العدد 1482 /13-10-2021

دخل لبنان مرحلة جديدة من الانهيار المتسارع وعلى كل المستويات ففي قطاع الكهرباء الحيوي للاقتصاد اللبناني ولحياة اللبنانيين وصلت الأمور الى مرحلة ال block down حيث انهارت شبكة الكهرباء بسبب عدم توفر مادة الفيول لتشغيل معامل الانتاج ، ورئيس الحكومة والوزراء المعنيين خصوصا في وزارات الطاقة والاقتصاد غائبين عن السمع والتجار يتحكمون بالسوق ولا من رقيب او حسيب واذا استمرت الأمور على هذه الحال فان الاصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي سوف يكون لا لزوم لها لأن الحكومة الحالية لم تترك شيئا لصندوق النقد حتى يطالب به فالدعم رفع بنسبة 85 في المئة عن البنزين، وبنسبة 100 في المئة عن المازوت والغاز ، واما الدواء فان الدعم رفع عنه عمليا والدواء المدعوم مفقود في الصيدليات وموجود في مستودعات مستوردي الادوية ، وبالنسبة للمواد الغذائية السوق فلتان على غاربه حيث تعجز دوريات حماية المستهلك عن فعل شيء لكبار المحتكرين ويتم الاكتفاء ببعض الاجراءات الاعلامية بين وقت وآخر ، والمواطن اللبناني الذي يخرج من بيته للبحث عن رغيف خبز لعائلته ، يرى ان اهل السلطة مشغولون بالتحضير للانتخابات النيابية في ربيع العام القادم وكأن الانتخابات النيابية القادمة سوف "تشيل الزير من البير" كما يقال في المثل الشعبي .

فهل ستكون الانتخابات النيابية القادمة في 27 آذار 2022 محطة للتغيير ام انها لن تقدم او تؤخر في الوضع اللبناني العام ؟

يرى الكثيرون في لبنان ان الانتخابات النيابية القادمة المقررة في شهر آذار 2022 مهمة لدرجة بحيث ستؤدي الى اعادة رسم الخارطة السياسية للبنان بما يعيد الى لبنان شيئا من الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي غاب عن حياة اللبنانيين منذ انتخابات 2018.

ومطلب الانتخابات النيابية ليس داخليا فقط بل هو مطلب المجتمع الدولي بصورة رئيسية حيث اكد الموفد الفرنسي الى لبنان السفير بيار دوكان ان لا مساعدات للبنان قبل اجراء الانتخابات النيابية والقيام باصلاحات ، وبعد اجتماعه بالرئيس ميقاتي اكد الموفد الفرنسي على ضرورة تطبيق النقاط التالية :

1 - ضرورة التوصّل إلى اتفاق قبل نهاية السنة مع صندوق النقد. هنا يعني عدم التأخر بإطلاق المفاوضات.

2 - يحتاج الأمر إلى توحيد الموقف من الأرقام بين المصرف المركزي والمصارف والدولة اللبنانية ممثلة بوزارة المال، لأنه لا يمكن للبنان ان يكرر تجربة المفاوضات السابقة لجهة التباين في الأرقام.

3 - بالتزامن يبقى ان تحسم الحكومة موضوع الاصلاحات: في المصارف، في التدقيق الجنائي، في الكهرباء، في القطاع العام، والنظام الضريبي.

ومعلوم ان هذه المطالب التي يطالب بها المجتمع الدولي عليها اعتراضات داخلية من قبل "حزب الله" والتيار الوطني الحر ، ف"حزب الله" يعتبر صندوق النقد الدولي اداة بيد الادارة الأميركية وله اعتراضات على خطط الصندوق لناحية رفع الدعم بحجة حماية الطبقات الفقيرة مع ان الدعم اصبح مرفوعا بصورة فعلية والشعب اللبناني بكل طبقاته يعاني من الوضع الحالي ويبدو ان معارضة "حزب الله" لصندوق النقد مرتبطة بالخلاف الاميركي – الايراني حول الملف النووي الايراني لا أكثر ولا أقل ، وهذا ما أفشل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي خلال فترة الحكومة السابقة برئاسة حسان دياب التي عجزت عن تأمين توافق حول ارقام وزارة المالية والمصرف المركزي والمصارف مما وضع المفاوضات في مهب الريح.

واما التيار الوطني الحر فهو يرفض بشدة تشكيل الهيئة الناظمة للكهرباء التي يطالب بها المجتمع الدولي بحجة انها تنتقص من صلاحيات وزير الطاقة وهو يريد وضع يده على وزارة الطاقة بدون حسيب او رقيب كما أكد رئيس لجنة المناقصات القاضي جان علية ، و معلوم للجميع ان 45 في المئة من الدين العام اللبناني الذي يبلغ 100مليار دولار سببه الهدر والفساد في مؤسسة كهرباء لبنان ، لذلك تبدو الانتخابات النيابية القادمة وكأنها استحقاق يحوطه الكثير من العراقيل و المعوقات.

لكن على فرض جرت الانتخابات النيابية وحملت النتائج تغييرا في ميزان القوى السياسية كما حصل في انتخابات 2009 حيث حصل تحالف 14 آذار على 71 مقعدا نيابيا وحصل تحالف 8آذار بقيادة "حزب الله" 57 مقعدا نيابيا من اصل 128 مقعدا في المجلس النيابي يومها خرج السيد حسن نصر الله ليقول لتحالف 14 آذار الفائز بالانتخابات انتم تملكون الاكثرية النيابية ونحن نملك الاكثرية الشعبية ، وقبل اجراء الانتخابات واعلان نتائجها قال : "اذا حصلت انتخابات ولم نفز بأكثرية نحن سنبقى مكاننا ولن يتغير شيء بعكس الأكثرية الحالية" ، وهذا الواقع قد ينصرف على الانتخابات النيابية القادمة ففي حال فازت فيها المعارضة بقواها المختلفة سيبقى "حزب الله" القوة المهيمنة على الدولة اللبنانية بقوة الامر الواقع وسيلجأ الى نفس الممارسات التي قام بها بعد انتخابات 2009 النيابية حيث فرض "الثلث المعطل" على رئيس الحكومة سعد الحريري ، واسقط حكومته في العام 2011 عندما كان يزور واشنطن عبر استقالة وزراء "حزب الله" وحركة أمل والتيار الوطني الحر والوزير عدنان السيد الذي كان وزيرا وديعة في الحكومة لدى "حزب الله" ، وهذا يعني ان الانتخابات النيابية على اهميتها وضرورتها لن تكون قادرة على احداث تغيير في ميزان القوى اللبناني لأن استقرار لبنان مرتبط ارتباط وثيقا بالصراعات الاقليمية والدولية في المنطقة.

بالخلاصة يمكن القول لبنان على موعد مع سنة اضافية من المعاناة التي قد تحمل مزيدا من المآسي للشعب اللبناني الذي اصبح عاجزا عن تأمين قوت يومه.

بسام غنوم