العدد 1520 /20-7-2022

بقلم: صابر غل عنبري

في لقاءٍ مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قبيل قمة زعماء الدول الضامنة لمسار أستانة حول سورية، وجّه المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، رسائل متعددة تحت عنوان معارضة بلاده أي هجوم عسكري تركي على شمال سورية، منتقداً السياسات التركية في سورية وعلاقاتها مع إسرائيل، فضلاً عن دعوة أنقرة إلى الحوار بشأن أوضاع سورية بمشاركة دمشق، والتأكيد على ضرورة تعزيز التعاون بين البلدين في المنطقة.

وأكد خامنئي، وفق الموقع الإعلامي لمكتبه، في هذا اللقاء الذي حضره أيضاً الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أن "الحفاظ على وحدة الأراضي السورية مهم للغاية، وأي هجوم عسكري على شمال سورية يعود بالضرر حتماً على تركيا وسورية وكل المنطقة، وسيصب في مصلحة الإرهابيين".

وأضاف خامنئي أن الهجوم "لن يحقق الإجراء السياسي المتوقع من الحكومة السورية"، معلقاً، حسب الموقع، على تصريحات الرئيس التركي بشأن "المجموعات الإرهابية"، بالقول إنه "تجب مكافحة الإرهاب بكل تأكيد، لكن الهجوم العسكري في سورية يعود بالنفع عليهم، كما أن الإرهابيين ليسوا فقط مجموعة خاصة".

وفي معرض رده على طلب أردوغان للتعاون مع أنقرة بشأن مكافحة "المجموعات الإرهابية"، حسب ما أورده الموقع الإعلامي لمكتب خامنئي، أكد المرشد الإيراني "أننا سنتعاون معكم حتماً في مكافحة الإرهاب. نحن نعتبر أمن تركيا وحدودها من أمننا. وأنتم أيضاً اعتبروا أمن سورية من أمنكم".

وشدد المرشد الإيراني الأعلى على "ضرورة حل القضايا السورية عبر التفاوض بين إيران وتركيا وسورية وروسيا".

ووجه خامنئي انتقادات غير مباشرة لتركيا بسبب علاقاتها مع إسرائيل، قائلاً في السياق إنه "على الرغم من إقبال بعض الدول على الكيان الصهيوني، فإن الشعوب تعارض هذا الكيان بشكل كامل وعميق"، داعياً إلى "عدم الاتكال على أميركا والكيان الصهيوني".

وأضاف أن "الكيان الصهيوني الغاصب هو أحد أهم أسباب الخلاف والعداء في المنطقة وأميركا تدعمه"، مؤكداً على أهمية القضية الفلسطينية ودعمها وفشل الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة الأميركية في مواجهة الفلسطينيين.

وبشأن العلاقات الثنائية، اعتبر خامنئي أن حجم العلاقات والتعاون الاقتصادي لا يعكس الطاقات والفرص الموجودة في البلدين، داعياً إلى تعزيز هذا التعاون.

وبشأن أوضاع منطقة كاراباخ في القوقاز، المتنازع عليها بين أذربيجان وأرمينيا، أعرب المرشد الإيراني عن سعادته لعودة كاراباخ للأراضي الأذربيجانية، محذراً في الوقت نفسه من السعي لإغلاق الحدود الإيرانية الأرمينية، حيث قال: "إن كانت هناك سياسة لإغلاق الحدود بين إيران وأرمينيا، فالجمهورية الإسلامية الإيرانية سترفض ذلك، لأن هذه الحدود هي طريق التواصل على مدى آلاف السنين".

ودعا خامنئي إلى التعاون بين إيران وتركيا بشأن القضايا الإقليمية، قائلاً إن هذا التعاون "مفيد وضروري".

من جهته، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في هذا اللقاء أن "تركيا لم تسكت أبداً تجاه الظلم على إيران، ويجب تعزيز الأخوة بين إيران وتركيا على المجالات كافة"، حسب ما أورد الموقع الإعلامي لمكتب المرشد الإيراني.

وأشار أردوغان إلى رفض تركيا العقوبات الأميركية على إيران، قائلاً إنها "تدعم التوقعات الإيرانية المشروعة بشأن الاتفاق النووي"، ولافتاً إلى أن الحكومة التركية تشجع الشركات التركية للاستثمار في إيران.

وبشأن الوضع السوري، أكد الرئيس التركي أن "الموقف التركي بشأن وحدة الأراضي السورية واضح"، داعياً النظام السوري إلى "إطلاق المسارات السياسية"، وقال إن "القضية السورية على أجندة مؤتمر أستانة بشكل خاص ونأمل في الحصول على نتائج جيدة".

كما أجرى الرئيسان التركي والإيراني مباحثات خلف الأبواب المغلقة، وفق التلفزيون الإيراني.

وبعد اللقاء، وقع وزراء إيرانيون ونظراؤهم الأتراك على وثائق للتعاون المشترك في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية والرياضية.

وفي مؤتمر صحافي بعد اللقاء، أكد الرئيس الإيراني أن زيارة نظيره التركي تشكل "منعطفاً" لتوسيع العلاقات بين البلدين، مع قوله إنه بحث مع الرئيس التركي تعزيز العلاقات في مختلف المستويات، قائلاً إن مستوى العلاقات الاقتصادية بيننا "غير كاف" بالنظر إلى الطاقات والفرص الموجودة بينهما. وفي السياق دعا إلى رفع التبادل التجاري إلى 30 مليار دولار سنوياً.

وقال رئيسي إن مباحثاته مع أردوغان تناولت تعزيز التعاون الأمني بين البلدين في مجالات الحدود ومكافحة المخدرات و"الجرائم المنظمة" و"الإرهاب" وفي المنطقة، مشيراً إلى أنهما أكدا خلال اللقاء على "ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية".

وأكد أن "الإرهاب" له عناوين مختلفة وتجب مكافحته بغض النظر عن مسمياته، منتقداً التعامل مع "الإرهاب" وفق معايير مزدوجة واتهم الغرب بممارسة هذا السلوك، موضحاً أنه اتفق مع أردوغان على ضرورة مكافحة جميع أنواع الإرهاب، لافتاً إلى أنه بحث مع الرئيس التركي أيضاً القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.

بدوره، قال الرئيس التركي إن مباحثاته مع نظيره الإيراني تناولت الارتقاء بمستوى العلاقات بين البلدين، مثمناً سياسة الحكومة الإيرانية ورئيسها لتعزيز العلاقات مع الجيران، ولافتاً إلى أنهما تشاورا بشأن العلاقات الثنائية في المجالات السياسية والعسكرية والتجارية والاقتصادية والثقافية.

وأكد أردوغان أن البلدين يمكنهما اتخاذ خطوات مشتركة في مجالات الطاقة والصناعات الدفاعية والغاز المسال. وتحدث عن اتفاقه مع الرئيس الإيراني على ضرورة مكافحة المنظمات الإرهابية، وقال إن ذلك يكتسب "أهمية كبيرة"، ودعا إلى العمل المشترك في مواجهة هذه المنظمات.

وفي السياق، أشار إلى منظمات "ب.ك.ك" (حزب العمال الكردستاني التركي) و"بيجاك" (حزب الحياة الحرة الكردستاني الإيراني)، و"بي واي جي" (حزب الاتحاد الديمقراطي السوري) و"واي بي جي" (وحدات حماية الشعب الكردية السورية). وقال أردوغان إن هذه المنظمات تشكل خطراً على البلدين.

وأشار أردوغان إلى أن الاجتماع الثلاثي بشأن سورية بمشاركة الرئيسين الإيراني والروسي سيراجع عملية أستانة حول سورية وسيعمل على إحياء هذا المسار.

وخلال استقباله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مساء اليوم الثلاثاء، دعا المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي إلى طرد القوات الأميركية من شرق الفرات في سورية، وأكد على ضرورة منع وقوع هجوم عسكري تركي على سورية.

وشدد خامنئي وفق الموقع الإعلامي لمكتبه على ضرورة تنفيذ التفاهمات والاتفاقيات بين البلدين والحذر من "السياسات الغربية المخادعة"، مضيفاً أن "التعاون بعيد المدى بين إيران وروسيا يخدمهما بشكل عميق".

وتابع خامنئي أن "الأحداث العالمية تظهر حاجة إيران وروسيا إلى المزيد من التعاون الثنائي"، داعياً إلى تكثيف التعاون بين البلدين في مواجهة العقوبات الغربية.

وبخصوص الحرب في أوكرانيا، قال خامنئي إن "الحرب خشنة وصعبة، والجمهورية الإسلامية ليست سعيدة أبداً بمعاناة الناس".

وأكد المرشد الإيراني أن "الغرب يعارض وجود روسيا قوية ومستقلة"، معتبراً أن حلف شمال الأطلسي (الناتو) "كيان خطير، وإذا فتح المجال أمامه فلا يعرف حداً، ولو لم يتم التصدي له في أوكرانيا لأشعل هذه الحرب بذريعة جزيرة القرم".

وأضاف خامنئي أن "أميركا والغرب اليوم أضعف من قبل"، وأن تأثير سياساتهم في المنطقة قد تراجع.

من جهته، قال الرئيس الروسي إن سلوك الغرب لم يبق أمام بلاده إلا خيار الرد عليهم في أوكرانيا، لافتاً إلى أن العقوبات الغربية "تضر بالغرب نفسه ونتيجتها مشاكل، مثل ارتفاع أسعار النفط والأزمة الغذائية".

وأضاف بوتين إن طهران وموسكو بصدد استبدال العملات الوطنية بالدولار في علاقاتهما التجارية، مضيفاً أنهما يخططان لإيجاد آليات وأساليب بهذا الشأن.

وفي الشأن السوري، قال بوتين إن موقف إيران وروسيا موحد في رفض الهجوم على شمالي سورية، وأنه يجب إعادة شرق الفرات في سورية إلى سيطرة قوات النظام السوري.