العدد 1506 /30-3-2022

قال مصدر دبلوماسي مصري في وزارة الخارجية، إن "حالة الحراك التي تشهدها المنطقة، والقمم الأخيرة التي عقدت فيها أخيراً، هي حالة تستهدف إعادة رسم الخريطة على ضوء المتغيرات الإقليمية الحاصلة"، كاشفاً أن "التحركات الأخيرة ليست في مجملها تلقى قبولاً مصرياً".

وبدأ الحراك الأخير بلقاء ثلاثي عُقد في شرم الشيخ الأسبوع الماضي، وضمّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت. وتبعت ذلك قمّة أخرى في مدينة العقبة الأردنية، ضمّت العاهل الأردني عبد الله الثاني، والسيسي، وبن زايد، ورئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي. كذلك جمع لقاء أول من أمس الإثنين، وزراء خارجية مصر والبحرين والإمارات والمغرب، سامح شكري وعبد اللطيف الزياني وعبد الله بن زايد آل نهيان وناصر بوريطة، مع نظيريهما الإسرائيلي يئير لبيد والأميركي أنتوني بلينكن، في النقب.

مصر لا ترغب بصدام مع إيران

وأكد المصدر أن القاهرة "اضطرت للتجاوب مع بعض تلك الدعوات تحت وطأة الأزمة الاقتصادية الراهنة التي تمر بها". وأوضح أن مصر "تدرك جيّداً أنها ليست معنية بالدخول في صدام مع إيران، من شأنه أن يخرجها من دائرة سياسة الحياد التي ترغب في تبنيها، في إطار رغبتها في الوصول إلى سياسة بلا أزمات، كي لا تتحمل تبعات وأعباء من شأنها مزيد من التداعيات السلبية اقتصادياً".

وقال المصدر إن "ثمة سبباً آخر جعل مصر غير مرحبة بدرجة كبيرة بالتحركات الأخيرة، التي سيقت إليها، هو عدم تقديم الأطراف التي تدفعها للمشاركة، وهي الإمارات وبدرجة أقل السعودية، القدر الكافي والمناسب من الدعم الاقتصادي في الأزمة الأخيرة التي تمر بها، مع اشتراط أي ضخ اقتصادي لمصر خلال الفترة المقبلة باستحواذات لصالح الصناديق الاستثمارية الحكومية في الخليج".

وأشار المصدر إلى أن إسرائيل "لم تقدّم للقاهرة أي شيء يُذكر بشأن أزمة سد النهضة"، مؤكداً أن مصر "وجدت نفسها في التحركات الأخيرة مدعوة للدخول في صدام مع إيران بشكل مجاني".

وأكد المصدر أن مصر "رفضت الدخول في أي تحالفات عسكرية"، مشيراً إلى أن "كافة المباحثات التي شهدتها المنطقة خلال القمم الثلاث الأخيرة، انتهت بإبداء القاهرة إمكانية التنسيق المعلوماتي والاستخباري فقط، بخلاف أدوارها التاريخية في ملفات المنطقة وعلى رأسها الملف الفلسطيني الذي يعد حجر الزاوية". وشدد المصدر على أن القاهرة "تدرك جيداً أن ما لديها من علاقة خلفية مع طهران، عامل ضمان بالنسبة لها، في مواجهة سياسات خليجية باتت تتعامل مع مصر كونها فرصة اقتصادية يمكن السيطرة عليها فقط".

حلف أمني لمحاصرة إيران

مقابل ذلك، قال مصدر دبلوماسي غربي في القاهرة إن "اللقاءات والتحركات الأخيرة، هدفها تشكيل حلف أمني لمحاصرة المد الإيراني في المنطقة، وقدرة إيران على تهديد دول الخليج، مع اقتراب التوقيع على الاتفاق النووي الإيراني". وبحسب المصدر، فإن هناك مشروعاً واضحاً، وليس مجرد الحديث عن حلف شكلي، أو تحالف سياسات فقط، لافتاً إلى أن المشروع "يتضمن بنوداً أمنية وعسكرية في عدد من النقاط الجغرافية العربية".

وأشار المصدر إلى أن إسرائيل "تسعى لبناء منظومة دفاع جوي، في إطار هذا الحلف، لمواجهة منظومتي الطائرات المسيّرة الإيرانية، والصواريخ البالستية، بعدما تمسكت إيران بعدم تضمين الاتفاق النووي أي بنود لتقييدها". وكشف المصدر عن أن "الخطة التي تقودها وتسوقها كل من إسرائيل والإمارات، تستهدف أيضاً زرع نقاط ومكاتب تنسيق استخباري في عدد من الدول العربية".

وبحسب مصدر دبلوماسي مصري آخر، فقد رفضت القاهرة المشاركة في أي تنسيق عسكري توجد فيه إسرائيل، مؤكداً أن المشاركة في المناقشات جاءت بسبب ربط كل من السعودية والإمارات استثماراتها في مصر، بالجزء المتعلق بالتنسيق الأمني.

وكشف المصدر أن القاهرة "كانت رافضة منذ البداية لحضور قمة النقب" الإثنين، لافتاً إلى أن ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد وجه الدعوة إلى مصر خلال قمة شرم الشيخ، إلا أن السيسي لم يرد عليها وقتها وطلب مهلة للدراسة، وبعدها فوجئت القاهرة بضغوط كبيرة عليها من جانب الإدارة الأميركية للذهاب.

كما كشف المصدر عن أن القاهرة وجدت في زيارة نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إليها، فرصة مناسبة في هذا التوقيت لإحداث نوع من التوازن، قائلاً إن "الاتصالات بشأن الزيارة كانت قائمة منذ فترة، ولكن لم يحدد موعدها، وعلى الفور اقترحت دوائر دبلوماسية ترتيب الزيارة في هذا التوقيت لنقل رسائل موازية لتلك التي خرجت عن القمم الثلاث".

وكشف المصدر عن أن وزير الخارجية سامح شكري بعث برسالة شديدة الوضوح لإيران، بقوله إن القاهرة غير راغبة في الدخول في صدام معها، لكنها ترغب في الحفاظ على الأمن الخليجي من منظور المصالح المصرية، كما أن القاهرة كانت حريصة على نقل رسائل لإيران عبر قنوات خاصة، لتأكيد عدم رغبتها في الدخول في أحلاف عسكرية.