العدد 1455 /31-3-2021

محمد الأحمد

دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، يوم الثلاثاء، إلى العمل على تنفيذ القرار الأممي "2254" لصياغة دستور جديد لسورية، من أجل السماح بإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف أممي، محذراً من انجراف الوضع في سورية نحو حل "لا حرب ولا سلام".

جاء ذلك ضمن إحاطته التي قدمها في جلسة "الجمعية العامة للأمم المتحدة" المنعقدة بالمقر الدائم للمنظمة الدولية في نيويورك، حول الوضع في سورية.

وأشار غويترس إلى أن المبعوث الخاص إلى سورية، غير بيدرسن، عقد حتى الآن خمس جلسات للجنة الدستورية، وأشار إلى أن نتائج عمل اللجنة الدستورية أقل من توقعاته، ولم ترق إلى مستوى توقعات الشعب السوري، مضيفاً: "يجب أن تكون الدورة السادسة مختلفة عما حدث من قبل بأهداف واضحة وأساليب عمل موثوقة، وذلك من خلال بناء الثقة وفتح الباب نحو عملية سياسية أوسع". كما أثنى على حالة الهدوء النسبي الذي شهدته سورية هذا العام، منذ ترتيبات وقف إطلاق النار المتفق عليها بين ضامني أستانة، تركيا وروسيا، في الخامس من مارس/ آذار العام الماضي. وفق وكالة الأناضول التركية.

وأكد الأمين العام أن الأمم المتحدة أرسلت بمعدل ألف شاحنة مساعدات شهرياً إلى إدلب العام الماضي عبر الحدود التركية، موضحاً أنه استفاد منها 2.4 مليون شخص كل شهر على مدار العام، وحذر مرة أخرى من إخفاق مجلس الأمن في تجديد آلية إيصال المساعدات العابرة للحدود في يوليو/ تموز المقبل، مُشيراً إلى أن ذلك سيقضي على خطط توزيع لقاحات كورونا في سورية، وسيتوقف تسليم الغذاء والمساعدات الإنسانية الأخرى.

من جهة أخرى، قال نائب وزير الخارجية التركي سادات أونال، عبر رسالة فيديو مسجلة خلال مشاركته في مؤتمر بروكسل (الخامس) للمانحين الدوليين بشأن "دعم مستقبل سورية والمنطقة"، إن المجتمع الدولي تقع على عاتقه مسؤولية مشتركة، للسعي من أجل إنهاء مأساة السوريين، ولفت إلى أن "المأساة السورية التي أكملت عامها العاشر، تعتبر واحدة من أكبر المآسي الإنسانية عبر التاريخ"، وأكد أنه قُتل خلالها مئات الآلاف من السوريين، وأُجبر أكثر من نصف الشعب السوري على ترك ديارهم.

وأشار أونال إلى أن الشعب السوري يعيش آلاما كبيرة منذ فترة طويلة، وأنه غير قادر على تحمل هذه المعاناة لعشرة أعوام أخرى، مضيفا أن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية مشتركة للعمل على تخفيف معاناة الشعب السوري، موضحاً أن هذا الأمر "يتطلب جهوداً متضافرة ومتعددة الأبعاد لا تلبي احتياجات السوريين الملحة على أرض الواقع فحسب، إنما السعي لمعالجة جذور المشكلة في سورية أيضاً".

وأكد نائب وزير الخارجية أن "السبيل الوحيد لإنهاء معاناة السوريين هو التوصل إلى حل سياسي دائم بموجب القرار الأممي رقم 2254"، مضيفاً أن "تركيا تعمل على توفير الاحتياجات الأساسية لنحو 9 ملايين سوري، بينهم 3.7 ملايين لاجئ داخل تركيا، إلى جانب النازحين في شمال سورية"، داعيا المجتمع الدولي للتضامن وتقاسم أعباء اللاجئين مع الدول المجاورة لسورية.

وتعليقاً على ذلك، قال يحيى العريضي المتحدث باسم "هيئة التفاوض السورية المعارضة" إن الهيئة "تنظر إلى مؤتمر بروكسل بجدية بحكم أنه يقدم المساعدة للكثيرين ممن يحتاجونها"، وأشار إلى وجود إشكاليات في هذا السياق، "وكأن هذه المؤتمرات لإدارة الكارثة، وليس للولوج الفعلي في جوهر القضية السورية".

وأضاف العريضي، لـ"العربي الجديد": "لو حدث ذلك، أي أن تلك القوى التي تقدم مساعدات على مدار هذه السنوات بالمليارات دخلت فعلياً في جوهر القضية السورية، لوفرت على نفسها المليارات، ووفرت على السوريين الدم والإذلال والعوز والتشرد"، مشدداً على أن "الشعب السوري شعب نبيل لا يريد أن يكون باستضافة هذه الدولة أو تلك ولا يعشق المخيمات ولا سلال الأغذية".

وأوضح المتحدث باسم هيئة التفاوض أنه "في الوقت الذي تلتفت إليه الكثير من الدول لإنقاذ السوريين معيشياً، تقصف طائرات المحتل الروسي في منطقة خفض التصعيد الرابعة (إدلب وما حولها)، وتستخدم روسيا الفيتو لإغلاق قنوات المساعدة"، ولفت إلى أن "روسيا تريد حصر هذه المساعدات بأداتها في دمشق نظام الاستبداد، الذي حتى الآن يستهلك 70% من تلك المساعدات، التي شوهدت بأيدي عناصره، بالإضافة لتحكمه بالقائمين عليها من الأمم المتحدة".

وأشار العريضي إلى أن "تقاعس المجتمع الدولي في إنهاء الأزمة السورية بسبب تضارب المصالح"، مردفًا بأن "كل الدول تريد أن تصفي حساباتها في الساحة السورية، وتحل عقدها ومشاكلها فيها، وتتمترس عند تفصيل حل بمقاسها ومقاس مصالحها ومقاس منظومة الاستبداد، بالإضافة للفيتو الروسي وأخذ موسكو مجلس الأمن كرهينة، وإسرائيل التي انسجمت تماماً مع نظام (أحكم البلد أو أدمرها)".

وحول تصريحات وزير الخارجية السعودي، ونائب وزير الخارجية التركي، والأمين العام للأمم المتحدة، اليوم الثلاثاء في مؤتمر بروكسل للمانحين، طالب العريضي بترجمة فعلية على صعيد واقعي لتلك التصريحات، واصفاً ذلك بعبارة "السوريين يريدون طحيناً".

وكان وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن قد جدد اليوم، في تغريدة له على حسابه الشخصي في "تويتر"، تأكيده وقوف الولايات المتحدة الأميركية إلى جانب الشعب السوري، والمجتمع الدولي لإيقاف إطلاق النار في سورية، ووصول المساعدات الإنسانية إلى السوريين المحتاجين، وأكد أن الولايات المتحدة أكبر مانح إنساني منفرد للشعب السوري، مضيفاً: " نحن نقدم 596 مليون دولار أميركي كمساعدات إضافية منقذة للحياة للمحتاجين في سورية، وفي جميع أنحاء المنطقة بينما نقدم الدعم للأمم المتحدة للجهود المبذولة لإنهاء الأزمة السورية".