العدد 1431 / 7-10-2020
بسام غنوم

دخلت المشاورات من أجل تشكيل حكومة جديدة في مرحلة الجمود القاتل في ظل تمسك كل طرف بمواقفه المعلنة من الطرف الآخر، واصبحت المبادرة الفرنسية التي اطلقها الرئيس ماكرون في خبر كان، بعد الردود السلبية على مواقفه التي اطلقها خلال المؤتمر الصحافي الأخير في قصر الإليزيه الذي حمّل فيها الثنائي الشيعي المسؤولية الأولى عن فشل مهمة تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الرئيس المكلف مصطفى أديب، وهو ما أدى الى إعلانه عن الاعتذار في الاستمرار في مهمته.

ورغم أن فشل مهمة أديب واعلان الرئيس ماكرون مواقف متشددة من الطبقة السياسية اللبنانية ولا سيما الثنائي الشيعي كان لازماً أن يحرك الجهود لتشكيل حكومة جديدة تنقذ لبنان من جحيم الهاوية التي يسقط فيها إلا أن كل ذلك اعطى نتائج عكسية على ما يبدو، فالثنائي الشيعي اعتبر ان الرئيس ماكرون بمواقفه التي اطلقها في المؤتمر الصحفي في قصر الإليزيه "ادخل نفسه في مكان لا تريد لفرنسا ولا لرئيسها ان يدخل فيه، هو تفاصيل عملية تشكيل الحكومة التي تخضع الى اعراف وتوازنات داخلية" كما قال المعاون السياسي للرئيس بري علي حسن خليل، ومصادر الثنائي الشيعي تؤكد ان " المراوحة سيدة الموقف والمبادرة الفرنسية مجمدة والأطراف الداخلية لم تقدم أي مبادرة لأنها محكومة بالفشل في ظل الشروط التي يفرضها نادي رؤساء الحكومة السابقين"، ويبدو ان الثنائي الشيعي مصرا على إشاعة اجواء سلبية جداً عن كل ما له صلة بعملية تشكيل الحكومة الجديدة، حتى انه رد على المصادر الرئاسية في بعبدا التي تحدثت عن اجواء ايجابية يمكن ان تساهم في حلحلة المشكل الحكومي، وان الرئيسين عون وبري اتفقا على تفاصيل حركة المشاورات المرتقبة للرئيس عون مع القوى السياسية والكتل النيابية بالقول على لسان النائب علي حسن خليل:" أن الرئيسين عون وبري تحدثا عن تشكيل الحكومة بالعموميات، وليس بالتفاصيل".

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل انتظار نتائج الانتخابات الأميركية للسماح بتشكيل حكومة جديدة هو لمصلحة لبنان واللبنانيين؟

أكد فشل مبادرة الرئيس ماكرون لحل الأزمة اللبنانية وتشكيل حكومة مهمة لإنقاذ الوضع الاقتصادي في لبنان أن الاطراف السياسية الممسكة بالقرار السياسي في البلد ولا سيما الثنائي الشيعي تراهن وترهن لبنان انتظارا لنتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية في الثالث من شهر تشرين الثاني القادم، وأن هذا الفريق يربط حل أزمات لبنان السياسية والاقتصادية بنتائج الانتخابات الأميركية التي يمكن أن تحمل تغييراً قد يكون لمصلحة قيام حوار أميركي – إيراني في المنطقة، لكن فات هذا الفريق أن الوضع اللبناني اصبح لا يحتمل التأجيل حتى صدور نتائج الإنتخابات الأميركية، فالوضع الاقتصادي دخل مرحلة الانهيار الشامل، واللبنانيون يعيشون تحت ضغوط اقتصادية كبيرة، ومع الحديث عن رفع الدعم عن المواد الاساسية من قبل مصرف لبنان خلال فترة شهر على ابعد تقدير قد يدخل لبنان في الفوضى الشاملة كما قال احد المسؤولين في الدولة، خصوصاً إذا توقف مصرف لبنان عن دعم المحروقات والقمح والدواء، وهو ما قد يؤدي الى ثورة شعبية تشمل كل الطوائف والمناطق على حد سواء.

وهناك نقطة أخرى ، هي انه في حال فاز المرشح الديموقراطي جو بايدن في الانتخابات الأميركية (وهذا هو المرجح حتى الآن في استطلاعات الرأي) فإنه لن يستلم السلطة قبل 20 كانون الثاني 2021 وسيكون امامه ملفات كثيرة لن يكون لبنان بالتأكيد ابرزها، وهذا يعني استمراراً في الجمود السياسي في لبنان وانهيار اقتصادي شامل وفوضى شاملة على كل المستويات وخصوصاً على مستوى إدارة الدولة، لأن حكومة تصريف الاعمال برئاسة حسان دياب وفي ظل الظروف الحالية غائبة بالكامل عن كل ما يجري في البلد، فكيف هي الحال إذا امتدت الأمور الى حين تسلم الإدارة الأميركية السلطة في السنة الجديدة؟

بإختصار، لبنان ينهار، والقوى السياسية الممسكة بالقرار السياسي والأمني بالبلد تتفرج على دمار لبنان واللبنانيين، فهل هناك أمل بإنتفاضة شعبية تعيد تصويب الأمور؟