العدد 1482 /13-10-2021

خرجت يوم الأحد مظاهرة وسط العاصمة التونسية للمطالبة باستعادة المسار الديمقراطي. وفي حين استبق الرئيس قيس سعيّد الاحتجاجات الجديدة بالهجوم على معارضيه، رُفعت الإقامة الجبرية عن مسؤولين سابقين.

فقد احتشد الآلاف أمام المسرح البلدي في شارع الحبيب بورقيبة وسط انتشار كثيف لقوات الأمن التي أغلقت بعض الشوارع الجانبية، ومنعت تقدم المحتجين على طول الشارع الرئيسي.

ووقعت مشادات بين قوات الأمن وبعض المتظاهرين جراء تدافع محدود لكسر الحواجز الحديدية التي وُضعت على المداخل الرئيسية لشارع الحبيب بورقيبة.

وأكدت حملة "مواطنون ضد الانقلاب" -الداعية للتحركات الاحتجاجية- تحويل قوات الأمن التونسية اتجاه المسيرة المقررة بشارع محمد الخامس إلى شارع الحبيب بورقيبة.

وقال عضو الحملة جوهر بن مبارك إن قوات الأمن التونسية منعت عددا من المتظاهرين من الدخول إلى شارع الحبيب بورقيبة والالتحاق بالمظاهرات.

وتضم حملة "مواطنون ضد الانقلاب" نشطاء حقوقيين وشخصيات سياسية من بينهم الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي.

وقال مدير مكتب الجزيرة في تونس لطفي حجي إن مظاهرة اليوم أضخم من المسيرتين السابقتين اللتين نظمهما معارضون لقرارات سعيد.

وأشار إلى أن سقف المطالب يرتفع من مظاهرة إلى أخرى، مع تمسك المتظاهرين بحقهم في التظاهر وما يعتبرونه الشرعية في نظرهم.

وذكر أيضا أنه بالتوازي مع مظاهرات معارضة وأخرى مؤيدة لقرارات سعيد، هناك مطالبات تدعو إلى التعقل وعدم الاحتكام إلى الشارع، خاصة مع سعي كل طرف لحشد الشارع في صفه، كما دعا سياسيون ومراقبون سعيد للحوار وأن يكون رئيسا لكل التونسيين.

شعارات المحتجين

ورفع المحتجون -الذين تجمعوا قبل ساعة من موعد انطلاق التحركات- شعارات مناهضة للرئيس تطالب بإسقاط ما وصفوه بالانقلاب على الشرعية الدستورية، وتطالب بالحفاظ على الدستور، معبرين عن رفضهم لاستمرار العمل بالتدابير الاستثنائية التي أعلنها سعيّد منذ أكثر من شهرين.

وكتب على بعض اللافتات "دستور، حرية، كرامة وطنية"، و"ارحل يا سعيد"، و"ارحلي فرنسا"، كما ردد المحتجون هتافات تطالب بإطلاق سراح النشطاء والصحفيين المحتجزين عقب القرارات الاستثنائية.

وقال مدير مكتب الجزيرة في تونس لطفي حجي إن المتظاهرين المناوئين للرئيس التونسي يتهمون قوات الأمن بالتضييق عليهم. وأضاف حجي أن الشعارات التي رفعت خلال المظاهرة وصلت حد المطالبة بعزل الرئيس، مشيرا إلى أن المحتجين يصعّدون مواقفهم من أسبوع إلى آخر.

من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية التونسية خالد الحيوني إن قوات الأمن تتعامل مع كل المتظاهرين بحياد تام.

وكان حراك "مواطنون ضد الانقلاب" قد نظم في 18 و26 سبتمبر/أيلول الماضي مظاهرتين ضد إجراءات الرئيس التونسي، وقبل أسبوع تظاهر بضعة آلاف من مؤيدي الرئيس التونسي في العاصمة ومدن أخرى دعما لقراراته.

ويوم السبت، نظم حزب العمال التونسي وقفة احتجاجية في العاصمة رفضا للإجراءات الاستثنائية التي أعلنها الرئيس قيس سعيّد في 25 يوليو/تموز الماضي.

اتهامات للمعارضين

من جهته، انتقد الرئيس التونسي معارضيه الذين دعوا إلى المظاهرة اليوم ضد الإجراءات الاستثنائية التي كان قد اتخذها في 25 يوليو/تموز الماضي، وشملت حل الحكومة وتعليق البرلمان، متهما هؤلاء بأنهم يدفعون أموالا لمن سيشاركون في المظاهرات.

وخلال لقائه مساء السبت وزير الداخلية بالوكالة رضا غرسلاوي، ندد سعيّد بمن قال إنهم يتآمرون على تونس من أجل تصفية الحسابات مع رئيسها.

وأشار في هذا الإطار إلى المظاهرة التي قادها الرئيس السابق منصف المرزوقي أمس في باريس ضد قرارات سعيّد، معتبرا أنه تمت الدعوة خلالها إلى إفشال القمة الفرنكفونية المرتقبة بتونس واستدعاء التدخل الأجنبي في شؤون البلاد.

كما قال سعيّد إن أطرافا داخلية طلبت من دول أجنبية التدخل في شؤون بلاده، مضيفا أن سيادة الدولة ليست معروضة في المزاد، وأن على الأطراف الدولية المانحة أن تحترم سيادتها.

وخلال اللقاء نفسه، ذكر الرئيس التونسي قيس سعيّد أن موعد الانتخابات المقبلة سيتم الكشف عنه بعد إجراء مشاورات بشأنها، مشيرا إلى أن الحكومة الجديدة التي كلف نجلاء بودن (63 عاما) بتشكيلها سترى النور خلال الساعات المقبلة.

وأكد حرصه على حفظ الحقوق والحريات، وقال إن إحالة بعض القضايا إلى المحكمة العسكرية جاء وفق القانون وليس خارجه، على أن "عهد سيطرة اللوبيات" على الدولة انتهى، وفق وصفه.

وكان سعيّد أصدر في 22 سبتمبر/أيلول الماضي المرسوم 117 الذي بات بموجبه متحكما في كل السلطات التنفيذية والتشريعية، وهو ما اعتبرته قوى سياسية عدة تعليقا فعليا للدستور.

وزير الاتصالات التونسي السابق أنور معروفأنور معروف كان من بين 70 شخصا فرضت عليهم الإقامة الجبرية عقب القرارات الاستثنائية للرئيس التونسي (مواقع التواصل)

إلغاء الإقامة الجبرية

وبالتزامن مع مظاهرات اليوم بالعاصمة، ألغت السلطات الإقامة الجبرية عن مسؤولين وبرلمانيين حاليين وسابقين، بعدما فرضت عليهم ضمن إجراءات سعيّد الاستثنائية.

وقال النائب السابق بالبرلمان زهير مخلوف -في حديث لوكالة الأناضول- إنه تم إعلامه اليوم برفع الإقامة الجبرية عنه، منذ فرضت عليه في 16 أغسطس/آب الماضي.

وأضاف أن 11 شخصية كانت مشمولة بقرار الإقامة الجبرية تم رفعها عنهم اليوم، مشيرا إلى أن ذلك جاء نتيجة ضغط حقوقي دولي.

بدوره، أفاد الرئيس السابق لهيئة مكافحة الفساد شوقي الطبيب -في تدوينة عبر فيسبوك- أنه أخبر بإلغاء قرار وضعه تحت الإقامة الجبرية.

كما أعلن القيادي بحركة النهضة والوزير السابق أنور معروف -عبر تدوينة على فيسبوك- إلغاء قرار وضعه تحت الإقامة الجبرية.

يُذكر أن وزارة الداخلية وضعت نحو 70 شخصية تحت الإقامة الجبرية منذ إعلان الرئيس إجراءاته الاستثنائية قبل أكثر من شهرين.