهلية في العام 1975 و ما تبعها من احداث .

بسام غنوم