العدد 1488 /24-11-2021

تتواصل الاتصالات واللقاءات بين عدد من القادة الروحيين في لبنان والمؤسسات والهيئات العاملة في مجال الحوار الوطني من أجل تخفيف الاحتقان السياسي والشعبي واعادة التواصل بين الهيئات الروحية بعد انقطاع فترة طويل عن اللقاء والحوار.

وتهدف هذه الاتصالات الى معالجة زيادة منسوب السجالات السياسية والاعلامية والذي برز في الفترة الاخيرة بين القادة الروحيين والقوى السياسية والحزبية، ومن اجل دعم السلم الاهلي والاستقرار الداخلي والعمل لوضع برنامج حقيقي لحوار وطني شامل يعالج مختلف الملفات الداخلية والخارجية بدل الاستمرار بتبادل الاتهامات والسجالات واغراق البلاد في أزمات مختلفة.

فما هي ابرز التحركات والاتصالات التي تجري للتشجيع على عقد حوار وطني شامل وانعقاد القمة الروحية بين مختلف القيادات الدينية؟ وهل يمكن ان تنجح هذه الجهود في تخفيف الاحتقان ودعم السلم الاهلي والاستقرار الداخلي؟

ابرز التحركات والاتصالات

بداية ماهي ابرز الاتصالات والتحركات التي جرت مؤخرا على صعيد مؤسسات الحوار والقيادات الدينية لتخفيف الاحتقان ودعم الحوار والسم الاهلي والاستقرار الداخلي؟

في ظل استمرار السجالات السياسية والاعلامية التي برزت في الفترة الاخيرة بين العديد من القيادات الدينية والسياسية والخوف من عودة اجواء الحرب الاهلية ، بدأت بعض المؤسسات الحوارية والدينية التحرك على اكثر من اتجاه لتخفيف التوترات والدعوة لعقد قمة روحية ومعالجة الاشكالات الحاصلة بين هذه القيادات . ومن ابرز التحركات التي رصدت خلال الاسبوع الماضي قيام وفد موسع من اللقاء التشاوري ( والذي يضم ملتقى الاديان والثقافات للتنمية والحوار الذي يرأسه العلامة السيد علي فضل الله والمنسقية العامة لشبكة السلم الاهلي برئاسة المحامي عمر زين ) بزيارة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي ابي المنى وذلك لتهنئته بمنصبه الجديد وعرض الاوضاع العامة في البلاد وتقديم بعض الاقتراحات من اجل معالجة اجواء التشنج وتخفيف الاحتقان الداخلي ، وقد ابدى الشيخ ابي المنى ترحيبه بهذه الجهود ، وكشف خلال اللقاء انه يجري وسيجري لقاءات عديدة مع مختلف القيادات الدينية للبحث في كيفية معالجة اجواء التشنج .

وكان الشيخ ابي المنى قد استقبل البطريرك الماروني مار بشارة الراعي وبحث معه الحاجة لعقد قمة روجية لبحث كل الاوضاع في البلاد، ومن ثم قام ابي المنى بزيارة كلا من دار الفتوى والمجلس الاسلامي الشيعي حيث بحث مع المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان ونائب رئيس المجلس الشيخ علي الخطيب كيفية تعزيز الحوار الداخلي وتخفيف التوترات الداخلية.

والى جانب تحرك شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز واللقاء التشاوري لملتقى الاديان والمنسقية العامة للسلم الاهلي ، تنشط عدة مؤسسات ومجموعة للعمل لتشجيع الحوار ومعالجة المشكلات ومنها مجموعة حل النزاعات ( والتي تأسست مؤخرا من شخصيات متنوعة ) ، ومجموعة وحدتنا خلاصنا والتي تضم عشرات الجمعيات الاهلية ومنتدى التنمية والثقافة والحوار والذي يرأسه القس الدكتور رياض جرجور ، وحركة السلام الدائم برئاسة فادي ابي علام ومركز تموز للتكوين على المواطنة برئاسة الدكتور ادونيس عكرة والمجمع الثقافي الجعفري برئاسة العلامة الشيخ محمد حسين الحاج ونادي الشرق لحوار الحضارات ، وجمعية جسور للحوار باشراف مستشار رئيس الجمهورية الاستاذ ناجي خوري ، ومؤسسة اديان ومنتدى المسؤولية الاجتماعية ، اضافة لمؤسسات اخرى متنوعة في مختلف المناطق اللبناني.

نتائج التحركات والحاجة لمؤتمر وطني

لكن ماهي ابرز النتائج لهذه التحركات الحوارية؟ وهل يمكن ان تنجح في اعادة الروح للقمة الروحية؟ وكيف يمكن ان تعالج الازمات الداخلية اليوم ؟

الجهود التي تبذل في اكثر من اتجاه تهدف لتحقيق عدة اهداف ومنها :

اولا : تخفيف التوترات والسجالات الاعلامية سواء بين القادة السياسيين او الدينيين والتوقف عن التراشق الاعلامي والذهاب الى عقد حوارات مباشرة لمناقشة مختلف الموضوعات الساخنة.

ثانيا : التأكيد على حماية السلم الاهلي والاستقرار الداخلي ومواجهة التوترات الامنية المتنقلة في المناطق اللبنانية ودعم القوى العسكرية والاجهزة الامنية ومؤسسات الدولة من اجل القيام بواجباتها ومنع الانجرار الى اية حرب اهلية مجددا.

ثالثا : السعي لعقد قمة روحية تجمع القادة الدينيين لبحث مختلف الموضوعات السجالية والعمل لاصدار بيان مشترك يدعم مؤسسات الدولة ويرفض الانجرار للصراعات الامنية ويؤكد على حماية السلم الاهلي.

رابعا : اعادة نشر ثقافة الحوار وحل النزاعات ورفض العنف وودعم السلم الاهلي والاستقرار في مختلف المناطق اللبنانية والتأكيد على معالجة الخلافات والتباينات عبر الحوار وليس السجالات المتبادلة.

خامسا : الوصول الى عقد مؤتمر وطني شامل للحوار حول مختلف القضايا الاشكالية واعادة بناء الدولة على اسس مدنية انطلاقا من اتفاق الطائف مع العمل لبحث كافة المتغيرات الحاصلة داخليا وخارجيا وتطوير النظام نحو الافضل وصولا لقيام دولة مدنية بعيدا عن الطائفية والزبائنية وبناء الدولة القوية المستقلة.

هذه هي ابرز الاهداف التي يتم العمل لتحقيقها من قبل المؤسسات الحوارية اليوم من خلال التحركات المختلفة، وهي تتلاقى مع الجهود الداخلية والعربية والاقليمية والدولية لحماية السلم الاهلي والاستقرار الداخلي ومنع الانهيار والقيام بالاصلاح الشامل والحقيقي,

فهل ستنجح هذه الجهود في تحقيق بعض اهدافها ؟ ام ان الصراعات والسجالات والازمات السياسية والاوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة ستجر البلاد الى حروب جديدة لا يمكن السيطرة عليها مستقبلا؟

قاسم قصير