العدد 1551 /22-2-2023
قاسم قصير

يواجه الاسلاميون في لبنان ( حركات وجمعيات وشخصيات فاعلة ) تحديات ومهاما جديدة في ظل المتغيرات والتطورات التي يشهدها لبنان والمنطقة ، وهذا يستدعي اعادة قراءة هذه المتغيرات والبحث عن رؤية مشتركة لمواجهتها ، لأن الاستمرار في غياب العمل المشترك سيؤدي لان يدفع الاسلاميون أثمانا غالية من دورهم ورصيدهم وشعبيتهم .

فلبنان يعاني اليوم من الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية الصعبة ، كما هناك دعوات للفيدرالية والتقسيم والعودة الى لغة الحرب الاهلية ، اضافة الى الموجة الجديدة من الدعوات الى فرض قيم اجتماعية جديدة تتنافى مع القيم الدينية التقليدية.

كما ان المنطقة تشهد تطورات خطيرة ولا سيما بعد الزلزال الذي أصاب سوريا وتركيا والهزات التي اصابت لبنان، وفي ظل الاوضاع الصعبة في فلسطين المحتلة والاعتداءات الاسرائيلية المستمرة على الشعب الفلسطيني وعلى سوريا .

فكيف تنظر الاوساط الاسلامية لكل هذه التطورات في لبنان والمنطقة؟ وهل يمكن ان يتم وضع رؤية مشتركة بين القوى والحركات والجمعيات والشخصيات الاسلامية لمواجهة مختلف التحديات؟

القراءة الاسلامية للتطورات

بداية كيف تنظر الاوساط الاسلامية لمختلف التطورات في لبنان والمنطقة؟

المتابع لمواقف القوى الاسلامية في لبنان خلال الفترة الاخيرة يلحظ وجود تقارب كبير في كيفية مقاربة التطورات في لبنان والمنطقة ، مع استمرار الخلاف بشأن الازمة السورية وكيفية معالجتها وكذلك حول اعادة تقييم مرحلة السنوات العشر الأخيرة .

واما بشأن الاوضاع اللبنانية الداخلية فمعظم القوى والحركات والشخصيات الاسلامية ترفض الدعوة الى الفيدرالية والتقسيم او العودة الى الحرب الاهلية ، وهي تشدّد على ضرورة استكمال تطبيق الطائف واصلاح النظام السياسي والمالي والاقتصادي ، وهي تعتبر ان لا خيار الان سوى بالعودة للطائف وليس هناك ضرورة لعقد مؤتمر تأسيسي جديد او احداث تغييرات جذرية في النظام .

كما تتوافق معظم القوى الاسلامية على رفض اي مشروع لقانون مدني اختياري او الزامي وتواجه باشكال مختلفة الدعوات الى السماح بالجمعيات الداعية الى المثلية او نشر قيم اجتماعية جديدة ، مع بروز بعض الاراء الاسلامية الداعية للدولة المدنية وامكانية القبول بقانون مدني اختياري ، لكن هذه الاراء لا تزال محور نقاش داخلي .

وبشأن المواجهة مع العدو الصهيوني ودعم المقاومة في لبنان وفلسطين فكل القوى الاسلامية تؤكد على هذا الخيار ، طبعا مع اعتراض بعض الهيئات الاسلامية على استعمال السلاخ في الصراعات الداخلية والدعوة لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية الجديدة .

واما حول الانتخابات الرئاسية فحتى الان ليس هناك موقف موحد وان كانت معظم هذه القوى تدعو للحوار والتوافق على شخصية الرئيس الجديد وتشكيل حكومة جديدة وتطبيق الاصلاحات المختلفة.

وقد نشهد بين القوى الاسلامية خلافات او تباينات بشأن الاوضاع في المنطقة والموقف من الدور الايراني او الدور السعودي او صراعات المحاور المختلفة.

اين الرؤية المشتركة؟

على ضوء المعطيات التي تحدثنا عنها حول مواقف القوى والحركات والجمعيات والشخصيات الاسلامية من مختلف القضايا الداخلية والخارجية ، هل هناك امكانية لوضع رؤية مشتركة بين هذه القوى ؟ وهل يمكن للاسلاميين في لبنان ان يعودوا للعمل المشترك كما كان الامر في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي ؟

من خلال قراءة مواقف معظم القوى والحركات الاسلامية في لبنان نلحظ ان النقاط المشتركة تتفوق كثيرا على الاختلافات والتباينات ، كما ان التحديات الكبيرة التي تواجه لبنان والمنطقة ، سواء كانت تحديات سياسية او بسبب الهزات والزلازل الطبيعية ، كل ذلك يفرض على هذه القوى والحركات والجمعيات والشخصيات الاسلامية المبادرة الى تعزيز الحوارات فيما بينها ، سواء على صعيد اللقاءات الثنائية او من خلال عقد المؤتمرات والندوات المشتركة ، او من خلال اقامة ورشة داخلية لتقييم مختلف التطورات والتوافق على رؤية مشتركة وموحدة .

وطبعا لا يعني هذا الكلام تجاوز كل الخلافات او التوصل الى موقف موحد من كل التطورات ، لكن على الاقل العمل بالقواسم المشتركة وتأجيل النقاط الخلافية بانتظار تبلور صورة واضحة عن مختلف التطورات .

فهل يستجيب الاسلاميون في لبنان لنداء الوحدة والتعاون ؟ او ستظل الخلافات تحكم العلاقات فيما بينهم ؟

قاسم قصير