العدد 1481 /6-10-2021

بدأت القوات اللبنانية الاستعداد للانتخابات النيابية المقبلة وهي تتوقع ان تؤدي هذه الانتخابات الى زيادة دورها السياسي والشعبي وكتلتها النيابية، وكانت القوات من اوائل القوى السياسية والحزبية التي دعت الى اجراء انتخابات نيابية مبكرة بعد ان استقال وزراؤها من حكومة الرئيس سعد الحريري ، وذلك بعد انفجار التحركات الشعبية في 17 تشرين الاول من العام 2019.

لكن هل لا تزال القوات اللبنانية اليوم قادرة على تحقيق أهدافها بتفعيل دورها وموقعها السياسي بعد سلسلة الضربات القاسية التي تلقتها مؤخرا ؟ وما هو المشروع السياسي الذي ستطرحه القوات في الانتخابات النيابية المقبلة كي تكون قادرة على مواجهة التيار الوطني الحر وحلفائه؟ وما هي التحالفات السياسية والحزبية التي ستعتمدها واين هو موقعها من مجموعات المجتمع الدني وقوى التغيير؟

القوات اللبنانية بين 2018 و2021

بداية كيف كانت مسيرة القوات اللبنانيةالسياسية والشعبية والنيابية من العام 2018 وحتى اليوم ؟ وما الذي تغير في اداء القوات واوضاعها؟

في العام 2018 نجحت القوات اللبنانية في الحصول على كتلة نيابية وازنة وصلت الى حوالي 15 نائبا ، وان كان العدد تراجع لاحقا بسبب بعض الانسحابات ، وحققت القوات هذه النتيجة الهامة مستفيدة من طبيعة القانون الجديد القائم على النسبية والصوت التفضيلي والدوائر المتوسطة ، كما كان للامينة العامة السابقة في القوات الاستاذة شانتال سركيس دورا مهما في ادارة المعركة الانتخابية وادارة التحالفات كونها تمتلك خبرة مهمة في هذا المجال ، ويضاف لذلك التحالفات السياسية والشعبية التي نسجتها القوات مع تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي وشخصيات فاعلة في مختلف الاقضية.

وكان يفترض ان يؤدي ذلك الى زيادة وفعالية دور القوات على الصعد السياسية والشعبية وداخل الحكومة ، وقد اصبخ لها ثلاثة وزراء في حكومة الرئيس سعد الحريري التي تشكلت بعد انتخابات العام 2018 ، لكن التطورات المتتالية منعت القوات من تجيير كل هذه النجاحات على صعيد دورها وموقعها ، فالخلافات مع التيار الوطني الحر ومن ثم مع تيار المستقبل ، وبعد اندلاع الحراك الشعبي وسعيها لتجيير هذا الحراك لصالحها ، كل ذلك انعكس سلبا على وضع القوات ودورها رغم تحولها الى صفوف المعارضة ، لكنها فشلت في الدفع لاستقالة مجلس النواب واجراء انتخابات نيابية مبكرة ، كما ان ادائها خلال الحراك الشعبي ومساهمة عناصرها في قطع الطرقات واحداث مشاكل مع الناس وبعض القوى الاخرى انعكس سلبا على صورتها .

كما حاولت القوات اللبنانية لاحقا الاستفادة من تداعيات انفجار مرفأ بيروت والعمل لتبني هذه القضية ، لكن ذلك لم يحقق أي هدف لها ، وجاءت الاوضاع الاقتصادية الصعبة وانكشاف دور احد قياديي القوات وهو ابراهيم الصقر وشقيقه مارون الصقر في تخزين المازوت والبنزين ومن ثم في قضية نيترات الامونيوم في البقاع لتنعكس سلبا على دور القوات وشعبيتها ، مما قد يؤدي لاضعاف دورها وموقعها في الانتخابات النيابية المقبلة رغم انها تحاول طرح شعارات حادة من اجل الحصول على دعم الناخبين المسيحيين في مواجهة التيار الوطني الحر والقوى الاخرى.

التحالفات والمشروع المستقبلي ؟

لكن ماهي طبيعة التحالفات التي ستلتزم بها القوات اللبنانية في الانتخابات المقبلة؟ وما هي علاقتها بقوى المعارضة ومجموعات المجتمع المدني؟ واي مشروع سياسي مستقبلي ستطرحه؟ .

حتى الان من غير الواضح ما هي طبيعة التحالفات السياسية والشعبية التي ستخوض على اساسها القوات اللبنانية الانتخابات النيابية المقبلة ، لا سيما في ظل استمرار الخلافات مع تيار المستقبل وعدم وضوح الصورة في العلاقة مع الحزب التقدمي الاشتراكي وفي ظل التنافس القوي مع التيار الوطني الحر وحزب الكتائب ومختلف القوى المسيحية الأخرى.

واما على صعيد العلاقة مع القوى التغييرية ومجموعات الحراك المدني فالصورة ملتبسة، ففي حين ان بعض الاوساط الاعلامية تنشر معلومات عن احتمال حصول تحالف بين القوات وهذه المجموعات ، وان منصة مجموعة نحو الوطن لها علاقة قوية مع القوات ، فان هذه المجموعة تنفي مطلقا صحة هذه المعلومات ، وتؤكد المسؤولة الحالية في المجموعة شانتال سركيس انها رغم كونها كانت سابقا مسؤولة في القوات فانها قد قدمت استقالتها منها وهي على خلاف معها ، وعلى ضوء كل ذلك ليس هناك معطيات حاسمة حول تحالفات القوات السياسية والشعبية مما قد يجعلها تخوض الانتخابات وحيدة وبالتحالف مع شخصيات مستقلة في مختلف المناطق ، وهذا قد ينعكس سلبا على دورها وموقعها وكتلتها النيابية المقبلة.

لكن ماذا عن المشروع السياسي المقبل للقوات ؟ معظم الشعارات التي طرحتها القوات سابقا لم تتحقق ، وهي تحاول اليوم رفع شعار مكافحة الفساد والدعوة للثورة الشعبية في كافة البيئات السياسية، كما انها احيانا تستعيد خطاب الدفاع عن حقوق المسيحيين ومواجهة حزب الله ومنافسة التيار الوطني الحر من خلال رفع خطاب استفزازي ضد القوى الاخرى ، كل ذلك سيضع القوات امام مأزق سياسي وشعبي مما قد ينعكس سلبا على دورها المستقبلي .

وبانتظار وضوح صورة المشروع السياسي وتحالفات القوات المستقبلية، فان مهمة القوات المقبلة لن تكون سهلة والحفاظ على كتلتها النيابية الحالية سيتطلب معركة سياسية وشعبية وانتخابية كبرى .

فهل ستنجح القوات في هذه المعركة ام ستتحقق توقعات بعض المصادر الدبلوماسية العربية في بيروت بتراجع دور القوات في مختلف المجالات؟

قاسم قصير