العدد 1471 /28-7-2021

قالت مصادر مطلعة في مجلس النواب المصري إن الحكومة طلبت إرجاء مناقشات مشروع قانون الأحوال الشخصية (الأسرة) الجديد إلى دور الانعقاد السنوي المقبل للمجلس، بصورة مبدئية، وذلك لحين الانتهاء من إدخال بعض التعديلات على مواد القانون، لا سيما التي تواجه رفضاً من منظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق المرأة.

وأضافت المصادر أن رئيس المجلس، حنفي جبالي، قرر "تجميد" مشروع القانون المقدم من الحكومة عن الأحوال الشخصية، عقب صدور تعليمات من أجهزة الأمن لوسائل الإعلام ونواب البرلمان بـ"حظر الحديث عنه"، مستطردة بأن "لجنة التضامن الاجتماعي ستعقد جلسات حوار داخل البرلمان، في حضور عضوات من المجلس القومي للمرأة (رسمي)، عقب ورود تعديلات الحكومة على القانون".

وأفادت المصادر بأن الخلاف الحاصل حول مواد قانون الأسرة تدفع في اتجاه تأجيل مناقشاته إلى أبعد وقت ممكن، بل وإمكانية تجميد القانون تماماً على غرار ما حدث مع قانون الإدارة المحلية، والذي تعهدت الحكومة والبرلمان مراراً بإصداره، غير أن تعليمات صدرت من أجهزة سيادية بتعطيله، لما ينص عليه من مراقبة الأجهزة المحلية لخطط التنمية، وتهديده بوضوح عمليات "الإسناد المباشر" من الوزارات والمحافظات المختلفة للشركات التابعة للجيش.

ورجحت المصادر نفسها فض مجلس النواب دور انعقاده الحالي مطلع سبتمبر/أيلول المقبل، والذي بدأ في 12 يناير/كانون الثاني الماضي، بعد انتهاء المجلس من إقرار جميع التشريعات المرسلة إليه من الحكومة، وتجنب مخالفة المادة 115 من الدستور، والتي نصت على "استمرار دور الانعقاد العادي للمجلس لمدة تسعة أشهر على الأقل، وفض رئيس الجمهورية دور الانعقاد بعد موافقة المجلس".

ووافقت الحكومة المصرية على قانون الأحوال الشخصية الجديد في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، من دون الاكتراث بالملاحظات التي أبدتها جهات عديدة على بعض مواده، وما أثارته من مخاوف حول تنظيم النواحي الإجرائية والموضوعية المرتبطة بإجراءات الزواج والطلاق والخلع وحق رؤية الأطفال والنفقة.

وتشير إحصائيات المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية (حكومي)، إلى وجود أكثر من مليون قضية أحوال شخصية لم يُفصل فيها بعد أمام المحاكم المصرية، في وقت تعاني فيه نساء مصر وأطفالها من مواد القانون الحالي التي لا تنصفهم، وسط تحذيرات من مراقبين بأن "تعطيل الحكومة مناقشات القانون يستهدف المماطلة، وامتصاص الغضب، من دون إدخال تعديلات جوهرية على أحكامه".

بينما قدر "الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء" عدد المطلقات في مصر بأكثر من 5.6 ملايين على يد مأذون، بخلاف نحو 250 ألف حالة خلع. ويصل عدد أطفال الشقاق، المشتتين بين أسر مفككة تعاني خلافات زوجية مزمنة، إلى 15 مليون طفل تقريباً، والذين باتت مصائرهم مهددة جراء تجميد مشروع القانون.

وحظيت العديد من مواد المشروع بانتقادات واسعة، ومنها تحكم ذكور الأسرة في فسخ عقد الزواج إذا ما ارتأى الرجل "عدم التكافؤ"، حتى لو كان ضد رغبة المرأة، وكذلك في منع المرأة من السفر بعريضة تقدم خلال 24 ساعة، حتى لو كانت مطلقة أو معيلة، في حين لم يضع حلولاً جذرية لمشكلات مزمنة مثل قضايا النفقة والولاية التعليمية والطلاق لضرر، والتي يستمر نظرها لسنوات في محاكم الأسرة المصرية.

وفرض مشروع القانون نفقة مؤقتة للزوجة أو المطلقة أو الحاضنة، وصغارها، على المكلف بالإنفاق في حال استحقاق النفقة، وتوافر شروطها خلال 25 يوماً على الأكثر من تاريخ تقديم الطلب، علماً أنه يصعب في حالات كثيرة إثبات دخل الزوج في دعاوى النفقة، التي تزيد نسبتها عن 70% من إجمالي الدعاوى المقدمة أمام محاكم الأسرة في مصر، خصوصاً إذا كان الزوج من أصحاب المهن الحرة.

كما نظم التشريع الاستضافة بعدد ساعات لا يقل عن 8 ساعات، ولا يزيد على 12 ساعة كل أسبوع، ما بين الساعة الثامنة صباحاً والعاشرة مساءً، وفي هذه الحالة لا يجوز الجمع بين الرؤية والاستضافة خلال الأسبوع نفسه المتضمن الاستضافة. ويجوز طلب الحكم بالرؤية إلكترونياً، ويصدر قرار من وزير العدل بتحديد مراكز الرؤية الإلكترونية، ووسائلها، وتنظيمها.

وكانت أكثر من 300 منظمة نسوية وتنموية مصرية، وشخصية عامة، قد وقعت على بيان مشترك رفعت فيه مطالبها بما أطلقت عليه "ضرورات خمس مدنية لقانون الأحوال الشخصية"، الذي يتحكم في مصير ملايين السيدات والأطفال في مصر، مشددة على ضرورة بناء توافق معلن يجمع أطيافاً واسعة من المعنيين والمعنيات بشأن الأسرة المصرية، سواء كانوا متخصصين أو فاعلين بمنظمات المجتمع المدني، أو من المواطنين نساءً ورجالاً.

وتلخصت المبادئ الخمسة في "الاستناد إلى الدستور المصري ومبادئ حقوق الإنسان، وإقرار الشخصية القانونية والأهلية الكاملة للمرأة المصرية، والاستناد إلى مفهوم المواطنة في دلالاته من حقوق وواجبات متساوية بين الجنسين في الأسرة أمام القانون، بما يسهل من ولاية النساء على أنفسهن وأطفالهن".